بعد مرور أربعة أعوام كاملة على توليه دفة الأمور بولاية نهر النيل أخذت سفينة الفريق الهادي عبد الله تتأرجح وسط رياح التغيير التي بدأت من المركز وطالت نائبي الرئيس وبرز اسم والي نهر النيل ضمن خمسة آخرين يُتوقع ذهابهم عن كرسي ولاية شهدت جملة من المتغيرات والأحداث ضمنها الاعتصام الشهير الذي نفذه المناصير أمام مباني حكومة الولاية بالدامر والذي استمر إلى أربعة اشهرانتهى بتكوين لجنة لتنفيذ حقوق المناصير المتأثرين من قيام السد أو من عرفوا بلجنة الخيار المحلي، ثم كان اعتصام مواطني أبوحمد على خلفية الاعتداء على طالبة الداخلية وتداعياته بالمطالبة بذهاب المعتمد وأجهزته الرسمية وغيرها من القضايا التي اعترت سير طابور الفريق. وعود لأجل الأصوات فقط وتبدو كل الشعارات التي رفعها والي نهر النيل إبان حملته الانتخابية قد منيت بالفشل الذريع حيث لم يف إلا بجزء يسير جدًا منها لا يتناسب وموقعه كوالٍ ولا حتى حجم الولاية ومواردها الذاتية وموقعها الإستراتيجي وخلوها من المشكلات الأمنية الأمر الذي جعل كثيرًا من الأصوات الرافضة لسياسات الوالي سواء على مستوى المؤتمر الوطني بالولاية أو بقية قيادات الأحزاب يطالبون بضرورة التغيير وذهاب الوالي وإنقاذ الولاية من وهدتها، وفي اسطتلاعات واسعة أجرتها «الإنتباهة» وسط عدد من المواطنين بالولاية أكدوا خلالها ضرورة ذهاب الفريق الهادي، فبعض منهم طالب د. غلام الدين عثمان بتولي زمام الأمور مستعرضين جملة من الإنجازات التي حققها الرجل وما زالت سيرته تترى بين الناس، فيما برز اسم الأستاذ عبد المحمود عثمان منصور لذات المهمة، وبين هذا وذاك تتأرجح حظوظ الفريق الهادي، وهو واقع جعل رئيس محلية شندي السابق والناشط بالولاية الخواض حسين النعيم يقول في مشهد متشائم بأن الولاية أضحت في غرفة العناية المكثفة وتحتاج إلى من ينقذها، والآن جل سكانها يعانون من حالة فقر تام، وانتقد الخواض خلال اتصال هاتفي مع «الإنتباهة» أمس سياسات الفريق الهادي لإدارة شؤون الولاية، مشيرًا إلى أنه ظل بعيدًا عن نبض المواطن لا يزور القرى ولا الأرياف الممتدة على حدود الولاية ليقف على قضاياها وأحوالها ويسمع من مواطنيها وأن زيارته فقط ترتبط بزيارة الرئيس أو أي مسؤول من المركز وهذا الأمر كما يقول الخواض أدى إلى خلق جفوة بين الوالي ومواطنيه، وتحسر الخواض على تدهور الزراعة بالولاية التي قال إنها تراجعت إلى أقل من «50%» عما كانت عليه في السابق، وشنَّ الخواض هجومًا عنيفًا على ما وصفها بحالات الانفلات الأمني من حدوث حالات نهب ظل يشتكي منها كثيرٌ من المنقبين بمناطق الذهب بالولاية إضافة إلى انتشار المخدرات والخمور والوجود الأجنبي بمدن وقرى الولاية بصفة غير شرعية مطالبًا بضرورة التغيير، غير أنه شدد على أن التغيير يجب ألا يكون في الأشخاص فقط، وهو ما ذهب إليه مولانا جمال حسن سعيد القيادي بالمؤتمر الوطني في اتصال هاتفي معه بأن تغيير الأشخاص لا يجدي مبينًا أنه مع المؤسسات في الجرح والتعديل للاختيار إذا ما اقتضت الضرورة، وكشف عن إجازة كل التقارير التي ظل يرفعها الفريق الهادي إلى المكتب القيادي للمؤتمر الوطني أو المجلس التشريعي، وأرجع أمر قبول تقارير الوالي لأمرين لا ثالث لهما، فالأول إما أن أداء الوالي وحكومته يسير بصورة طيبة، وإما أن هناك خللاً ما وهو ما رفض الإفصاح عنه، وأشار إلى أن الوالي اجتهد فإن أصاب فله أجران وإن أخفق فله أجر مبينًا أن نجاحه يمثل نجاح منظومة، وكذلك فشله، وهذا ما يستدعي التغيير الشامل في مفاصل حكومة الولاية، وحول التوقعات بأن يتولى زمام الولاية الأستاذ عبد المحمود عثمان منصور قال: سيرة الرجل حافلة بالإنجازات على مستوى الحزب وأتوقع نجاحه. إجماع على فشل الوالي ويبدو أن حالة عدم الرضا عن سياسات الفريق الهادي تسيطر على كثير من القيادات بالولاية فضلاً عن غالبية مواطنيها، واستعرض قيادي فضل حجب اسمه جملة من القضايا التي قال إن الفريق عجز عن معالجتها والإيفاء بها خاصة ما وعد به خلال برنامجه الانتخابي، وأرجع القيادي السبب لعامل هزم الفريق لترجمة شعاراته إلى واقع ملموس مبينًا أن هناك سوء اختيار للدستوريين بالولاية، حيث يتم عن طريق الترضيات، ووصف الإجازة التي يتم منحها للدستوريين بالفساد الإداري، وقال إن أغلب أعضاء حكومة الوالي يغادرون نهاية كل أسبوع إلى الخرطوم حيث يسكنون هناك ويعودون يوم الأحد، ووصف القيادي الاستثمار بالولاية بأنه جعجعة بلا طحين، وقال: ورغم سفر الوالى المتكرر وبعض الوزراء ورغم ما يصرف من أموال في السفر وإضاعة للوقت لم يحقق إنجازًا واحدًا وظل الاستثمار لغزًا محيرًا لما يعتريه من مشكلات وعقبات، وحول الوضع السياسي بالولاية قال إن الفريق وجد حزباً سياسياً قوياً بناه الإخوة عبد المحمود عثمان منصور والأخ محمد سليمان جودابي حيث استطاع الأول إبان توليه رئاسة الحزب أن يقوِّي مفاصل الحزب بل وجد قبولاً واحترامًا من قبل المنضوين تحت لواء الحزب أو بقية الأحزاب الأخرى، ولهذا يجب أن يتولى الأخ عبد المحمود قيادة الولاية للفترة المقبلة وإلا كما يقول القيادي فستكون النتيجة خلاف ما تعود عليه الوطني في الانتخابات السابقة باكتساح منافسيه وتحقيق نسبة عالية من الأصوات، مبينًا أن الولاية أصبحت تجني السراب تنموياً واقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، أما عن التنمية في المحليات فقال إنها انحصرت فقط في زراعة أشجار الدمس والزينة في الشوارع وجل عواصم المحليات بها أطنان من الأوساخ ويحاصرها البعوض والمياه والراكدة ومشافي المحليات خاوية من الكوادر الطبية والدواء هذا إضافة إلى التي ظلت عبارة عن مبانٍ ولم يستفد منها وتشتكي هذه المؤسسات من تردي الخدمات، وتبدو ذات المشاهد والشكوى بمحليات الولاية المختلفة لما لها من مطالب مشروعة غير أن هذه الحكومة أن ليس هنالك قسمة عادلة في توزيع الثروة بين المحليات المختلفة وليس هناك تخطيط واضح لتنفيذ برامج تنموية بهذه المحليات وتبعًا لذلك كما يرى مراقبون أن كثافة السكان تناقصت إلى ما دون المليون نسمة هروباً من تردي الخدمات وغيابها، ولعجز الحكومة عن خلق مناخ وفرص التوظيف والإنتاج والاستقرار للشباب وانهيار تام لمصانع الغزل والنسيج بشندي وقدو مع محاولة إعادة تشغيل الأخير فضلاً عن المشروعات الزراعية الكبرى والصغرى والتي تشتكي من سوء الإدارة والتمويل والتخطيط السليم حتمية التغيير يبقى القول إن ما ذكر يصب في خانة حتمية التغيير وذهاب الوالي الفريق الهادي عبد الله الذي أكد عقب رشح أنباء في هذا الصدد بذهابه التزامهم بأي تعديلات أو تغييرات دستورية قد تطرأ على مستويات الحكم تُقدم عليها رئاسة الجمهورية، مجدداً جاهزيتهم لخدمة الوطن والمواطن من أي موقع. وأضاف في تصريحات أنهم أصحاب رسالة أتوا من أجلها ويعملون لها وقال إن الشعب السوداني يدرك تماماً كيف يمضي وإلى أين يتجه في أعقاب حسم أمر الهُوية والتوجه.