قال القيادي بالحزب الشيوعي صالح محمود إنه إذا فشلت المعارضة في إسقاط النظام خلال مائة يوم فإن هذا لا يعني أن الأمر انتهى، مؤكداً أن فصول القصة أصبحت أكثر سخونة بعد القرارات السياسية والاقتصادية، مبيناً أن الحكومة في الوقت الحالي لا تستطيع أن تستقطب حلفاء جددًا، مشيراً إلى أن الوقت مناسب لتغيير النظام، وعزا ذلك لرفض المؤتمر الوطني تكوين حكومة انتقالية، وعن ضعف المعارضة قال إن القوانين المقيِّدة للحريات هي العقبة الرئيسية في أداء الأحزاب مبيناً أنه لا يوجد عاقل يركب في مركب «الوطني» وهي توشك على الغرق، وعن التداعيات الأخيرة داخل المؤتمر الوطني قال: توجد أزمة مستفحلة داخل الوطني نتيجة للصراع حول كراسي السلطة والمخصصات والمصالح الاقتصادية متوقعاً أن تكون أعمق في الفترة القادمة، هذا وغيره من المحاور التي طرحناها على القيادي ومسؤول ملف دارفور بالحزب الشيوعي فإلى إفاداته:- القيادات السياسية عجزت عن قيادة الحراك والتظاهرات الأخيرة بما في ذلك الحزب الشيوعي، ما هو تعليقك؟ لا أعتقد أن القيادات السياسية فشلت لأن التظاهرات الأخيرة هي تظاهرات جماهيرية، ولا يوجد حزب ادّعى تحريك الجماهير في اتجاه الخروج للمظاهرات، والأحزاب السياسية المعارضة منضوية تحت مظلة التحالف، وبرنامج التحالف هو برنامج البديل الديمقراطي، وللإشارة إلى دور الأحزاب السياسية التقليدية نجد أن نظام الإنقاذ يكاد يستمر لحوالى ربع قرن من الزمان، والمعروف للجميع أنه نظام شمولي واستولى على كل مفاصل الدولة بما فيها الاقتصاد والحريات والأحزاب ليس لها فرصة كبيرة في العمل المفتوح. لكن يوجد دستور انتقالي يتضمن باب الحريات «وثيقة الحريات». للأسف تظل هذه النصوص معطلة، وهي عبارة عن حبر على ورق خاصة إذا نظرنا إلى حرية التعبير والتجمع، هذا أدى إلى تحجيم دور الأحزاب السياسية، والجو السياسي الآن في البلد غير ملائم للأحزاب لكي تقوم بدورها، كذلك أيضاً توجد أحزاب أحياناً تكون أقرب للمؤتمر الوطني وفي نفس الوقت موجودة داخل التحالف، هذه جميعها مشكلات أدت الى بطء الحركة داخل قوى المعارضة والأحزاب المعروفة، ونجد أن المؤتمر الوطني يتباهى بأن المعارضة ضعيفة، ولكن في اعتقادي إذا كانت توجد معارضة قوية وحكومة قوية فهذا هو الذي يفيد البلد، ولكن وجود حكومة قوية بدون معارضة قوية فإن هذا يجعل الحكومة تتصرَّف بدون رقابة ويمكن أن تتصرَّف حتى في مستقبل البلد. ذكرت أنَّ الوقت غير ملائم.. لماذا ينادي تحالف المعارضة بما فيها الحزب الشيوعي بإسقاط النظام بالرغم من فشله في خطة المائة يوم؟ تقييد التحالف بأنه سوف يُسقط النظام خلال مائة يوم هذا حديث غير موضوعي، والحديث عن مائة يوم غير واقعي، ولكن إذا فشلت المعارضة في إسقاط النظام خلال مائة يوم فإن هذا لا يعني أن القصة انتهت، والآن بدأت فصول القصة أكثر سخونة مع القرارات السياسية والاقتصادية، وأعتقد أن هذا هو السبب الأساسي لإسقاط النظام، فالحكومة الآن مهما عملت في ظل الظروف الحالية لا تستطيع أن تستقطب حلفاء جددًا، والحلفاء الذين معهم يريد جزء كبير منهم أن يخرج من الحكومة، وسوف تكون الحكومة من غير قاعدة جماهيرية في الفترة الأخيرة، والقرارات الاقتصادية سوف تنتج عنها متاعب لا قِبل للجماهير بالتوافق معها، والجماهير لا تصمت إذا لم تتوفر لها الاحتياجات الأساسية، والآن بسهولة وأكثر من أي وقت آخر يمكن أن يكون هناك تغيير في السودان، تغيير في اتجاه لوقف هذا النوع من التدهور، فإذا رفض المؤتمر الوطني ضرورة تكوين حكومة انتقالية للتصدي لهذا النوع من الانهيار فبالتأكيد سوف تكون هنالك تطورات، لكن بعد يوم بعد مائة يوم، بعد عشرة أيام لا يوجد شخص يعرف، لكن سوف يكون هنالك تغيير. عطفًا على ما ذكرت حول أن المعارضة ضعيفة، لماذا تحتفظ القوى المعارضة الحالية بقيادات بلغوا العقد الثامن من عمرهم وترفض تغييرهم بقيادات شابة؟ يختلف الوضع من حزب لحزب، فنحن في المؤتمر الخامس للحزب تمت مشاركة مناديب الحزب من الداخل والخارج وتم انتخاب اللجنة المركزية الحالية، وتكونت هذه اللجنة من وجوه جديدة حوالى أكثر من «60%» هي وجوه جديدة، ويوجد شباب ونساء بنسبة مقدرة، وتم انتخاب الراحل محمد إبراهيم نقد بالإجماع، وهذا الحديث لا ينطبق على الحزب الشيوعي في الوقت الحاضر، أما فيما يتعلق بالأحزاب الأخرى فربما تكون لديهم مبررات يمكن أن تكون ذات مفاهيم مرتبطة بالمجتمع السوداني. فهذه القيادات لها تجربة وخبرة ولكن من المهم أيضاً الانتباه لمشاركة الشباب والنساء في العمل الحزبي في المستقبل. «طيِّب» هل استوعب حزبكم هذه المستجدات؟ نعم نحن نرى أنه يوجد دور فاعل للشباب ويتبلور هذا الدور أكثر في المستقبل. تنادون بالدولة الديمقراطية وبالرغم من ذلك توجد خلافات بين القوى السياسية حول البرنامج الانتقالي والدستور؟ التحالف عبارة عن مؤسسة يوجد بداخلها أحزاب لها برامجها وكل حزب له برنامج سياسي، وبالرغم من هذه الخلافات في التحالف لا يوجد حزب ضد الفترة الانتقالية، فكل الأحزاب تتحدث عن حكومة انتقالية بمهام محدَّدة تتمسك بإيقاف الحروب وإطلاق الحريات والعمل على تهيئة الأجواء السياسية للتحول الديمقراطي من أجل مؤتمر ودستور ومن أجل إعمار ما دمَّرته الحرب، لكن الخلاف بين القوى السياسية حول طول الفترة الانتقالية ومدى الفترة الانتقالية. هل يعمل حزبُكم وفق الدستور والقانون؟ الحزب يعمل وفق الدستور والقانون ومسموح له بمزاولة أنشطته بموجب قانون الأحزاب، لكن وجود القوانين المقيِّدة للحريات هو العقبة الرئيسية في أداء الأحزاب ومن بينها الحزب الشيوعي، ونحن الآن ممنوعون من إقامة الليالي السياسية والندوات الجماهيرية في الأماكن العامَّة، وأعتقد أن هنالك ضرورة لتغيير هذه القوانين خاصَّة القوانين القمعية التي تُتيح مصادرة الحريات وتقييدها. هل سوف تشاركون في الحكومة الجديدة؟ لا نشارك؛ لأن البرنامج المطبق من قِبل الحكومة هو برنامج المؤتمر الوطني، ونحن حزب سياسي لنا برنامجنا، ونحن بعيدون جداً عن برنامجه، ولا يوجد عاقل يركب في «مُركب الوطني» وهي توشك على الغرق. «طيِّب» لماذا يرغب الحزب الحاكم في مشاركة حزب الأمة وبعيد جداً عن الشيوعي؟ نحن في الفترة الانتقالية شاركنا في البرلمان، برلمان الفترة الانتقالية من «2005 2010»؛ لأن هذا البرلمان منوط به إلغاء القوانين المقيِّدة للحريات وتهيئة الأجواء لانتخابات «2010م»، ودخلنا في المؤسسة التشريعية لكي نعمل في اتجاه إلغاء القوانين غير المتسقة مع نصوص الدستور خاصة باب الحريات، ولكن الآن لم نستطع ذلك لأن الحكومة هي حكومة المؤتمر الوطني فقط ولا يوجد أي باب للحزب الشيوعي أن يدخل في برنامجها، أما بالنسبة للأحزاب الأخرى فالأحزاب لها برنامجها ورؤيتها السياسية وإرادتها. تتمنَّع بعض القوى السياسية عندما تُدعى من رئاسة الجمهورية للجلوس والتفاكر حول المخرج الدستوري أو إقرار الدستور، ما موقف الحزب الشيوعي من التحاور مع المؤتمر الوطني؟ المؤتمر الوطني دعانا في كثيرٍ من الأحيان إلى لقاءات وحوارات، والحزب الشيوعي شارك في هذه الحوارات، ونحن شرطنا الأساسي هو وجود أجندة وشروط والحوار الذي بدون أجندة لا نقبل به. هل يجب أن نشترط قبل أن نجلس للحوار والتفاوض؟ تحدَّثنا مع المؤتمر الوطني وقلنا لا توجد جدوى للنقاش حول الدستور، ولن يكون الدستور مقبولاً بأي حال من الأحوال، وأنا في تقديري هذا إهدار للطاقة والزمن، والمؤتمر الوطني لم يقبل بوجود حكومة انتقالية، كذلك لا يقبل بمناقشة الدستور وتعميمه في ظل الفترة الانتقالية. ما الذي يمنع أن نجلس سوياً حول قضايا الوطن؟ نحن لم نرفض سوياً بل نحن بادرنا بذلك، وقلنا إنه لا بد من الجلوس من أجل مستقبل البلد، لكن المؤتمر الوطني اعتاد أن يكون هو الذي يُمسك بالإمكانات وينادي الآخرين ويدَّعي أنه يوزع أنصبة وحصصًا للآخرين وهذا غير مقبول ولا بد أن يكون التعامل على مستوى الندية، ونحن كلنا شركاء والمؤتمر الوطني لا يملك أي حق أعلى من غيره في قضايا الوطن، أمَّا عن الجلوس من غير أجندة محدَّدة وأهداف فالحزب الشيوعي قال رأيه منذ فترة طويلة. الحزب الشيوعي يعمل في الخفاء دون ضوضاء وهو حزب عريق ولكن بالرغم من ذلك اتُّهم بأنه ليس له دور فاعل في قضايا الوطن، دارفور وقضية أبيي، كيف ترد على هذا الاتهام؟ صحيح، الحزب الشيوعي حزب قديم وعريق، ولكنه أيضاً تعرض لكثير من المحن وتعرضت عضويتُه للاعتقالات والتشريد والتضييق، لكن الحزب له إسهامات في قضية دارفور وهو واحد من الأحزاب التي تشهد له المؤسسات القومية والدولية وحتى الحكومة بأنه حزب له رؤية لتشخيص جذور مشكلة دارفور، وفي طرح مقترحات الحلول منذ فترة طويلة جداً وأصدر ذلك في وثائق الحزب الجماهيرية وفي كتيبات، كذلك في قضية أبيي لنا رأي واضح في مقترحات الحلول، كذلك في جنوب النيل الأزرق، ولكن مجمل موقفنا في هذه المناطق يتلخص في أن هنالك تظلمات تاريخية ومشروعة لسكان هذه المناطق، سكان دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان، هؤلاء لهم حقوق مشروعة وتظلمات حقيقية وأن الخيار العسكري ليس هو الطريقة المقبولة لحل قضايا اقتصادية وسياسية واجتماعية، وبالتالي نحن نقول لا للحرب ولا للمؤتمر الوطني الذي يذهب في اتجاه الحروب وقمع الحركات المتمردة التي تنادي بالحقوق المشروعة، فالطريقة الأفضل والأمثل هو التفاوض والجلوس والاعتراف بهذه التظلمات، ولهؤلاء الجماهير حق في السلطة والثروة وحكم السودان مع الآخرين، ورأي الحزب الشيوعي أيضاً بأن هذه المناطق معروفة تاريخياً بأنها مهمشة اقتصادياً وثقافياً ونحن رحبنا بالاتفاقيات الجزئية طالما أنها جاءت بمكاسب لأهل هؤلاء المناطق ونحن نفضل أن تكون الاتفاقات شاملة لا تستثني أحدًا والحزب الشيوعي له إسهامات، وفي دارفور شاركنا في سير الإجراءات في اتفاق الدوحة، والراحل محمد إبراهيم نقد جاء ضمن القوى السياسية أصحاب المصلحة في الدوحة مع الدكتور الترابي ولم نسجل أي غياب في أي منعطف له علاقة بتخفيف أو وقف المعاناة في مناطق الحروب خاصة في دارفور وجنوب النيل الأزرق وكردفان. هل تعتقد أن المعارضة بشقيها الداخلي والخارجي قادرة على طرح وتقديم نفسها كبديل للنظام الحالي؟ هناك صعوبات بأن المعارضة تقدِّم نفسها كبديل ما لم تحسن المعارضة أداءها وتقنع الآخرين بأنها قادرة على تقديم بديل للإنقاذ، لكن أي نظام بديل للإنقاذ مهما ظننا أنه ضعيف وبه خلل في اعتقادي سوف يكون أفضل من الإنقاذ، لأن الإنقاذ خلال ثلاثة وعشرين عامًا حولت هذا البلد إلى بؤر من الحروب والاقتتال، والإنقاذ حرمت أبناء السودان من التعليم والآن «90%» من المواطنين لا يملكون قوت يومهم والوضع الاقتصادي متدهور جداً. أليست هذه ضائقة وأزمة اقتصادية عالمية؟ الضائقة الاقتصادية رأيناها في أماكن ودول أخرى، هذا النظام شجع الفساد، وهذا هو الخلل، وأنا أعتقد أن أي نظام يأتي في السودان سوف يكون بديلاً أفضل. كيف تنظر للتداعيات الأخيرة داخل حزب المؤتمر الوطني وخروج مجموعة التيار الإصلاحي بقيادة الدكتور غازي صلاح الدين؟ توجد أزمة مستفحلة داخل المؤتمر الوطني، وهي كانت متوقعة، وهي نتاج للصراع حول كراسي السلطة وحول المخصصات والمصالح الاقتصادية وبعيدة جدًا عن الشعارات الإسلامية والسياسية، ومن المتوقع أن تزداد وتكون أكثر عمقًا في الفترات القادمة، فهم الآن يتحدثون عن عدم التنازل عن مخصصاتهم وعن استمرار الحروب والصيف الساخن، والدولة الآن علاقتها ليست جيدة مع العالم ويوجد حصار عليها، فقدنا علاقات تاريخية وتقليدية مع السعودية ودول الخليج ومع مصر، ومن شأن الصراعات داخل الوطن أن تزداد والدكتور غازي صلاح الدين ورفقاؤه يريدون الإصلاح داخل المؤتمر الوطني إلا أن شدة الصراع لم تسمح لهم بذلك والآن هم خارج المؤتمر الوطني. يعني هذه الانقسامات مظهر من مظاهر نهاية النظام الحاكم؟ هذه ظهرت في نهاية الإنقاذ بعد التأكُّل، والصراع الداخلي عادة ما يكون مستندًا إلى المصالح الشخصية، وهذا الصراع من الممكن أن يقود إلى مواجهات، ويمكن أن يذهب إلى أبعد، وهي المواجهة المسلحة، ومن مظاهر اضمحلال دولة الإنقاذ أكبر عامل هو الفساد الذي جاء نتيجة لغياب ثقافة المحاسبة والرقابة، فلا توجد محاسبة، والفساد يتم في غياب تام لسيادة حكم القانون والديمقراطية والشفافية والحكم الرشيد، حتى إنه لم تتح الديمقراطية داخل أجهزة المؤتمر الوطني. إذا طلب الدكتور غازي صلاح الدين الانضمام ما هو موقفكم من ذلك؟ التحالف له معايير لقبول عضوية الآخرين، لكن من جانبي الشخصي إذا تحدثوا عن قضايا ذات علاقة بمستقبل البلد والتحول الديمقراطي فلا أرى مانعًا أن يكونوا جزءًا من التحالف، لكن لا بد أن يعطوا أنفسهم فرصة، لا بد أن يدافعوا عن حقوق الجماهير المرتبطة بالمعيشة. مثلاً موقفهم من زيادة الأسعار، فموقفهم من رفع الدعم عن المحروقات موقف إيجابي ولا بد أن يربطوا قضاياهم وتكون قضايا ديمقراطية.