البروفيسور حسن حاج علي: ما حدث له علاقة بالحرب على الإرهاب..السفير عثمان السيد: ستستمر العقوبات على السودان لهذه الأسباب..الفريق أول ركن جامع: الحكومة تحاول استرضاء أمريكا وفصلت الجنوب ولم يتغير شيء أجراه: عبد الله عبد الرحيم أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما تجديد العقوبات المفروضة على السودان، الأمر الذي ظل يحدث سنوياً منذ عام 1997، ولكنه جاء هذه المرة بوقع صادم، على خلفية التحركات بين المسؤولين في البلدين نحو ترقية العلاقات والسعي إلى إعادتها إلى وضع أفضل من سابق الأوقات الماضية، فيما يرى محللون أن قرار التجديد لا يعني شيئاً يذكر للخرطوم باعتبار أن الحكومة تمرست على تلك المطبات وخبرت دروب المخارجة إلى الممرات الآمنة، وقالوا إن واشنطن تحارب المواطن السوداني وليس الحكومة التى ظلت على الحكم لمدة «24» عاماً، في وقت ينظر آخرون إلى أن السياسة الأمريكية نحو السودان يجب أن تتحسن خاصة بعد إنجازها لطريق تحقيق السلام ومنح الجنوبيين حق تقرير مصيرهم الذي أفضى لتكوين دولتهم، بجانب التعاون في ملفات أخرى مهمة على رأسها قضية الإرهاب، الأمر الذي دعا البعض للقول إن المتنفذين داخل إدارة أوباما لا يرغبون في حصد صداقة الخرطوم. اشتراطات سابقة منها التسوية مع الجنوب عبر اتفاق السلام الشامل كان من الشروط الجوهرية التي ربطت الولاياتالمتحدة بين تحقيقها وبين إلغاء العقوبات، وهو الأمر الذي يبدو أن السودان تعامل معه باعتباره وعداً من الولاياتالمتحدة برفعها من عقوبات ظلت تفرض وتمدد والكثير من المتابعين قالوا إن العقوبات أدت إلى خنق السودان اقتصادياً وعطلت مسيرة التنمية وأسهمت في تدمير البنية التحتية سيما الاقتصادية منها لمنعها الكثير من الشركات من الاستثمار. كما أنها أقعدت الاقتصاد السوداني عن مسيرته الإيجابية. هذا وغيره الكثير من الموضوعات التي تطرق إليها الاستطلاع. فإلى تفاصيله: أمر روتيني يرى البروفيسور حسن حاج علي أن العقوبات الأمريكية أصبحت أمراً روتينياً يتم سنوياً، وهي كذلك ما لم تحدث تغييرات على العلاقات بين البلدين، قبل أن يضيف بقوله: حتى الآن لم تحدث تغييرات على العلاقات لأن تغيير العقوبات يتطلب مجهوداً كبيراً فيه قرار من الكونجرس الأمريكي وما زال اللوبي المناوئ للسودان داخل الحكومة الأمريكية له أدوار مختلفة، وبالتالي ما لم يحدث تغيير جوهري فستظل هذه الحالة على وضعها الراهن. واعتبر حاج علي في حديثه ل«الإنتباهة» أن ما يجري بسبب الحرب على الإرهاب جزء من مكونات العلاقة بأمريكا و هناك أجزاء أخرى مرتبطة بإسرائيل وتكويناتها وأخرى مرتبطة بالجنوب وقطاع الشمال أيضاً حاضر في هذه العلاقة المأزومة إضافة إلى توجهات الحكومة السودانية الإسلامية وسعيها إلى الاعتماد على الذات في وقت أمريكا تسيطر على العالم بأسره، لذلك كله لا أتوقع أن تنتقل العلاقة إلى مربع آخر ما لم تحل القضايا الأخرى بمختلف مكوناتها. وحول التأثيرات الاقتصادية يقول بروفيسور حاج علي إنها كبيرة خاصة فيما يتعلق بالسكك الحديدية التي تضررت كثيراً مما فرض من عقوبات إضافة إلى حرماننا من القروض الأمريكية وقطع الغيار الحديثة فيما يتعلق بالمصانع السودانية كمصنع سكر النيل الأبيض، كما أن تحويلات السودانيين العاملين بالخارج أيضاً معرضة لهذه العقوبات، وهذه أمثلة مما يمكن أن يتأثر بهذه العقوبات. ولذلك أنا أرى أن المخرج من هذا كله لا بد أن يحدث تغيير في جوهر العلاقة مع الإدارة الأمريكية. لست متفائلاً أما السفير عثمان السيد فقال في بداية حديثه عن العقوبات، بأنه غير متفائل كثيراً بأن تغير الإدارة الأمريكية موقفها فيما يختص بالعقوبات التي ظلت توقعها على السودان منذ بدايات حكومة الإنقاذ، وبالطبع هي عقوبات جائرة في حق السودان بالرغم من أن هناك جهداً مبذولاً بين الطرفين لإعادة النشاطات لواجهة العلاقة بين البلدين. وأضاف: أنا اعتبر هذه العقوبات إجراء روتينياً اتخذته الإدارة الأمريكية ولا يحتاج لبحث من الجانب السوداني. وزاد عثمان السيد بأنه يجب ألا نعول كثيراً على هذا الجانب، فالكل يعرف بأن العقوبات جائرة وظالمة ضد السودان وأنها ظلت تعطل الكثير من المصالح والأموال السودانية وتجمدها في المصارف الأمريكية بدون وجه حق. وأن النظام الدولي بمفهومه الحديث وعلى قمته الولاياتالمتحدةالأمريكية نظام جائر. إضافة لذلك فإن هناك دولاً كثيرة تمارس الإرهاب بصور متفاقمة وبشكل مفتوح، ولكننا نجد أن أمريكا تغض الطرف عنها وتتجاهلها لأسباب ندركها جيداً. فالعقوبات ليست مبنية على أسس منطقية وليست بشفافية مقبولة، ولذلك لا أتوقع أن ترفعها أمريكا عن السودان قريباً، فيما أدعو ألا تؤثر فينا وينبغي على الحكومة أن توصلهم لنهاية الطريق. ثلاثة أهداف لاستكمال العلاقات ويقول الأستاذ عبد الله آدم خاطر الخبير والمحلل السياسي المعروف أن السياسة الأمريكية كانت واضحة جداً عندما وضعت ثلاثة أسباب لاستمرار العلاقات مع السودان، وقالت إنها لم تستكمل تعاونها معه إلا بعد هذه الثلاثة متغيرات التي يجب أن تراعيها الحكومة السودانية وتعمل على إنجازها. وحدد خاطر ثلاث نقاط في قوله تعاون الحكومة مع أمريكا على القضاء على الإرهاب، بجانب تعاونها لإنجاز الحل السلس لإزمة الجنوب، إضافة لحل أزمة دارفور. ورغم أن السودان قد قطع شوطاً كبيراً في إنجاز هذه الثلاثة شروط إلا أن المجتمع الدولي ما زال يضع السودان مع مجموعة الدول الراعية للإرهاب كإيران ومجموعة حسن نصر الله، وهؤلاء هم مكونات الإرهاب بحسب منظورهم. غير أن الأستاذ عبد الله ربط ما يجري على الساحة بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة في سبيل الحصول على تعاون مع أمريكا ولكنها فشلت في ذلك، ويقول إنها ورغم التقدم الذي حدث في ملف الجنوب إلا أنها لم تصل للنهايات، أما قضية دارفور فهي أيضاً حدث فيها تقدم كبير إلا أن الأزمة لا تزال قائمة ولذلك فإذا ما استمرت الإدارة الأمريكية في وضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب فهذا بمثابة دعوة للحكومة السودانية وللمجتمع السياسي لتطوير الوسائل للوصول لوحدة سياسية وعلاقة سلام مع دول الجوار. سياسة ترويض من جانبه يرى سعادة الفريق أول ركن محمد محمود جامع الخبير العسكري والمحلل السياسي بأنه لا2 يوجد مستحيل في عالم السياسة، ولكنه يرى أن المعطيات الواضحة أن السياسة الأمريكية تجاه السودان سياسة ترويض وتطويع للسياسات السودانية تجاه تحقيق أهدافها المعلن عنها والخفي. وقال إن كل سياساتها في السنوات الماضية كانت عبارة عن كروت ضغط ترفعها ضد السودان، وبرأيي أنه لم يحدث للسودان شيء منها رغم أن الأبواب ما زالت مغلقة. ويقول جامع إن أمريكا تريد من السودان أشياء ترى أنها يجب أن تتنزل على الأرض هنا وهو تقسيم السودان ولا بد أن يحكم بواسطة حاكم غير عربي مسلم، ويضيف أن ردة الفعل الحكومي تجاه هذا، أن الحكومة تريد أن ترضى عنها أمريكا، ولذلك ذهبت بفصل الجنوب إلا أن السياسات الأمريكية ما زالت ذاتها، وقال إنه يرى أن تكون ردة الفعل الصحيحة أن تقوم الحكومة بالعمل لمصلحتها وأن تبحث عن المعسكر الآخر المقابل الذي يمكن أن يقدم الحكومة للأمام وبغير هذا لا جديد سيطرأ على هذا الملف. فواتير قديمة ولكن دكتور جمال رستم المحلل السياسي فإنه يشير في حديثه ل«الإنتباهة» إلى المشكلات الأساسية بين الحكومة والإدارة الأمريكية منها التوجهات الحكومية وهجمة 11سبتمبر والشعارات التي رفعتها الإنقاذ كبداية لمشروع إسلامي في المنطقة تشكل عوائق للتوجهات الأمريكية إضافة لذلك إشكاليات حرب الخليج ودعم الحكومة لنظام صدام حسين. كل هذه فواتير ظلت تدفعها الحكومة اليوم. ولكن رستم يقول ل «الإنتباهة» إن البداية في تأزيم العلاقات أن السودان أصبح جسراً لدخول الصين لإفريقيا وأصبحت الصين من بعد تنافس أمريكا في مصالحها داخل القارة الإفريقية خاصة موضوع البترول وخروج شركات شيفرون الذي اعتبر تهديدا كبيرا جداً للمصالح الأمريكية، فهذا أحد الأسباب التي أدت لتدهور العلاقات بين السودان وأمريكا. وأضاف جمال أن مشكلة الجنوب واحدة من عوامل الشد والجذب في مسيرة الأزمات، وقد ظهر هذا لدى زيارة المبعوث الأمريكي أخيراً للبلدين، وكان الناتج أن شددت أمريكا من خطابها تجاه السودان برغم ما ظل يقدمه السودان من معاونة في القضاء على الإرهاب بحسب ما تزعم الإدارة الأمريكية، ويجمل رستم ذلك كله أن جعل الحكومة تنظر لأمريكا بعدم الثقة بالرغم من أنها ظلت تسعى لتصحيح علاقات التعاون المشترك، وظلت تنتظر شطب اسمها من قائمة الإرهاب ولكنه لم يحدث!! وسيلة التعاون ويضيف د. جمال إن ذلك ناتج من مجموعة الضغط واللوبي في أمريكا ضد السودان إضافة للأوضاع الداخلية في السودان التي منحت أمريكا فرصة التدخل في السياسات الداخلية وجعلها تنظر لحكومة المؤتمر الوطني بأنها لا تصلح شريكاً في المستقبل، الشيء الذي أدى إلى تعثر العلاقات بين البلدين. وحول الأثر الاقتصادي يقول رستم إنها أثرت في السودان كثيراً وحرمته من الكثير من المساعدات ومن القروض التي كان يمكنها معالجة الأزمات الاقتصادية الطاحنة، وذلك لأن الأنظمة التي تصنف ضد السياسات الأمريكية تحرم من كل المعونات الدولية، ولكن هناك تعاونا قليلا في إطار الصمغ العربي وهذا لحاجة أمريكا له. ويؤكد رستم أن الوضع يتطلب أن تسعى الحكومة للوصول لوسيلة تعاون مع أمريكا باعتبار أنه مفيد للدولة ويجعل السودان ينفتح أكثر على المجتمع الدولي. عقوبات «كونجرسية» ولكن الخبير الاقتصادي الدكتور عصام بوب يرى أن الإجراء الراهن هو عقوبات متخذة ومفروضة من مجلس الكونجرس الأمريكي ولا يمكن أن يلام عليها أوباما، فهو مجرد وسيط وإذا لم يقم بفرضها فسيتعرض مستقبله السياسي للحرق. ويقول بوب ل«الإنتباهة» إن العقوبات بفهم الكونجرس الأمريكي تفرض على الدول التي تنتهك فيها الحقوق، وتتبع فيها سياسات غير ديمقراطية، والسودان أحد تلك الدول، لذلك فرض العقوبات عليه قرار متوقع. ويرى أن ما أثير من ضجة مصاحبة لهذا القرار أنه ضجة إعلامية ليس لها مبرر واضح. ويرى أن الجزاءات هذه آثارها ممتدة، ولكن أثرها الراهن يبدو من الموقف الأمريكي فقط، فيما أرجأ أن يقوم المجتمع الدولي كله بمحاصرة السودان، وذلك لأنه يأتمر بأمريكا، فلا البنك الدولي ولا الأوربيون سيتعاملون مع السودان مستقبلاً. وأبدى بوب تخوفه من أن يتعرض العرب لضغط أمريكي توقف من خلالها دعمها وتعاملها مع السودان.