مباراة هلال مريخ الاستعراضية التي اقيمت أمس الأول بالدوحة بين قدامى لاعبي الناديين بمشاركة عدد من نجوم الفريقين، كان يفترض ان تكون مباراة إعدادية يشارك فيها الفريقان بكامل نجومهما احتراماً وتقديراً للاحتفال بأعياد الاستقلال الذي ترعاه السفارة السودانية والنادي الاهلي القطري الذي طلب من الناديين إجراء مباراة ودية رسمية تحفظ عليها المريخ حتى لا تؤثر نتيجتها على مسيرة إعداده لملاقاة كمبالا سيتي في فبراير المقبل، الشيء الذي وجد هوى في أوساط بعثة الهلال التي كانت تتخوف ايضاً من المباراة، ولذلك تم الاتفاق على مسرحية المباراة الاستعراضية التي تعتبر بدعة في مجال كرة القدم التي لا تعرف هذا النوع في مجال اللعبة، فهناك مباريات اعدادية لتجهيز الفريق واكتسابه اللياقة البدنية والفنية وللخبرة والتجربة.. وهناك مباريات ودية لتوطيد علاقات الصداقة والإخوة بين الأندية.. وهناك مباريات تقام على شرف المناسبات القومية والوطنية.. وهناك مباريات خيرية يخصص دخلها لمساعدة الأفراد من الرياضيين أو لدعم بعض المشروعات الإنسانية.. وهناك مباريات الاعتزال التي تقام بمناسبة تقاعد اللاعبين وانتقالهم للعمل إداريين أو مدربين أو للجلوس على الرصيف لمتابعة ما يجري في الساحة الكروية.. فكل هذه الأنواع من المباريات يلعب فيها الفريقان بقوة من أجل الفوز، لأن كرة القدم إذا فقدت روح التنافس تصبح بلا طعم أو نكهة أو معنى.. وأعتقد أنه بدلاً من المسرحية الاستعراضية كان ينبغي أن يلعب الفريقان المباراة بكامل عدتهما وعتادهما باعتبارها فرصة طيبة للوقوف على مستوى اللاعبين الجدد الذين كسبهم النادي في معركة التسجيلات ومدى التعاون والتفاهم بينهم وبين القدامى، فضلاً عن الجرعة البدنية والفنية التي سيكتسبها اللاعبون من هذه المباراة القوية التي كانت تنتظرها جماهير الهلال والمريخ بالدوحة باعتبارها عرساً من أعراس الكرة وعيداً من أعيادها التي ستظل ذكراها خالدة في الأذهان!! وإذا كان الجهازان الفنيان قد تحفظا على هذه التجربة لأن الفريقين غير جاهزين لمثل هذه المباريات لعدم اكتمال الإعداد، كان من الممكن تأجيلها لمدة أسبوع حتى تؤدي دورها وغرضها الإعدادي والجماهيري. خلاصة القول إن مشكلة المسؤولين بالهلال والمريخ وعلى مدى عدة عقود تتمثل في الخوف الشديد من الخسارة في مباريات القمة وردود أفعالها وتداعياتها، وهي مسألة ينبغي تجاوزها بعد أكثر من «80» عاماً على تأسيس الناديين اللذين انهزم كل منهما امام الآخر عشرات المرات ولم تحدث كارثة أو تنتهي الدنيا، لأن مهزوم اليوم هو منتصر الغد وهكذا دواليك.. فليس هناك أي نادٍ أكبر من الهزيمة مهما كان تاريخه وشعبيته وامكاناته، وحتى برشلونة والريال وبايرن ميونخ ومانشستر يونايتد يتعرضون لهزائم كبيرة يتقبلونها بروح رياضية لأنهم يدركون أن فرقهم ستعود غداً للانتصارات.. فهذه الانتصارات المتبادلة هي إثارة كرة القدم التي افسدتها في السودان روح العصبية والتطرف وأفقدتها متعة الاستمتاع بفنونها وإبداعها رغم ان الخسارة في أي مكان بالعالم أمر عادي لأنها يمكن تعويضها في المباراة القادمة!! وأذكر أنني في الديمقراطية الثالثة كنت مرافقاً لبعثة المريخ لتنزانيا موفداً من جريدة «الصحافة» لتغطية مشاركة النادي الأحمر في بطولة سيكافا التي فاز بها عن جدارة بعد انتصاره على الشباب التنزاني على أرضه ووسط جماهيره، وقد كانت فرص السفر للمحررين في ذلك الزمن الجميل بالتناوب ودون ان أي اعتبار للونية الصحفي أو رغبة النادي في شخص معين.. المهم ان المريخ كان ضمن مجموعة موانزا التي تقع على شواطئ منابع النيل في بحيرة فكتوريا والتي كان من بينها فريق قورماهيا الكيني بطل الدورة السابقة الذي خرج من المرحلة الأولى للبطولة رغم حضور مئات المشجعين بالقوارب عبر البحيرة لمساندة فريقها والوقوف خلفه حتى يحافظ على لقبه، وكانت المفاجأة التي ادهشتنا ان جماهير قورماهيا قد خرجت من الاستاد في مظاهرات وهي تهتف لفريقها وتتغنى باسمه، فسألت احد المسؤولين بنادي قورماهيا الكيني والذي كان يقف بجانبنا خارج الاستاد عن سر هتاف الجماهير لفريقها المهزوم، فقال لي ان عشقنا لقورماهيا ومساندتنا له لا تنتهي بهزيمة، لأنه اذا خسر اليوم وخرج من البطولة فغداً سينتصر ويعود لمنصة التتويج.. فنحن لا نتعامل مع قورماهيا بالقطعة اذا انتصر نصفق له واذا انهزم نسبه ونلعنه، بل نسانده ونقف معه في كل الظروف منتصراً أو مهزوماً!! وأعتقد ان ما قاله هذا الاداري بنادي قورماهيا يعتبر درساً في الروح الرياضية والارتباط بالنادي في كل الظروف بعيداً عن أعمال الشغب والحصب بالحجارة والهتاف ضد اللاعبين والاداريين في حالة الهزيمة، وكأن الفريق الذي يحبونه قد خلق لينتصر فقط.. ولا علاقة له بحسابات الخسارة. محمد صالح إدريس ومالك جعفر يكرمان صلاح دسوقي أقام رجل الأعمال الكبير محمد صالح ادريس وابن نوري البار بأهله وعشيرته يوماً مفتوحاً بمزرعته بالكباشي تكريماً لأخي الأصغر صلاح دسوقي بمناسبة عودته لمقر عمله بالقنصلية السودانية بجدة بعد عدة أيام قضاها بأرض الوطن. وقد شرف الحفل بالحضور السيد مالك جعفر سكرتير الهلال الأسبق وصديق الأسرة وعدد كبير من أبناء نوري من بينهم ممثلون لأسر الرهيو ودسوقي وكرودي والحوري وحران والشيخ محمد علي الذين قضوا وقتاً طيباً بين حفاوة وكرم وأريحية الحاج محمد صالح ادريس وابنائه خالد وصديق ومحمد صالح الذين وقفوا على خدمة الجميع وحملوهم على أكف الراحة في يوم تعطر بأريج الأخوة الصادقة بين الأهل والأقارب. ومن جهة أخرى تحول الحفل الذي أقامه القطب الهلالي الكبير مالك جعفر بفلته بمجمع أراك سيتي تكريماً لصلاح دسوقي، لندوة عن قضايا الرياضة شارك فيها بالنقاش الخليفة جعفر سر الختم ودكتور معتصم جعفر وأحمد الحوري المدير العام لبنك النيل وحسين فضل عضو مجلس ادارة البنك الفرنسي والعميد أسامة ميرغني عضو مجلس ادارة بنك النيل ورجل الأعمال ياسر الحوري وازهري، الذين طرحوا الكثير من الآراء الموضوعية والمقترحات العملية لمعالجة مشكلات الرياضة الموروثة. هذا وقد أضفى الخليفة جعفر سر الختم والد معتصم ومالك وأشقاؤهم جواً من البهجة على الحفل بتعليقاته الطريفة والمرحة التي ليست غريبة على رجل يدين بالولاء لطائفة الختمية والحزب الاتحادي والهلال كأكبر طريقة صوفية ومؤسسات سياسية ورياضية تمثل الاعتدال والوسطية، ولا علاقة لها بالتطرف والعصبية والتي أصبحت سمة من سمات هذا العصر في مختلف المجالات.