ابراهومة :نسعى لبناء فريق بطولات. والنخبة وسيكافا إعداد مثالي للأبطال    تقسيمة مثيرة في مران الأحمر وثنائي اجنبي ينضم للجهاز الفني    حمى "غرب النيل" تضرب تل أبيب    إيران حذرت حزب الله من سعي إسرائيل لاغتيال نصر الله    اردول: لذلك كان مبرراً إسقاط حكومة قحت وتشييعها الي مزبلة التاريخ    نقل المعركة من حدود الفاشر إلي تخوم منطقة الزرق يعني عملياً تضييق الخناق علي مليشيا حميدتي وآل بيته    بايدن بصدد إعلان برنامج جديد لاستيعاب المهاجرين.. ما هي شروطه؟    النيران الصديقة تمنح فرنسا فوزا شاقا على النمسا    حسبو البيلي يكتب: آل دقلو    (ثلاثة لا تقترب منهم: الحصان من الخلف والثور من الأمام والفاشر من جميع الاتجاهات)    عيساوي: قتل الثعبان    شعار براؤن يصل يورو 2024 روديغر لاعب منتخب المانيا يقلد المصباح ابو زيد والاتحاد الأوروبي يتدخل    شاهد بالفيديو.. استخبارات الجيش بالقضارف تضبط شاحنة "لوري" محملة بعدد كبير من "براميل" البنزين والمواد الغذائية حاول مواطنون تهريبها لقوات الدعم السريع والجمهور يطالب بإعدامهم رمياً بالرصاص    شاهد بالصورة.. خلال مباراة فريقها بالدوري التونسي.. جماهير فريق مستقبل قابس تدعم السودان بلافتة كتبت عليها: (من غزة إلى السودان الخذلان هو العنوان)    شاهد بالصورة.. الفنان مأمون سوار الدهب وزوجته يعودان لإشعال مواقع التواصل بلقطة رومانسية    شاهد بالفيديو.. سيدة سودانية تطالب طبيبة مصرية بإعادة وزنها بعد أن كان 94 كيلو وأصبح 64 كيلو (زوجي كان يناديني "جون سينا" وعاوزة وزني يرجع لأنو نحنا السودانيين ما بنحب كدة)    تواصل العمل في صيانة وتأهيل مباني هيئة البراعم والناشيئن بمحلية بورتسودان    حفل رائع في قرعة دورة الصداقة بالضعين    يورو 2024: تعادل أول وتراجع بمعدل التسجيل 17 يونيو، 2024    حكومة دارفور: نحذر جميع قادة مليشيات قوات الدعم السريع في النزاع من مغبة جرائمهم واحترام القانون الدولي    شاهد بالصور.. الحسناء السودانية "لوشي" تبهر المتابعين بإطلالة مثيرة في ليلة العيد والجمهور يتغزل: (بنت سمحة زي تجديد الإقامة)    الخراف السودانية تغزو أسواق القاهرة    كيف ستنقلب موازين العالم بسبب غزة وأوكرانيا؟    مدرب تشيلسي الأسبق يقترب من العودة للبريميرليج    مسجد الصخرات .. على صعيد عرفات عنده نزلت " اليوم أكملت لكم دينكم"    بالأرقام والتفاصيل.. بعد ارتفاع سعر الجنيه المصري مقابل السوداني تعرف على سعر "خروف" الأضحية السوداني في مصر وإقبال كبير من المواطنين السودانيين بالقاهرة على شرائه    رئيس وأعضاء مجلس السيادة يهنئون المنتخب القومي لكرة القدم    صالون لتدليك البقر في إندونيسيا قبل تقديمها أضحية في العيد    امرأة تطلب 100 ألف درهم تعويضاً عن رسالة «واتس أب»    "فخور به".. أول تعليق لبايدن بعد إدانة نجله رسميا ..!    الهروب من الموت إلى الموت    ترامب معلقاً على إدانة هانتر: سينتهي عهد بايدن المحتال    شرطة مرور كسلا تنفذ برنامجا توعوية بدار اليتيم    4 عيوب بالأضحية لا تجيز ذبحها    قصة عصابة سودانية بالقاهرة تقودها فتاة ونجل طبيب شرعي شهير تنصب كمين لشاب سوداني بحي المهندسين.. اعتدوا عليه تحت تهديد السلاح ونهبوا أمواله والشرطة المصرية تلقي القبض عليهم    نداء مهم لجميع مرضى الكلى في السودان .. سارع بالتسجيل    شاهد بالفيديو.. الراقصة آية أفرو تهاجم شباب سودانيون تحرشوا بها أثناء تقديمها برنامج على الهواء بالسعودية وتطالب مصور البرنامج بتوجيه الكاميرا نحوهم: (صورهم كلهم ديل خرفان الترند)    الإمارات.. الإجراءات والضوابط المتعلقة بالحالات التي يسمح فيها بالإجهاض    الإعدام شنقاً حتى الموت لشرطى بإدارة الأمن والمعلومات    نصائح مهمة لنوم أفضل    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    من هو الأعمى؟!    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شبهات د. عارف في إنكار المولد الشريف والرد عليها (3)..ابوعبيدة عمر
نشر في الانتباهة يوم 16 - 01 - 2014

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: في مقالتنا هذه إن شاء الله سنرد على تهافت الكاتب عارف الركابي، ولن ننجرف معه في السباب والمهاترات والرمي بالتضليل، بقدر ما نرمي في إفادة القارئ لموافقة الحق والأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة. وقد ذكر الكاتب أنه أحبط إحباطاً شديداً لما رأى أن من يرد على تهافته مقلداً:
أولاًُ: يقال له: هل وجدت في كتاب الله أن المقلد لا ينبغي أن يصدع بالحق ويبطل الباطل، وأين أنت من قوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ» وقوله عليه أفضل الصلاة والسلام: من كتم علماً يعلمه جاء يوم القيامة ملجماً بلجام من النار. خرجه أحمد «2/499» وابن أبي شيبة «5/316» وابن حبان «95» وصححه.
ثانياً: أنه لما كان الكاتب من أنصار السنة نقول له أين أنت من قوله صلى الله عليه وسلم: بلغوا عني ولو آية. نرجو الإفادة من الكاتب.
ثالثاً: قال إن هناك فرقاً بين المقلد والباحث، فقد أتانا الكاتب بعلم جديد ففي أي كتب الأصول أتانا بهذا الفرق، وهذه كتب الأصول كلها بين أيدينا «كتاب الغزالي والجويني والسعد التفتازاني وغيرهم» لم نجد فرقاً في هذا المصطلح الذي تبرع لنا به الكاتب.
رابعاً: المعروف في كتب الأصول الفرق بين المقلد والمجتهد. والباحث يأنف من التقليد وأكثر الأمة من أتباع المذاهب مقلدون، والكاتب ليس مجتهداً قطعاً لأن من يجهل أبسط مصطلحات أصول الفقه لا يكون مقلداً، فضلاً أن يكون مجتهداً. ناهيك أن يكون متصدراً للفتاوى وإرشاد الناس.
خامساً: «وللحق الواضح» أن كلمة باحث مأخوذة من بحث، والبحث هو الترجمة الحرفية لكلمة (research) الإنجليزية فكل من يكتب في موضوع فهو باحث وهذا المصطلح مما أتى به الغرب والمعروف في كتب الفقه أن الرجل يكتب باباً في كذا وفصلاً في كذا وكتاباً في كذا، وأما البحوث فهي من المستحدثات «وكل محدثة بدعة؟؟». فم نسمع أن صحابياً أو عالماً من العصور الفضلى نال درجة ما جستير «في علوم الدين» أو غيرها أو أنه كتب بحثاً وتفاخر به بين الناس.
سادساً: إذا قيل إن هذا مقلد أو مجتهد فإنه لا ينصرف إلا إلى العلم الشرعي والديني، فبينما الباحث قد يبحث في حق وفى باطل، بل لو أن أحداً كتب في معاداة الإسلام بحثاً لسمي باحثاً، وربما نال درجة الدكتوراه مثلما نالها الباحث. فانظر رحمك الله كيف أطلق الكاتب على نفسه «لفظة الباحث وأنف أن يكون مقلداً».
وللعلم أنا ممن يحمل درجات علمية فوق الجامعية التي يصدر بها الكاتب اسمه وهي لا تعني لنا شيئاً بل العلم الأصولي لا يؤخذ إلا من صدور الرجال بالسند المتصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وليس من السطور والكتب وحدها.
سابعاً: قد رمانا الكاتب «هدانا الله وإياه» بالانزالق الخطير والانحراف والضلال بسبب التقليد ومع أنه في بحثه غارق في التقليد إلى أذنيه فجميع ما ذكره من وقفات منقول بحروفه أو بتصرف قليل من كتب التقلاوي والعثيمين وابن باز، ولا يتعدى ما قاله العريفي الذي استجلبته شركة «سوداني» حديثاً للكلام حول المولد. فأي بحث أو باحث مثل هذا؟ ومع تقليده الأعمى لا يعدو ما فعله الكاتب أن يعد تكراراً في منع الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.
والكاتب بتقليده الأعمى ينطبق عليه قوله فينا «فأوقع فيه نفسه» فلو أن الكاتب خرج عن ربقة التقليد لما نثر تلك الكلمات ولما وقع في تناقض عريض، ولما أدخل نفسه في نفق مظلم محرج لا أدري كيف رضيه لنفسه. أه
ثامناً: يجتهد هو وأهل نحلته في زج المولد قسراً وإدخاله في جملة المبتدعات ويتمحلون الأدلة في ذلك وسنبين إن شاء الله الأدلة الصحيحة على جواز المولد في الرد على هذه الوقفات حتى تنقشع سحابة الأوهام والتهافتات التي ذكرها هو ومن اقتدى به. ثم أن الكاتب أتى بقاعدة غريبة وهي أن على المرء أن يعرف الدليل ثم يعتقد بعد ذلك، مع أن الفطرة السليمة التي ركزها الله في القلوب تقتضي الاعتقاد أولاً وعلى هذه القاعدة على المرء أن يستمر على كفرانيته ثم يطلب الدليل على الوحدانية ثم يسلم بعد ذلك ويترك فطرة الله التي فطر الناس عليها من إيمان بالله ورسله ومحبته.
الكاتب رد علينا فيما كتبناه في الوقفة الخامسة: أن كلمة دكتور مما اختص به النصاري، فهرب من الإجابة بقوله فالكاتب لا يفرق بينما هو من خصائصهم وما ليس ذلك. فيقال له بين لنا هذا الميزان السحري الذي نستطيع أن نفرق به بين ما اختصوا به مما لم يختصوا به. ونحن على علم بميزان مدعي السلفية في ذلك، فإذا قيل لهم ما حكم الاحتفال بالعيد الوطني والنصارى يفعلون مثله، قالوا هو جائز لا شيء فيه، وإن قيل لهم ما حكم الاحتفال بأسبوع محمد ابن عبد الوهاب وبيان سيرته وأفعاله مع ما فيه من المشابهة، قالوا هو فعل خير وبركة؟؟ وإذا قيل لهم ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وبيان السيرة والشمائل، قالوا هو مشابهة للنصارى وبدعة وضلالة. فهذا ميزان السلفية فالله المستعان!!
وقبل الرد التفصيلي نقول ما حكم المولد النبوي الشريف لمن يحتفلون به. فجميع الذين يحتفلون بالمولد النبوي الشريف متفقون على أن حكم إقامة المولد هو الجواز أو الاستحباب، والذين يقولون ببدعيته ينطوي عندهم تحت البدعة الحسنة، وسنورد إن شاء الله كلام العلماء في ذلك مفصلاً.
تاسعاً: وها نحن نرد على تهافت الباحث بأن هناك هروباً كلياً وجزيئاً ونوقف وقفاته التي زعمها وسنبدأ بالوقفة الأولى: ويتخلص كلامه فيها أن من يحتفل بالمولد يجب عليه أن يتأكد ويتحرى أن هذا الاحتفال لا يوقعه في مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم.
الرد: مما هو معروف لكل من يحتفل بالمولد النبوي أن المولد النبوي الشريف لا تتعدى أفعاله الآتي: ذكر يوم ولادته وتعظيمه والفرح به وفعل الطاعات وإطعام الطعام والذبائح مع ذكر سيرته وأحواله ومدحه وضرب الدفوف والاجتماع لذلك إظهاراً للسرور.
فتعظيم يوم ولادته ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فعن قتادة الأنصاري قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الإثنين، قال ذاك يوم ولدت فيه ويوم بعثت فيه أو أنزل علي فيه. أخرجه مسلم وأبو داود وابن حبان والحاكم. فقد علل النبي صلى الله عليه وسلم صيامه بأنه يوم ولادته وهو بداهة يعبر عن الاهتمام بهذا اليوم أو المولد تنبيهاً إلى أنه ينبغي أن يهتم به من استطاع ذلك، فهذا أصل أصيل في الاعتناء بالمولد.
وأما إظهار السرور والفرح برسول الله صلى الله عليه وسلم والابتهاج به، فهو مطلوب شرعاً. فقد جاء القرآن الكريم بذلك فقال تعالى «قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا». فقد أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال فضل الله العلم ورحمته محمد صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» الدر المنثور «4م367» للإمام السيوطي. وقال صلى الله عليه وسلم: إنما أنا رحمة مهداة. أخرجه الدارمي مرسلاً «15» والترمذي في العلل موصولاً «685» ورجاله ثقات. فنحن مأمورون بالفرح كتاباً وسنة مع ما يجب علينا من محبته وتوقيره وتعظيمه، ومع أن هذا الفرح مأمورون به في كل وقت وحين إلا أنه يتأكد في يوم اثني عشر من شهر ربيع الأول لقوة المناسبة وملاحظة الوقت. قال السيوطي في الفتاوى «1/188»: وقد سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل أحمد بن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه: أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كان بدعة حسنة وإلا فلا، قال: وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلّم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا هو يوم أغرق الله فيه فرعون ونجى موسى فنحن نصومه شكراً لله تعالى، فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة، والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأي نعمة أعظم من بروز نبينا نبي الرحمة في ذلك اليوم، وعلى هذا فينبغي أن يتحرى اليوم بعينه حتى يطابق قصة موسى في يوم عاشوراء
وقد أمر الله سبحانه وتعالى عباده بذكر نعمه العامة والخاصة ولا ريب أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في ميلاده وفي جميع أحواله نعمة من نعم الله عز وجل الدائمة النفع، وقد ثبت في البخاري «3/6»: عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما أنه قال عند ذكر قوله تعالى «ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار» والله هم كفار قريش ومحمد صلى الله عليه وسلم نعمة الله. فإذا كان صلى الله عليه وسلم نعمة فميلاده نعمة ولقد جاء الأمر بذكر نعم الله في كتاب الله مكرراً «لقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله» وأيام الله هي أيام ابتلائه ونعمه ومنها ميلاد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وقال تعالى «واذكروا نعمة الله عليكم» وقال بعض أهل العلم من أهل التفسير من الصحابة رضي الله عنهم نعمة الله هي سيدنا محمد بن عبد الله وهذا القول لا يتعارض مع الأقوال الأخرى من أن المراد بالنعمة رسالة الإسلام لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي جاء بكل هذا من عند الله وهو صلى الله عليه وسلم منة من الله تعالى. قال الله تعالى «لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ».
وأما فعل الطاعة في يوم ولادته صلى الله عليه وسلم فهي أيضاً ثابتة في فعل السلف، فعن معمر قال عروة وكانت ثويبة مولاة لأبي لهب أعتقها فأرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما مات رأى أبا لهب بعض أهله في النوم فسأله ما وجدت فقال ما وجدت بعدكم راحة غير أني سقيت في هذه مني في النقرة التي بين الإبهام والتي تليها بعتقي ثويبة. أخرجه البخاري «4813» وعبد الرزاق «13955» وأبو عوانة «3/113» وقد ذكر السهيلي في الروض الأنف أن الراي له هو أخوه العباس وكان ذلك بعد سنة من وفاة أبي لهب وقال للعباس ما لقيت بعدكم راحة إلا أن العذاب يخفف عني يوم الإثنين، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد يوم الإثنين وكانت ثويبة قد بشرته بمولده وقالت له أشعرت أن آمنة ولدت غلاماً لأخيك عبد الله فقال لها إذهبي فأنت حرة.أه فأبو لهب الكافر الذي ذم في الكتاب جوزي بفرحه بمولد النبى صلى الله عليه وسلم وقد علق على هذا الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي قائلاً:
إذا كان هذا كافراً جاء ذمه فتبت يداه في الجحيم مخلداً
أتى أنه في يوم الإثنين دائما يخفف عنه بالسرور بأحمدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره بأحمد مسروراً ومات موحدا
وأما الاجتماع على سيرته وذكر شمائله ومغازيه وأيامه من الأمورالمستحبة إن لم تكن واجبة فعن على زين العابدين بن الحسين قال كنا نتعلم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نتعلم السورة من القرآن. أخرجه الخطيب وابن عساكر فانظر إلى ديدن السلف الصالح. وأما سماع مديحه وإنشاد الأشعار في ذلك فكل هذا مجمع عليه وثابت في الأحاديث الصحيحة. وقد قال عليه الصلاة والسلام: ما اجتمع قوم في مجلس لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على النبي إلا كان عليهم ترة أي نقصاً. وقد قدمنا في المقال السابق أن الصحابة كانوا يسمعون لحسان مدحه وإنشاده في المسجد النبوي الشريف. وقال حسان لعمر بن الخطاب حين أراد منعه كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك ثم التفت إلى أبي هريرة أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أجب عني اللهم أيده بروح القدس، قال اللهم نعم. خرجه أحمد والبخاري ومسلم كما تقدم.
وأما الفرح والابتهاج وضرب الدفوف فالمتفق عليه بين أهل السير أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة مهاجراً استقبلوه أهل المدينة يضربون الدفوف وينشدون الأناشيد والأشعار ومنها القصيدة المشهورة طلع البدرعلينا **من ثنيات الوداع، وجب الشكر علينا ** ما دعا لله داع .. ألخ. وقد ثبت نحوه في سنن ابن ماجة والحاكم وصح أيضا في مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه حين قدم من تبوك استقبله أهل المدينة نساءهم وصبيانهم فعلوا مثل ما تقدم وثبت ذلك في الترمذي «1718» والطبراني في الكبير«6618» .
عن أنس قال كانت الحبشة يزفنون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرقصون ويقولون محمد عبد صالح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يقولون قالوا يقولون محمد عبد صالح. إسناده صحيح «الأحاديث المختارة «ج 5 ص 60».
فإذا كانت مفردات المولد النبوي الشريف كلها لها أصل في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وفعل السلف الصالح فأين البدعة التي صاحبها في النار؟ ونقول إذاً هي النتيجة التي يتحقق بها موافقة الشرع والحصول على الأجر والثواب كما قال الباحث. ثم نتساءل هل رجع الكاتب إلى سنة رسول الله وكتابه في إنكارالمولد أم هو التقليد الأعمي؟؟
الوقفة الثانية: وتتلخص في الآتي أنه لم يفعل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا في زمن الصحابة إلى سنة ثلاثمائة وخمسين.
الرد: يتلخص من كلام الكاتب أن السلف الصالح لم يفعلوا المولد النبوي الشريف، فالكاتب على جهل كبير بعلم الأصول وأن أصول التشريع هي الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وأن سنة النبي صلى الله عليه وسلم هي أما قوله وفعله وإقراره. أما الترك بمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك شيئاً ما أو ترك السلف الصالح له لا يدل على الكراهية فضلاً عن التحريم ناهيك أن يكون بدعة صاحبها في النار. وليست هناك سنة تركية وهذا أمر معروف عند علماء الأصول وأهل السنة والجماعة. وليس من أصول الفقه الإسلامي التحريم بمجرد الترك وهذه الحجة وهي عدم فعل السلف لشيء ما هي حجة يلوكها عوام الناس وخاصة هؤلاء الوهابية وليس لها أصل تقف عليه عند علماء الأصول فقد قدمنا أن الكاتب قليل الاطلاع ولو أنه اطلع على رسالة الشيخ الدكتور حسن مصطفى التي عنوانها الترك لا يفيد المنع لما تفوه بهذا الكلام الذي يقوله العوام فهي رسالة مفيدة في هذا الباب فنرجو على الكاتب ومن على شاكلته أن يقرأ هذه الرسالة القيمة المفيدة. وقد قال الشيخ حسن في هذه الرسالة: فمن زعم أن كل فعل خير مستحدث بدعة مذمومة بدعوى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله فقد أخطأ وتجرأ على الله ورسوله حيث ما ندب إليه في عموميات الكتاب والسنة وكانت دعواه مردودة.
فعدم احتفال الصحابة والعلماء والحكام وعامة الناس لا يدخله في المكروهات، فضلاً عن المحرمات والبدعة التي صاحبها في النار، ولا يضر المولد وجوازه عدم فعله في القرون الفاضلة على حسب قواعد الدين الحنيف لكل منصف نأي بنفسه عن الهوى.
قال الكاتب إن أول ما أحدث المولد هم بنو عبيد من الفاطميين وهم أصحاب بدع وتحريف للدين.
قد قدمنا مراراً أن الكاتب قليل الاطلاع فإن إلصاق فعل المولد النبوي الشريف بالفاطميين كذبة تاريخية روج لها الوهابية، والكاتب إنما قلد فيه محمد الفاضل التقلاوي زعيم الوهابية وهو الذي أذاع هذه الفرية «أين البحث العلمي» فمن المعروف أن أول من فعل المولد هو الملك المظفر زين الدين علي بن تبكتبين قال عنه ابن كثير في البداية والنهاية«13/136»: أحد الأجواد والسادات الكبراء والملوك الأمجاد له آثار حسنة وقد عمر الجامع المظفري بسفح قاسيون وكان قد هم بسياقه الماء إليه من ماء بذيرة فمنعه المعظم من ذلك واعتل بأنه قد يمر على مقابر المسلمين بالسفوح وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول أو يحتفل به احتفالا هائلا وكان مع ذلك شهما شجاعا فاتكا بطلا عاقلا عالما عادلا رحمه الله وأكرم مثواه. وقد صنف الشيخ أبو الخطاب ابن دحية له مجلدا في المولد النبوي سماه التنوير في مولد البشير النذير فأجازه على ذلك بألف دينار فهذا احتفال رسمي على مستوى الدولة وأما على مستوى الأفراد فقد كان الإحتفال والاهتمام بميلاد المصطفى صلى الله عليه وسلم قديماً، ففي القرن الثالث الهجري روي أن الإمام أبو الحسن الكرخي كان يولي يوم مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ما هو خليق به من تعظيم وتقديس.
قال الإمام السيوطي في كتابه الحاوي للفتاوي «1.181-182»: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد فقد وقع السؤال عن عمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول ما حكمه من حيث الشرع؟ وهل هو محمود أو مذموم؟ وهل يثاب فاعله أولاً؟ والجواب: عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي صلى الله عليه وسلّم وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلّم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف.
فلا يضر عمل المولد إن بدأ فعله الفاطميون أو غيرهم طالما كان موافقاً لقواعد الشرع وأصوله كما قدمنا إليك من أدلة.
قال الكاتب ترك الصحابة لعدم فعل المولد يعد موضع تساؤل لماذا لم يفعله الصحابة الكرام ولماذا لم يأمروا به؟
وقد قدمنا أن ترك الصحابة لعدم فعل المولد لا يدل على كراهية شيء فضلاً عن تحريمه حسب قواعد أصول الفقه وعلومه، لكن الكاتب دائماً ينجرف بحجج العوام. وهذه كلها «ترك السلف الصالح للفعل» دندنة من الحجج العمياء قد أكثر الكاتب من تكرارها وكما أشرنا إليه فإن في رسالة الدكتور حسن مصطفى شفاء لهذا الداء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.