يأتي اهتمام الدولة بالتنمية البشرية كأحد المخرجات المهمة من الأزمات التي ظلت تمر بها البلاد منذ الاستقلال، مع محاولات عديدة وضعت خلالها خططًا وبرامج تصب في هذا الاتجاه حتى جاء ميلاد التقرير الوطني للتنمية البشرية الذي أطلقته وزارة الرعاية والضمان الاجتماعي صباح أمس بفندق كورنثيا.. التقرير بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي عبر نسختين باللغة الإنجليزية والعربية بعنوان جغرافية السلام: وضع التنمية البشرية مرتكزًا للسلام في السودان شاملاً كل محاور التنمية البشرية وهو ما وصفه د. جلال يوسف الدقير مساعد رئيس الجمهورية بأنه إنجاز يستوجب الوقوف عنده، مشيرًا إلى أنه يساعد في تعزيز جهود التنمية وتجاوز كثير من الإخفاقات والأزمات.. جهد جبار من كل الجهات التى ساهمت فى إعداد التقرير والجهد العلمي من جامعة الجزيرة حتى خرج بهذا الشكل داعيًا أن يكون مرتكزًا آمنًا لجهود السلام وقال إن البعد الاجتماعي لا يتجزأ عن عملية التنمية بكل مشروعاتها التي محورها الإنسان ومن الأوجب أن تصوب التنمية البشرية تجاهه لتشمل الصحة والتعليم إلى جانب وضعه المعيشي، مضيفًا أن التقرير جاء مفصلاً وأنه جزء لا يتجزأ من برنامج التنمية البشرية، وأوضح الدقير أن عملية السلام والاستقرار هي المتكأ الاساسي لعملية التنمية بكل مساراتها وأن الاحتراب والنزاع يهدد الطاقات ويؤدي للتخريب مشيرًا أن الغاية تركيز جهد الدولة لإطفاء بؤر التوتر التي كانت من حصيلتها اتفاقية السلام الشامل «2005» مع دولة جنوب السودان وتبعتها اتفاقيات أخرى مؤكدًا على التركيز لإحلال السلام في جنوب كردفان والنيل الأزرق بالطرق المشروعة لأنها مسؤولية الدولة، وأبان أن التحدي الأساسي أمام الحكومة هو إنزال محتويات التقرير على أرض الواقع حتى يتوافق مع خطط الدولة وخطط الوزارات وإظهار الجهد العلمي الكبير الذي بُذل لينعكس على المجتمع داعيًا لعرضه على مجلس الوزراء لإبداء الرأي حوله مناشدًا الأجهزة الإعلامية والإعلاميين تناوله بشيء من التفصيل والاهتمام وعرضه لضمان وصوله إلى كل أطياف المجتمع واستصحاب الوزارات وأجهزة الدولة على المستويين الاتحادي والولائي حتى يكون هاديًا ومعينًا يتوافق مع الخطط الرئيسة مثمنًا دور وزارة الرعاية الاجتماعية وإدارة جامعة الجزيرة على المجهودات التي بُذلت لإخراج التقرير، ويعد التقرير هو أول تقرير للتنمية البشرية في السودان ويأتي ثمرة لمشاورات واسعة مع لفيف من أبرز العلماء كما يجيء في لحظة حاسمة ومفصلية من تاريخ السودان في هذه الحقبة الجديدة من تاريخه وفرصة غير مسبوقة لتحقيق وبناء سلام دائم.. وأمَّنت مشاعر الدولب وزيرة الرعاية والضمان الاجمتاعي على أهمية التقرير الذي وصفته بالمخرج الإستراتيجي داعية لتمليكه لكل فئات المجتمع ولمتخذي القرار، من جانبها أوضحت خديجة أبو القاسم حاج حمد وكيل وزارة الرعاية والضمان الاجتماعي ورئيسة اللجنة الفنية للتقرير أن العمل بدأ في التقرير منذ منتصف العام «2009» بجهود متكاملة وآليات متعددة ولجنة إشرافية عليا برئاسة الوزيرة ولجنة فنية تضم نخبة من أساتذة الجامعات والمؤسسات، مبينة أن التشاور جاء لتحديد الجهة التى تقوم بهذا الإجراء الهام باعتباره أول تقرير من نوعه. من جهته أشار البروفيسور عمر وراق مدير جامعة الجزيرة إلى أن هذا التقرير يساهم في عملية السلام ومؤشرات التنمية في البلاد موضحًا أنه تم بمشاركة وزارة الرعاية والضمان الاجتماعي وبرنامج الأممالمتحدة وجامعة الجزيرة باعتبارها الجهة العلمية التي أشرفت على التقرير وتابعت العمل الذي كونت له فريقًا برئاسة بروفيسور أحمد محمد نوري موضحًا أن العمل كان قد اكتمل في عام «2011» قبل انفصال الجنوب ورأينا أن يقدم هذا العمل مرة أخرى ليمثل السودان. وقال إن التقرير يعتبر قاعدة مهمة وضرورية تُبنى عليه أُسس التنمية بمكوناته الشاملة في التنمية البشرية وكمرتكز للسلام منوهًا أن الجامعة أعدت إستراتيجية جامعة الجزيرة للبحث العلمي وهي تعتبر الأولى من نوعها داعيًا الجامعات السودانية ووزارة التعليم العالي للالتفاف حولها للخروج بإستراتيجية للبحث العلمي كما قدمت الجامعة مبادرة للأمومة والطفولة الآمنة داعيًا أن تكون مبادرة شاملة لكل السودان. يشار إلى أن التقرير الوطني حوى 8 فصول تناول عبرها محاور التنمية البشرية موضحًا أوجه الخلل في تنفيذ مشروعات التنمية التي وصفت بأنها غير متوازنة، وفيما احتلت ولايات دارفور والشرق خلف نظيراتها في مجالات الصحة والتعليم والدخل كما تعاني الشرائح الضعيفة من البطالة، وأرجع التقرير أسباب ضعف التنمية بهذه المناطق لغياب الأمن لفترات فضلاً عن التدهور البيئي وعوامل النزاعات بين الرعاة والمزارعين والنزاع القبلي يشكل عقبة في تحقيق التنمية، واستعرض التقرير سجل اتفاقيات السلام داعيًا لإشراك المجتمع المحلي في عملية صياغة السلام وأشار التقرير إلى أن «46.5%» يقعون تحت الفقر في المناطق الريفية أكثر منه في الحضرية وكشف التقرير أن «300.000» شخص يتلقون إعانات غذائية في مخيمات النزوح بدارفور، وطالب التقرير بأن تكون هناك حرية في المشاركة المفتوحة بما يتطلب تحقيق إستراتيجية التنمية تحقيقًا للعدالة والتنمية المستدامة.