تجديد العقوبات الأمريكية على السودان أثار موجة غضب واسعة من قبل المسؤولين في البلاد على الرغم من مساعي الحكومة السودانية لارضاء سيدة العالم بشتى الطرق على ستة عشر عاماً إلا أن جميع تلك المحاولات ذهبت أدراج الرياح. ولعل التبريرات التي صاغها الرئيس أوباما باستمرار حكومة السودان في الإجراءات والسياسات المعادية لمصالح الولاياتالمتحدة الأمر الذي يشكل تهديداً مستمراً وغير عادي للأمن القومي. والسياسة الخارجية للولايات المتحدة ظلت تفنّد تلك الاتهامات في حق حكومة المؤتمر الوطني إلا أن العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة عليه منذ 1997 تمثل حجر عثرة في تهاوي البلاد اقتصادياً الذي يحاول القائمين بأمره الخروج به من نفق السقوط عبر فتح علاقات دولية واستثمارات أجنبية واستمرار العقوبات يشكل عزلة اقتصادية دولية فتوتر العلاقات مع واشنطن والخرطوم وإدراج الأخيرة في قائمة الدول الراعية للإرهاب فرض عقوبات اقتصادية تشمل حظر كل أنواع التعامل التجاري والمالي بين البلدين، ومنذ ذلك التوقيت يجدد الرئيس الأمريكي سنوياً قانون العقوبات الأمريكية على السودان، ويرى خبراء اقتصاديون أن أبرز الآثار السلبية للعقوبات هي حرمان السودان من التحويلات المالية، ما جعله على الدوام يعاني عجزًا في ميزان المدفوعات، وافتقار قطاعات حيوية مثل القطاع الزراعي والصحي وقطاع النقل للتقنيات الحديثة التي تسيطر عليها الشركات الأمريكية، أو الحصول على تمويل من صندوق النقد والبنك الدوليين. تعد خطوة البرلمان في دعوة حكومته بمعاملة واشنطن بالمثل ومنع تصدير الصمغ العربي لها أثر تجديد العقوبات عليها محاولة لرفع صوت الرفض للضغوط الأمريكية دون المراعاة للظروف الاقتصادية وهذا ما أكده أمين مجلس الصمغ العربي د. عبد الماجد عبد القادر حيث وصف دعوة البرلمان لمنع تصدير الصمغ العربي بغير العملية ولا يمكن تطبيقها في الميدان وغير مجدية نظرياً بجانب أنها مكلفة اقتصادياً ومضرة لاقتصاد البلاد في وقت يحتاج فيه الاقتصاد إلى عائدات غير بترولية، وكشف عبد الماجد أن أمريكا تستورد صمغ عربي من السودان بنسبة (1015%) من احتياجاتها الخاصة وأن نسبة (80 85%) تعيد استيراده من شركات دول غربية بطريقة ما يعرف بإعادة الاستيراد وهي شركات ألمانية وفرنسية وإيطالية تقوم باستيراد الصمغ من السودان بغرض التصنيع ثم إعادة تصديره إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وقال إن أي دعوة لإيقاف تصدير المنتج إلى أمريكا يعني إحجام تصديره عن باقي دول العالم بما فيها الدول الأوروبية التي تتعامل مع السودان تاريخياً إضافة إلى بعض دول شرق آسيا التي تقوم بإعادة التصدير إلى أمريكا، وأكد في حديثه ل (الإنتباهة) أمس أن الإعلان عن إيقاف تصدير الصمغ العربي يعني انهياراً في أسعاره المحلية بجانب تأثيره مباشرة على المنتجين في كل حزام الصمغ العربي حيث يعتمد «5» ملايين مواطن من المنتجين عليه، وتوقع في حال تطبيق الدعوة تحريك النشاط إلى دولة الجوار مشيراً إلى إحاطة «7» دول تقوم معظمها بإعادة تصدير الصمغ العربي المهرب من السودان.