كثيرًا ما تعالت الأصوات التي تنادي بإصلاح الوضع الاقتصادي بالبلاد في الآونة الأخيرة خاصة بعد التدهور الكبير الذي لحق به جراء السياسات الخاطئة التي اتبعتها الدولة، وأجمع العديد من الاقتصاديين على ضرورة وضع إصلاحات اقتصادية تكون بمثابة المنقذ وانتشال الاقتصاد والتي شملت تخفيض الإنفاق الحكومي وتخفيض الهيكل الإداري بالدولة كثيرًا ما أعلنت الدولة عن التوجه لخفض الإنفاق الحكومي عبر اتخاذ العديد من الإجراءات والتي سمتها بالتقشفية وتحويل فائض ما يُنفق عليهم لخدمات المياه والصحة والتعليم ولكن الناظر للوضع فإن التشكيل الوزاري المعلن مؤخرًا يخالف ما نادت به تلك الإصلاحات فقد ضمت الحكومة نفس عدد الوزراء والوزارات مما يعني عدم تطبيق المعالجات بالصورة المطلوبة وانتقد عدد من المراقبين تلك الخطوة. فما تمر به البلاد من تدهور للوضع الاقتصادي خاصة بعد تجاوز تلك النفقات أرقامًا يمكن تسميتها بالفلكية خاصة أن اقتصاد الدولة يمر بمنعطف خطير بعد خروج إيرادات البترول وتدهور كل القطاعات الإنتاجية بالدولة وإهمالها الواضح من قبل المسؤولين حيث أصبحت ايرادات الدولة في انخفاض ملحوظ رغم المعالجات التي سعت اليها الدولة لاصلاح ما يمكن اصلاحه إلا أن الفشل طال كل تلك الاجراءات للعالجة فمسألة تخفيض الوزراء ومخصصاتهم باتت أمرًا متكررًا دون وجود تطبيق فعلي من الجهاز المختص وهذا يظهر جليًا عبر تشكيل الحكومة الجديدة ففي كثير من بلدان العالم نجد أن عدد الوزراء لايتجاوز عدد أصابع اليدين إلا أن الوضع في السودان غير ذلك حيث كان له الاثر الواضح على الوضع بشكل عام والاقتصادي على وجه الخصوص من خلال ارتفاع الاسعار وزيادة معدلات التضخم، وذكرت بعض التقارير أن حجم الانفاق بلغ في العام المنصرم 7 مليارات جنيه، واعترفت الدولة في كثير من المنابر بعجزها عن تطبيق تلك السياسة حيث أجمع الاقتصاديون على عدم مرور السودان بتلك التجربة في فترات الحكم السابقة التي مرت بالبلاد مشيرين أن كل الدول تتبع سياسة التقشف والاستفادة من حجم الإنفاق على قطاعات خدمية يمكن أن تسهم في تقليل ميزان المدفوعات، وهذا ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي أحمد مالك خلال حديثه ل«الانتباهة» أن تقليص عدد الوزارء أحد المعالجات التي تم طرحها في برنامج الإصلاح الاقتصادي لافتًا لعدم جدية الدولة في تطبيقها، وقال: منذ طرحها في الاعوام السابقة والتي اثارت موجات غضب وتظاهرات بالشارع السوداني مضيفًا أن الدولة فشلت في تطبيق المعالجات بالصورة المطلوبة وهذا ما ظهر في ميزان المدفوعات والذي أثر بشكل سالب غلى مسألة الانتاج والانتاجية مشيرًا لفشل الدولة في تطبيق السياسات الاقتصادية وأن الوضع الاقتصادي يظل كما هو عليه الآن كارتفاع معدلات التضخم إلى 60% واستمرار حالة الكساد خاصة بعد توقف الصناعة وبالتالي انعدام السيولة، ومن جانبه أوضح الخبير الاقتصادي بروفسير عصام الدين أن معالجة تلك المسألة تكمن في خروج الحكومة خارج الادارة الاقتصادية للدولة، فيما أكد امين الامانة الاقتصادية بالمؤتمر الوطني حسن أحمد طه في تصريحات صحفية عدم تخفيض الإنفاق العام بأجهزة الدولة في التشكيل الحكومي الجديد موضحًا أن التشكيل الوزاري لا يعني تخفيض الإنفاق وإنما تولي من هو أقدر فاعلية على إنفاذ سياسات الدولة. ونفى أي اتجاه للتراجع عن السياسات الاقتصادية الأخيرة وأقر بعدم تطبيق جزء من البرنامج الاقتصادي الخاص بخفض الإنفاق العام في أجهزة الدولة وشدد على تطبيقه، واستبعد الخبير الاقتصادي د. محمد الجاك تقليص عدد الوزراء مشيرًا أن الوضع الحالي للدولة يحول دون تطبيقها بالصورة المطلوبة رغم الوضع المتردي للاقتصاد خاصة أنه يوفر الكثير من المال في الوقت الحاضر والمستقبل بجانب معالجة عجز الموازنة.