غوغل تختبر ميزات جديدة لمكافحة سرقة الهواتف    بعرض خيالي .. الاتحاد يسعى للظفر بخدمات " محمد صلاح "    ((هولاء رجالي فجئني بمثلهم ياجرير))    راشد عبد الرحيم: عودة المصباح    مصطلح الكسرة في السودان يعني الرشوة ولا تقل خطرا من بندقية حميدتي    "أشعر ببعض الخوف".. ميسي يكشف آخر فريق سيلعب لصالحه قبل اعتزاله    بعد انحسار الأزمة.. الاقتصاد يعزز التوافق بين الرياض والدوحة    ميسي: هذا النادي سيكون وجهتي الأخيرة    امرأة تطلب 100 ألف درهم تعويضاً عن رسالة «واتس أب»    شاهد بالفيديو.. في أجواء جميلة.. لاعبو صقور الجديان يحملون علم جنوب السودان عقب نهاية المباراة ويتوجهون به نحو الجمهور الذي وقف وصفق لهم بحرارة    الدولار يسجل ارتفاعا كبيرا مقابل الجنيه السوداني في البنوك المحلية    "ضحية" عمرو دياب يريد تعويضا قدره مليار جنيه    شاهد بالفيديو.. الفنانة إيمان الشريف تغني لصقور الجديان عقب الفوز على جنوب السودان وتنشر أهداف المباراة (السودان بي جيوشو فيهو رجال بحوشو)    شاهد بالفيديو.. الجيش يتمدد في أم درمان ويقوم بتنظيف السوق الشعبي والمناطق المجاورة له    عائشة موسى تعود إلى الواجهة    ناشط جنوب سوداني يكتب عن فوز صقور الجديان على منتخب بلاده: (قاعدين نشجع والسودانيين يهتفوا "دبل ليهو" ولعيبة السودان بدل يطنشوا قاموا دبلوا لينا..ليه ياخ؟ رحمة مافي؟مبروك تاني وثالث للسودان لأنهم استحقوا الفوز)    الشراكة بين روسيا وقطر تتوسع في كافة الاتجاهات    ابو الغيط: استمرار الحرب في السودان يعجز الدولة عن القيام بدورها    القصور بعد الثكنات.. هل يستطيع انقلابيو الساحل الأفريقي الاحتفاظ بالسلطة؟    قطر ياأخت بلادي ياشقيقة،،    هدية معتبرة    "فخور به".. أول تعليق لبايدن بعد إدانة نجله رسميا ..!    الهروب من الموت إلى الموت    ترامب معلقاً على إدانة هانتر: سينتهي عهد بايدن المحتال    شرطة مرور كسلا تنفذ برنامجا توعوية بدار اليتيم    تُقلل الوفاة المبكرة بنسبة الثلث.. ما هي الأغذية الصديقة للأرض؟    4 عيوب بالأضحية لا تجيز ذبحها    عدوي: السودان يمر بظروف بالغة التعقيد ومهددات استهدفت هويته    قصة عصابة سودانية بالقاهرة تقودها فتاة ونجل طبيب شرعي شهير تنصب كمين لشاب سوداني بحي المهندسين.. اعتدوا عليه تحت تهديد السلاح ونهبوا أمواله والشرطة المصرية تلقي القبض عليهم    نداء مهم لجميع مرضى الكلى في السودان .. سارع بالتسجيل    شاهد بالفيديو.. الراقصة آية أفرو تهاجم شباب سودانيون تحرشوا بها أثناء تقديمها برنامج على الهواء بالسعودية وتطالب مصور البرنامج بتوجيه الكاميرا نحوهم: (صورهم كلهم ديل خرفان الترند)    الإمارات.. الإجراءات والضوابط المتعلقة بالحالات التي يسمح فيها بالإجهاض    إسرائيل: «تجسد الوهم»    الإعدام شنقاً حتى الموت لشرطى بإدارة الأمن والمعلومات    اللعب مع الكبار آخر قفزات الجنرال في الظلام    انقطاع الكهرباء والموجة الحارة.. "معضلة" تؤرق المواطن والاقتصاد في مصر    نصائح مهمة لنوم أفضل    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    بنك السودان المركزي يعمم منشورا لضبط حركة الصادر والوارد    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    من هو الأعمى؟!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغنوشي: استنساخ السيناريو المصري في تونس هذيان سياسي
نشر في الانتباهة يوم 11 - 11 - 2013

مع المخاض السياسي الذي تعيشه تونس والأحداث التي تعيشها مصر، اتجهت الأنظار إلى حركة النهضة التونسية التي، في انتظار استئناف الحوار الوطني، باتت أول حركة سياسية في العالم العربي بغض الطرف عن مرجعيتها الفكرية تتخلى عن السلطة وتقبل بتقاسمها مع الأطراف الأخرى. وكانت هناك أسئلة بحاجة إلى الجواب منها حقيقة نوايا الحركة، ورؤيتها لمستقبلها ومستقبل بقية الأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية في الدول العربية. حيث اعتبر الغنوشي أنّه في الوقت الذي قطعت بلاده شوطًا مهمًا في عملية الانتقال، فإنّ مصر مازالت تعيش زخم الثورة، مشيرًا أيضًا إلى أنه لا يرى نفسه منافسًا للشيخ يوسف القرضاوي. وتوجهت صحيفة البلاد الجزائرية ببعض من تلك الأسئلة إلى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي حرص على التأكيد في حواره على أن حركته مدنية سياسية، وأنه لا مستقبل لتونس وحتى بقية الدول التي تعيش أوضاعًا مشابهة إلا بالتوافق.
بداية هل يمكن القول بان الحور التونسي في طريق مسدود؟
- الحوار لا يمكن أن يكون في طريق مسدود لأن الحوار هو الذي بفتح الطرق والأبواب المغلقة. نحن لا نعتبر الحوار مجرد خيار، بل هو قدرنا كتونسيين، نختلف في مقاربتنا السياسية والفكرية ما شئنا ولكنا نشترك جميعنا في حبنا واخلاصنا لوطننا الذي حررناه من الاستبداد والاستعباد ونسعى لبنائه على أسس العدالة والكرامة والحرية. إن الحوار الناعم والسالك لا يوجد إلا في أذهان الحالمين أو في الجمهورية الفاضلة ما يكابده مسار الحوار اليوم في تونس من مشقة وتعثر هو في تقديري ظاهرة صحية ومؤشر إيجابي بأن كل الأطراف جادة في التوصل إلى توافقات حقيقية تنهي هذه المرحلة الانتقالية بأمان ونجاح.
لماذا تتمسك حركة النهضة ب«أحمد المستيري» كمرشح لخلافة علي العريض على رأس الحكومة؟
- حركة النهضة لم تتقدم بأي مرشح لمنصب رئيس الحكومة واكتفينا بدعم مرشح حزب التكتل ونحن نحترم كل المرشحين المقترحين ولن نقدح في أي واحد منهم، لكننا متمسكون بكل قوة واصرار على احترام المعايير التي توافقت عليها لجنة اختيار رئيس الحكومة وخاصة منها مسألة الحياد والوفاء لقيم الثورة والديمقراطية، ولا أعتقد أن عاقلاً يمكن أن يشكك في قيمة السيد أحمد المستيري السياسية وفي رصيده النضالي وفي خلفيته الديمقراطية.
ألا تتوجسون من تفاقم الأزمة بعد فشل الحوار الوطني؟
- إن تعطل الحوار في الفترة السابقة قد فوت على تونس وقتًا ثمينًا وأهدر فرصًا عديدة لتحقيق التوافق والتقدم في مجال العملية التأسيسية، لكن تغليب منطق الحكمة من طرف كل الأطراف في الآونة الأخيرة وقبولهم بمبدأ الجلوس إلى مائدة الحوار مع بعضهم قد أحيا في نفوسنا وفي نفوس كل التونسيين آمالاً جديدة أعادت الثقة في هذه الطبقة السياسية المحكوم عليها بالتعايش والنجاح في ما أؤتمنت عليه من قبل الشعب والأجيال القادمة.
هل تونس ما تزال بعيدة في نظركم عن السيناريو المصري؟
- إن السناريو المصري لا يوجد إلا في ذهن بعض العقول المحبطة والحالمة، وإن الحديث عن اعادة استنساخه في تونس هو من قبيل الهذيان السياسي، فالشعب الذي صنع ثورته لا يزال يقضا ولن يتخلى عنها وسيحميها، ثم إن المؤسسة العسكرية الوطنية التي يراهنون عليها هي شريكة في الثورة دعمتها وأسندتها وهي اليوم تحميها من كل المخاطر التي تهددها، فكيف يحلم الانقلابيون المغامرون بحشر الجيش في مخططاتهم اليائسة وهم يعلمون جيدًا أن جيشنا الوطني هو الذي حمى الثورة بالأمس ويفديها اليوم بدماء أبطاله في الشعانبي وباجة وسيدي بوزيد وفي مكثر وفي كل شبر من أرض تونس. وأرى أنه هو الطريق الملكي الموصل لبرّ الأمان وهو الضمان لتجنيب تونس كل مخاطر الفوضى والمجهول، الديمقراطية في تونس تخطو خطواتها الأولى وهي في حاجة إلى حكمة وشجاعة كل أبنائها ونخبها، نمضي، نتعثر، ننهض ثم نستأنف المسير يحدونا الأمل وإرادة النجاح ويدفعنا العزم على تذليل كل الصعوبات التي تعترض طريقنا.
هل كانت لكم لقاءات مع الرئيس محمد مرسي أثناء الفترة الأخيرة قبل 3 يوليو الماضي؟
- لقد التقيت الدكتور مرسي في مناسبات عديدة ودارت بيننا نقاشات هامة وعميقة في قضايا عديدة تتعلق بمسار الانتقال الديمقراطي وقد وجدت عند الرجل رؤية عميقة في كيفية إدارة عملية التحول الديمقراطي ولمست فيه إيمانًا راسخًا بقيم الديمقراطية والحرية.
هل حاولتم إقناعه وإقناع حركة الإخوان المسلمين في مصر بضرورة التوافق تمامًا مثلما فعلتم في تونس؟
- لقد تبادلنا أفكارًا ورؤى عديدة في مسألة ترسيخ الديمقراطية وإشاعة ثقافة التعايش بين مختلف الاتجاهات الإيديولوجية والسياسية في مجتمعاتنا العربية بدل ثقافة التناحر والإقصاء والتقاتل.
هل لحظتم من فروق بين حركة النهضة التونسية وحزب مرسي في مصر؟
- تونس هي مهد ثورات الربيع العربي وهي اليوم تحمل آمال كل الشعوب التائقة للحرية والعدالة وإن نجاح ثورتها في تحقيق أهدافها هو تحدّ كبير ومسؤولية إنسانية تقع على عاتق الشعب التونسي. وقد بقيت الشمعة الوحيدة المضيئة في منطقة مهددة بالانتكاس والسقوط في ممارسات الاستبداد من جديد، نحن بثورتنا المجيدة ألهمنا شعوبًا كثيرة فجرت غضبها في وجه دكتاتوريات وآمنت بقدرتها على صنع مصيرها، وبنجاحنا اليوم في إرساء دولة العدل والديمقراطية في تونس نكتب فصلاً جيدًا في ملحمة انتصار إرادة الشعوب والحياة على إرادة الطغيان والموت، نحن داخل حركة النهضة نستشعر عظم هذه المسؤولية بأبعادها الوطنية والإنسانية ونحاول كطرف سياسي مسؤول في إطار تحالف الترويكا إدارة العملية السياسية بأكبر قدر من الحكمة والمرونة والتعقل ونحرص على إعطاء البعد الوطني الأولوية المطلقة في رسم خياراتنا السياسية والحزبية، لم نتصرف كحزب مهيمن وإنما تعاطينا مع شركائنا كجزء من الصف الوطني الموحدة إدراكًا منا أن نجاح الديمقراطية هو نجاح لكل التونسيين سلطة ومعارضة ونخبة وشعبًا.
فتونس لن يحكمها طرف واحد مهما كان حجم انتشاره الجماهري وإنما يحكمها التوافق والتوحد بين أبنائها وخاصة نخبها السياسية والمدنية. أما الثورة المصرية فمازال الغضب فيها حيًا وما زالت تحمل سمات الثورات الناجحة وهي في طريقها إلى تحقيق آمال شعبها في النهاية.
ما هو الحال الآن للخروج من أزمة «فشل الحوار»؟
هل بإمكان النهضة القبول بشخصية أخرى توافقية غير الأسماء المطروحة حاليًا؟
- نحن نتفاعل مع كل الأفكار الجادة والواقعية فالطبقة السياسية في تونس تتميز بحيويتها وقدرتها على توليد الأفكار الجديدة والعبقرية وكلي ثقة في قدرة العقل السياسي التونسي الذي أدهش العالم بثورته الحضارية على إيجاد الحلول المناسبة لهذه الأزمة السياسية . في تونس يقال المستحيل ليس تونسيًا وأنا أقول نحن لا نعرف الفشل ننتصر أو ننتصر.
ما تعليقكم شيخ راشد على تصريحات الرئيس منصف المرزوقي التي قال فيها اليوم بأنّه مستعد للإفراج عن شاب محكوم عليه بالسجن بعد نشره رسومًا كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم؟
نحن نؤيد حرية الإبداع وحرية التعبير وقبلنا في الدستور بمبدأ حرية الضمير لكننا ككل التونسيين شديدو التعلق والارتباط بهوينا ومقدساتنا، لن نسمح بالتعدي أو الإساءة إلى رموز ديننا، نختلف، نفترق، نتقاطع لكننا في المقدسات على قلب رجل واحد. أما عن نية الرئيس منصف المرزوقي في إطلاق سراح الشاب الذي نشر رسومًا كاركتورية مسيئة للرسول صلى الله علية وسلم، فنحن نعلم خلفية الرجل الحقوقية والتي نجلها ونحترمها ونقدر منطلقاته الإنسانية كرئيس لكل التونسيين ونعلم كذلك حرصه كواحد منا على احترام مشاعرنا الدينية لكننا نحسب أن هذه الخطوة قد تأتي في إطار منحه فرصة المراجعة والنقد الذاتي لمراهق يفتقر بالتأكيد للنضج قد يكون وقع ضحية اندفاعه وقلة نضجه أو انسياقه وراء الدعوات الحاقدة والمغرضة التي تسعى بعض الأطراف من خلالها إلى إثارة القلاقل والفتن بين أبناء الوطن الواحد. علمًا أن الرئيس يمنحه الدستور الحق فيمنح العفو الخاص.
مع الإشارة إلى السابقة التي جعلت من حركة النهضة أول حركة ذات مرجعية دينية وربما أول حزب ديني وعلماني في التاريخ العربي والإسلامي يتخلى عن السلطة، في أي إطار تضعون هذا؟ هل هو اعتراف بالفشل؟ أم تضحية؟
- نحن وصلنا إلى السلطة عبر الانتخابات ولم تكن السلطة في يوم من الأيام غاية بحد ذاتها في مسيرتنا النضالية، نحن ناضلنا من أجل مشروع حضاري متكامل يهدف إلى إقامة مجتمع الحرية والكرامة والرخاء المادي والروحي، ليس من أجل الكراسي. واليوم وبعد أن من الله علينا بزوال دولة الاستبداد والفساد وشرعنا في وضع أسس دولة الديمقراطية والعدالة علينا أن نعمل أولاً على ترسيخ ثقافة الديمقراطية بما هي الحاضنة الضرورية لنجاح أي انتقال ديمقراطي في حياة الشعوب. نحن اليوم حكومة ومعارضة أمام اختبار حقيقي لتجذير واثبات مدى ارتباطنا الفعلي بالفكر الديمقراطي المستنير ومدى تعلقنا بمنظومته القيمية والأخلاقية. كل الأزمات التي مررنا بها على امتداد السنتين الفارطتين كانت محطات للفرز والتعبئة داخل الأحزاب والتنظيمات السياسية والمدنية، علينا أن نؤكد للعالم بأسره جدارتنا كنخبة لإدارة هذه العملية الانتقالية المصيرية.
أما مسألة النجاح أو الفشل في تجربة الحكم فهي تبقى قضية نسبية وهذا طبيعي في سياق المراحل الانتقالية، النجاح الحقيقي اليوم سيكون في قدرتنا على ايصال البلاد إلى برّ الأمان الديمقراطي بعد الانتهاء من كتابة دستور تونس الجديد الذي يترجم روح ثورتها المجيدة ثم المرور إلى انتخابات حرّة ونزيهة وديمقراطية تؤمن الانطلاق الفعلي لمرحلة الاستقرار السياسي الدائم في ظل دولة القانون والحريات والعدالة وحقوق الإنسان والمواطنة.
وماذا بعد؟ هل ستعودون إلى المعارضة؟ وهل هو اعتراف بأن دور الأحزاب الدينية في الدول العربية هو في المعارضة أساسًا؟
- نحن لسنا حزبًا دينيًا، نحن حركة سياسية ديمقراطية مدنية وحداثية متجذرة في هويتها الحضارية والثقافية ومنفتحة على كل التجارب الكونية، نؤمن بمبدأ التداول السلمي على السلطة ونسعى إلى ارساء قواعد وتقاليد التعايش السياسي والفكري الديمقراطي في محيط مشبع بثقافة الاستبداد والإقصاء.
النهضة جزء أصيل من مسيرة التحرر السياسي من الاستبداد وهي اليوم ضلع رئيسي في عملية البناء الديمقراطي الوطني وكما أبلت بلاءها في تركيز دولة الديمقراطية من موقع سدة الحكم ستواصل مسيرة العطاء بنفس العزم والإرادة في أي موقع كانت، فمن مزايا النظام الديمقراطي أن جميع مكونات المجتمع السياسية والمدنية والإعلامية والنخبوية هي جزء من معادلة السلطة حتى وإن كانت خارج الحكم. نحن مستعدون للخروج من الحكم من أجل استكمال عملية الانتقال الديمقراطي ومن أجل المستقبل، تونس تتسع للجميع وسيحكمها اليوم وغدًا التوافق والتعايش الحضاري بين كل أبنائها على اختلاف انتماءاتهم السياسية والايديولوجية.
هل التخلي اعتراف بأنّ بقاءكم في السلطة منذ 23 أكتوبر 2012«بعد مضي سنة على الانتخابات» هو اعتراف بعدم شرعيتكم بعد ذلك التاريخ؟
- الشرعية في النظم الديمقراطية لها طريق واحد هو الآلية الانتخابية لا غير، لا أحد يملك حق منحها أو سحبها متى يشاء وكيف يشاء. هذه الحكومة استمدت شرعية وجودها من المجلس التأسيسي المنتخب شعبيًا وديمقراطيًا واذا تخلينا نحن اليوم فمن أجل المصلحة العليا للوطن ومن أجل التوافق الذي طالما آمنا به ودعونا إليه وعملنا على تجسيمه في أرض الواقع، بعيد انتخابات 23 أكتوبر 2011 وجهنا نداء لكل الأطراف السياسية دون استثناء للانضمام إلى حكومة وحدة وطنية تقود المرحلة الانتقالية، اعتقادًا منا أن المرحلة التأسيسية تحتاج إلى شراكة سياسية واسعة وإلى جهود كل الأطراف والأحزاب والمنظمات الوطنية ورغبة منا في تسهيل وتسريع عملية البناء الديمقراطي.
ما الذي لم تتوقعوه في المجتمع التونسي واعترضتموه خلال تجربة الحكم حتى الآن؟
- إن تجربة الحكم بعد ثورة أنهت حكمًا استبداديًا ودكتاتوريًا امتد على فترة عقود طويلة ليس مسألة سهلة. لقد خلف الاستبداد شروخًا عميقة في نسيجنا المجتمعي وجروحًا غائرة في وعينا الجمعي، وإن تفكيك بنيته النفسية والثقافية تحتاج وقتًا وصبرًا وتوحيدًا لكل الجهود المؤمنة بالخيار الديمقراطي.
صحيح أن سقف انتظارات الشعب التونسي بعد الثورة كان عاليًا جدًا وهذا عمَّق حجم التحديات التي واجهناها في الحكم، لكننا كنا ندرك مسبقًا أن هذا طبيعي وانه تحد يستحق شرف المحاولة.
تروج أنباء حول احتمال خلافتكم للشيخ يوسف القرضاوي - هل من تأكيد أو نفي؟
- إنّ الشيخ يوسف القرضاوي هو شخصية وسطية مرموقة وهو مدرك تمامًا مخاطر التشدد وقد سخَّر فكره لتحصين الشباب المسلم من التطرف والتشدد، كذلك هو مفكر مجدد في قضايا الفكر الاسلامي المعاصر وخاصة منه المتعلق بالقضايا السياسية وقد أحيا بإسهاماته الفكرية مجال الاجتهاد والتحديث في الفقه الإسلامي، وأنا لا أرى نفسي منافسًا له على رئاسة الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين.
هل تعتبرون أنّ حركة الإخوان المسلمين وغيرها من الأحزاب المشابهة «المعتدلة» في سوريا قد خسرت الساحة لمصلحة الأكثر تشددًا والعلمانية؟ ما الذي ينقصها؟
- إن حركة الإخوان المسلمين في سوريا هي جزء من مكونات المشهد السياسي والوطني السوري، تعرضت كغيرها من فصائل المعارضة السورية إلى أبشع أشكال التنكيل والاضطهاد والإقصاء طيلة عقود طويلة من الاستبداد والقمع الدموي الفاشي والذي راح ضحيته آلاف السوريين الأبرياء. إن ثورة سورية جاءت لتحرر الإنسان بصرف النظر عن هويته الطائفية والسياسية والدينية، فوحشية النظام السوري لم تستثن أحدًا حتى من ابناء طائفته العلوية فضلاً عن الأقليات الدينية والاثنية كالمسيحيين والأكراد وغيرهم. وهذا خلق بيئة اجتماعية جاذبة لكل أصناف التطرف والإرهاب والغلو والتشدد.
إنّ مسؤولية المجتمع الدولي اليوم أمام ما يحصل في سوريا من جرائم ليس فقط ضد الإنسانية بل ضد الحضارة هي مسؤولية جسيمة. فكيف لنا أن نقبل بالعيش في نفس العالم الذي تحصل فيه المذابح الوحشية ضد الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين العزل بشتى أنواع الأسلحة المحرمة كالكيماوي والقنابل الانشطارية والفراغية وغاز السارين وغيرها. ومسؤوليتنا اليوم كشعوب متحضرة أن نمنع هذا الجنون وان نحمي قيمنا الإنسانية والحضارية التي تنص عليها المواثيق الدولية وعهود حقوق الإنسان والشعوب.
يتهم الكثيرون الأحزاب الدينية بأنها وصلت إلى السلطة في دول الربيع بفضل مساعدة الولايات المتحدة وبريطانيا... والأن نلاحظ اتهامات من أنصار الحركات الدينية لواشنطن وغيرها بتسهيل الانقلاب على مرسي... كيف ترى ذلك؟
- لا بد من رفع الالتباس الحاصل لديك حول هوية حركة النهضة السياسية، نحن لسنا حزبًا دينيًا ولا نتحدث باسم الإسلام وليس لدينا أي تفويض الهي لنحكم باسم الله في الأرض، بل نحن حركة سياسية مدنية ديمقراطية نخضع لقوانين العقد السياسي والاجتماعي الذي نتوافق عليه مع شركائنا في الوطن، نحن نستلهم من الإسلام العظيم قيمه الإنسانية والأخلاقية الخالدة لنؤسس لدولة المواطنة والحقوق وتجربتنا شبيهة بنموذج الحزب المسيحي الديمقراطية في أوروبا، فالحزب الحاكم في ألمانيا مثلاً ليس حزبًا دينيًا وليس ممثلاً للمسيحية بل هو حزب سياسي يستمد من عمق المسيحية الروحي قيمه الأخلاقية أرضية لبرامجه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. لذلك فإن دعم أمريكا وبريطانيا لثورات قامت على أساس المطالبة بحياة ديمقراطية حرة وعادلة هو مسؤولية وواجب سياسي وأخلاقي على عاتق هذه الدول العريقة في مجال الحريات وحق للشعوب التي تدين لكل العالم الحرّ بالوقوف إلى جانبها في حقها المشروع في الكرامة والحرية والمساواة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.