مسبقاً قبل فترة أجرينا الحلقة الأولى من حوارنا مع الأستاذ أمين بناني نيو بصفته رئيساً لتحالف القوى الوطنية الإسلامية، وقبل أن نلتقط أنفاسنا وندخل معه في الجزء الثاني من الحوار تلاحقت الأحداث سراعاً وفوجئنا به يبر بوعده الذي قطعه على نفسه في الحلقة الأولى وهو تسليم مقاليد التحالف لرئيس جديد وهو الأستاذ حامد تورين وكذلك تغيير الاسم من تحالف القوى الوطنية الإسلامية إلى تحالف القوى الوطنية للتغيير برئاسة (تورين).. فما كان منا إلا أن أكملنا معه الحوار بصفته رئيساً لحزب العدالة وقيادياً بالتحالف الحالي. حاورناه حول مجريات الراهن فتطرقنا إلى مبادرة الميرغني للحل الوطني وموقف المعارضة من المشاركة في الحكومة وتحالفاتها أحياناً مع جهات مشبوهة بهدف الانتصار على الحكومة.. وهل يعتبر التحالف بديلاً لقوى الإجماع الوطني (التجمع الوطني المعارض). وماذا عن الانتخابات العامة القادمة وهل من الوارد تحالف القوى الوطنية للتغيير مع جهات متوافقة معها في المفاهيم تحت مسمى واحد وإن اختلفت تنظيماتهم. وإذا ظل الأمر ديناميكياً متحركاً دوماً كيف يمكننا تحقيق ما وضعناه من برامج والتغيير يلاحقنا قبل التنفيذ. وكيف نحقق التوازن الذي يحفظ الثوابت حتى لا تصيبنا حمى التغيير اللا محدود.. ولماذا ترجل الكثيرون من قطار الحركة الإسلامية السودانية وما زالوا (ضيفنا منهم) كل ذلك في الحلقة الثانية من حوارنا حالياً مع الأستاذ أمين بناني رئيس حزب العدالة (حالياً) والرئيس السابق لتحالف القوى الوطنية والإسلامية والذي حذف كلمة ال (إسلامية) وأبدلها بكلمة التغيير ليصير تحالف القوى الوطنية للتغيير والذي يعتبر حزب العدالة من مكوناته.. فإلى مضابط الحوار.. مؤخراً طرح السيد محمد عثمان الميرغني مبادرة وطنية للحكومة لحل مشكلات البلاد تشارك فيها جميع القوى السياسية ما رأيك فيها؟ فعلاً هو يمثل الآن جزءاً أساسياً من نظام الحكم القائم، وعليه أن يطرح أولاً مبادرة لشركائه بالحكم والانفتاح على الآخرين، وإذا كان للسيد محمد عثمان الميرغني مبادرة منفصلة مستقلة عن شريكه بالحكومة (المؤتمر الوطني) أو قل شركائه، فعليه أولاً فض المشاركة القائمة بين حزبه والحكومة الحالية لضمان حياد مبادرته، كما عليه أيضاً توحيد الاتحاديين بجميع فصائلهم وأحزابهم، وبعد ترتيب أوضاعه يحق له تقديم مبادرة وطنية ودعوة الجميع للمشاركة فيها. قوى المعارضة (الإجماع الوطني) طال أمد معارضتها الداخلية والخارجية دون طائل فلا هي مشاركة في الحكم ولا هي قادرة على إزاحته ما الذي يحدث؟ إجماع قوى المعارضة وهو ما يسمى بقوى الإجماع الوطني لا جامع بين مكوناته ولا روابط أيدولوجية بينها ولا مصالح ولا تاريخ مشترك، كل الذي يجمعها هو شعارات إسقاط النظام الحاكم، ولكنها تتشدق بالقول فقط ولا وسيلة لها لإزاحته لا وسيلة فكرية أو غيرها، والفجوة بينها والشعب كبيرة نتيجة لتناقضاتها التي أفقدتها ثقة الشارع العام. من ضمن هذه التناقضات التي تتحدث عنها تخبط المعارضة في سياساتها الداخلية والخارجية وتحالفاتها مع جهات مشبوهة في سبيل محاولة الانتصار على الحكومة.. أليس كذلك؟ اعتماد قوى المعارضة (قوى الإجماع الوطني) على الجبهة الثورية في كثير من أمورها ومراهنتها على الحلول كرافد إقليمي يراهن على تغيير نظام الحكم في السودان أدخلها في أزمة بعد أحداث حرب الجنوب الأهلية مؤخراً، وهناك بعض أطراف المعارضة تراهن على الأحداث والتحولات بمصر وتحاول أن تستفيد منها لتغيير نظام الحكم بالسودان، كل هذه العوامل تضعف المعارضة وتجعلها تفشل في تشكيل رؤية قومية لمستقبل الحكم بالسودان. هل تعتبرون أنفسكم بحكم تعدد مكوناتكم، هل تعتبرون البديل الشرعي لقوى الإجماع الوطني المعارض؟ نحن بديل شرعي إن لم نكن أصيلاً لقوى الإجماع الوطني أو قل المسمى السابق التجمع الوطني الديمقراطي بحكم التصورات والمناهج في ميثاقنا ونتحرك بمقتضاها وبضوابط محددة. إذا كنتم بديلاً لقوى الإجماع الوطني المعارض ما موقفكم من إشراك المعارضة معكم وإن كانت لديكم تحفظات حولها ألا يمكن معالجتها؟ بعض أطراف المعارضة السودانية جلسنا معهم وتباحثنا عن الحيثيات والأوضاع في البلاد الراهنة والمستقبلية، ووجدناهم قريبين منا، واعتقد أننا إذا لم نفلح ككيان في الوصول إلى السلطة، فإن أطروحاتنا لا شك ستؤدي إلى تغيير كبير في بنية الحكم من خلال المفاهيم والثوابت الوطنية والديمقراطية والإسلامية المشتركة بيننا وبينهم. ماذا عن الانتخابات العامة المرتقبة.. هل أنتم مستعدون لها فكرياً وسياسياً ومالياً وجماهيرياً؟ نستعد للانتخابات المرتقبة في العام المقبل، إذا تمت في الإطار السياسي الذي نتصوره بالشروط السياسية والقانونية والأخلاقية التي نعمل من أجلها، وقد قمنا بتقديم تصورنا للإطار السياسي الذي نريده للانتخابات في مذكرة رسمية لرئاسة الجمهورية، وكذلك نعد وثائق قانونية في مجال الدستور والقانون. هل من الوارد تحالفكم مع قوى أخرى متوافقة معكم في الانتخابات العامة القادمة تحت اسم وبرنامج واحد؟ في هذا الإطار مسألة تحالفاتنا مع الآخرين واردة في الإطار الذي لا يفقد الكل خصوصيته، مع العدالة في توزيع الفرص في المشاركة بين الجميع. ما هو تصوركم لتحقيق مآربكم في الفترة القادمة شكلاً ومضموناً؟ من المهم جداً أن يكون هناك ثبات في الغايات الكبيرة والمبادئ العظيمة، أما الوسائل والأشكال فلا بد أن تتغير بناءً على قاعدة التدرج والمرونة المطلوبة. إذا كان الأمر دوماً مكوكياً ديناميكياً متحركاً فكيف يتسنى لنا أن نحقق ما وضعناه من برامج بالتوازن الذي يحفظ الثوابت حتى لا تصيبنا حمى التغيير اللا محدود فنفقد استقرارنا السياسي والفكري؟ الإنسان سواء أكان داعية أو سياسياً، فهو يعمل في إطار واقع متحرك غير جامد، وتقلبات الحياة تفرض عليه أن يتقلب معها دون أن يضل عن هدفه الأسمى أو يحيد عنه ليصير انتهازياً أو تحريفياً يدمن التغيير اللا متناهي والابتكار غير المبرر. الحركة الإسلامية السودانية نفسها عانت كثيراً من تقلب السياسات والمسميات وما زال قطارها على طول مسيرته يترجل منه الكثيرون.. وأنتم منهم ما قولك؟ الحركة الإسلامية السودانية في تاريخها الطويل، عملت ومارست نشاطها من خلال عدة أسماء، ولكنها ما زالت بمختلف تياراتها ماضية نحو تحقيق الهدف الأسمى والغاية الأنبل (الأسلمة)، وبروز الإصلاحيين داخل تنظيمات الإسلاميين لا يعني بالضرورة انشقاقات تنظيمية بالمعنى الحرفي ولا يعني كذلك اختلافات فكرية جوهرية أو ارتداد عنها، وإنما الأمر لا يعدو أن يكون تعدد الوسائل والمناهج والأساليب. وهل تحالف القوى الوطنية للتغيير وليد شرعي لذلك ونتاج لمعركة الثابت والمتحرك؟ تحالف القوى الوطنية والإسلامية نفسه نتاج لوسيلة جديدة الهدف منها التعبير عن الهوية الوطنية والسودانية والإسلامية بالنسبة للسودانيين وليس تجاوزاً إلى غايات أو هويات أخرى. داخل تحالفكم الإسلام واليسار جنباً إلى جنب كيف يتواءم الطرفان وكيف يجتمع المتناقضان في وعاء واحد؟ في المجتمع المسلم حتى لو كانت هناك تيارات غير إسلامية فيجب علينا كسودانيين وسياسيين ألا نتأطر في الإطار الإسلامي فقط ونتميز عن الآخرين، فالحديث عن إلصاق (ديباجة إسلامي) في العمل الوطني والإصلاحي مضر جداً بقضية الإسلام نفسه، واعتقد أن تحالفنا الوطني والإسلامي أضعف من بعض الجهات المؤطرة. عفواً ولكنكم مهما تلونتم وتسميتم بمسميات جديدة براقة ومفردات رنانة فإنكم تعتبرون جزءاً «ولو» من الإسلاميين؟ نعترف بأننا نعتبر امتداداً للتجربة السابقة للإسلاميين الذين تأطروا الآن في أطر وتيارات مختلفة، وأعتقد أن الإطار الوطني أصبح أوسع وأشمل اليوم من الإطار الإسلامي في التعبير السياسي ليس على مستوى السودان فحسب، ففي سوريا يوجد الإئتلاف الوطني السوري وفي مصر التحالف الوطني للقوى السياسية. إذاً فأنت ترى أن الإسلاميين أصبحوا أكثر انفتاحاً على الآخرين؟ الإسلاميون استفادوا من التجربة السابقة، فرأوا عدم الانغلاق على أنفسهم بردم الفجوة بين الإسلام السياسي والإسلام الاجتماعي الذي يستصحب الجميع دون تمييز ديني أو عرقي أو جهوي فقط المعيار هو المواطنة وسودان الكل.