وصف صلاح إدريس رئيس الهلال الأسبق كبار الهلال ورموزه بكباري النادي عندما عقدوا اجتماعاً بمنتزه الأسكلا لمناقشة قضايا الهلال التي لا يريد لأي فرد أو مجموعة أن يكون لها رأي فيها والتي يعتبرها شأناً يخصه هو وليس الآخرين! ولم يكتف صلاح إدريس بوصف الكبار بالكباري بل ظل يتجاهلهم ويهمشهم ويرفض التعامل معهم رغم أنهم مرجعية النادي ولجنة حكمائه ومجلس شوراه الذين يتدخلون في الوقت المناسب لإطفاء الحرائق ومعالجة المشكلات وتصفية الخلافات وتنقية الأجواء لإعادة المياه إلى مجاريها بكلمتهم المسموعة وخبراتهم وتجاربهم التي اكتسبوها عبر خدمتهم للهلال منذ عشرات السنين والتي كانت عطاء متجرداً لا يبتغون من ورائه جزاء ولا شكوراً. ويأتي رفض صلاح إدريس للتعامل مع كبار الهلال واستفزازه لهم واستهزائه بهم من منطلق تضخمه الذاتي وفكره الأحادي ونهجه الديكتاتوري في الانفراد بإدارة النادي وعدم إيمانه وقناعته بالديمقراطية والمؤسسية التي يتمشدق بها لتجميل صورته رغم أنها في واقع الأمر لا تعني له شيئاً لأنه رجل شديد الاعتداد برأيه وقدراته وإمكانياته التي جعلته يعتقد أنه دائماً على حق وأن الآخرين على خطأ وأنه وحيد زمانه الذي يجيد العمل في الإدارة والتنظيم والحسابات والمسائل الفنية الخاصة بالشطب والتسجيل وطرق اللعب وتقييم المدربين واللاعبين الشيء الذي جعله يحول نادي الخريجين الأوائل من نادي للحرية والديمقراطية إلى دولة الرجل الواحد الذي يقوم بكل شيء على طريقة البطل الأسطوري الأمريكي «رامبو» الذي يهزم الجيوش ويدمر المدن ويخترق كل الحواجز وأجهزة الحماية لينفذ مهمته ويعود سالماً وغانماً..! ولم يكن الأمين البرير رئيس الهلال الذي تنتهي فترة حكمه في السابع والعشرين من الشهر الجاري باتفاق رضائي بأحسن حالاً من صلاح إدريس في التعامل مع كبار الهلال الذين رفض الاستماع لنصائحهم بحل مشكلة هيثم مصطفى بالحكمة داخل البيت الهلالي لأن كابتن الفريق الذي خدم النادي 17 عاماً لا يمكن أن يعامل بهذه الطريقة غير الكريمة وحتى عندما وافق البرير على عقد اجتماع مع الكبار لمناقشة مشكلة الكابتن لإيجاد الحلول التي ترضي الطرفين قام بشطبه قبل يومين من الموعد المحدد تأكيداً لعدم وضعه لأي اعتبار لهؤلاء الكبار الذين شيدوا مجد الهلال..! واليوم بعد أن انقشعت سحائب الصيف وأشرقت شمس مجتمع الهلال الصافي والنقي استعاد كبار النادي وضعهم ومكانتهم كأمناء على تاريخ الأزرق ومارسوا دورهم كمرجعية في تكوين مجلس الهلال الجديد الذي يضم مجموعة من خيرة الرجال علماً وكفاءة وأكثرهم حباً وعشقاً وانتماء للأزرق الأنيق.. وهكذا سعدت الجماهير بعودة الكبار معززين مكرمين لوضعهم الطبيعي كرئة للأمة الهلالية تتنفس من خلالها الهواء النقي الخالي من التلوث، وكعقلها الذي تفكر به في حل المشكلات ووضع خارطة الطريق لمستقبل مشرف وزاهر بالانتصارات والبطولات وكقلبها الذي يفيض بحب الأزرق ويدعو له دائماً بالتقدم والتطور والازدهار.. وأخيراً من ليس له تاريخ ليس له حاضر أو مستقبل.. ومن ليس له كبار يحترمهم ويجلهم ويوقرهم لن يحقق أي نجاح لأنهم الخير والبركة وحفظة قيم الهلال وتقاليده وموروثاته وأدبياته عبر ثمانية عقود هي عمر النادي.. افتقدنا صاحب مدرسة الموضوعية في زمن الاسفاف والتهاتر!! كل ما طالعت ما تطفح به بعض الصحف الرياضية من هجوم وتجني وشخصنة للقضايا تذكرت الهرم الصحفي الراحل عبد المجيد عبد الرازق رفيق الدرب وتوأم الروح صاحب مدرسة النزاهة والحياد والموضوعية التي كان يعالج بها القضايا دون أن ينزلق يوماً لمستنقعات الإسفاف والتهاتر الذي أصبح سمة من سمات صحافة الانفلات والجنوح الذي فشل مجلس الصحافة في معالجته لعدم قدرته على إصدار القرارات الرادعة التي تعيد للصحافة نبلها وطهرها.. رحل عبد المجيد وترك إرثاً عظيماً من الصحافة الجادة والمسؤولة التي جعلته يحتل مكانة كبرى في قلوب الملايين من القراء بمختلف ميولهم وخاصة الأهلة الذين كتب عن فريقهم بمستوى أفضل مئات المرات من بعض كتاب الهلال.. ولعل أبلغ دليل على رفض واستهجان الجماهير لصحافة الإسفاف والتهاتر واحترامها للنقد الهادف تلك الحشود الضخمة التي شيعت الراحل إلى مثواه الأخير وظلت واقفة تحت المطر وداخل الطين والوحل تقديراً لقلم نظيف دخل القلوب والعقول باحترامه لنفسه ومهنته.. الوخز بالكلمات بدلاً من أن يكون الأسبوع الأخير للممتاز ختامه مسك كانت سمة بعض مبارياته التواطؤ والمؤامرات التي أصابت الجماهير بالحزن والإحباط، وأكدت أن المنافسة لم تعد شريفة وأن البقاء ليس من نصيب الأكفأ والأجدر!!