عن «يافطة» المؤتمر الوطني.. وقف فرح عقار.. وتحتها استوزر ونال بطاقة مرشح الحزب لمقعد والي النيل الأزرق.. «سقط» في الانتخابات.. واستوزر.. في حكومة مالك عقار.. ثم «استوزر» في الحكومة الاتحادية.. ولما أُبعد في التشكيل الوزاري.. انتحى مكاناً قصياً.. وخرج على الشارع.. بالمبادرة التي فصلته من الحزب.. فالمبادرة التي أطلقها أخرجت كل ما بداخله.. من أفكار وقناعات.. تتلاقى وتنسجم مع أفكار وأهداف.. حركة مالك عقار.. ومشروعها المسمى بالسودان الجديد.. حذو الحافر بالحافر.. مبادرة تنادي بجيشين في دولة واحدة.. جيش حكومة السودان.. وجيش الحركة الشعبية.. يفصل بينهما.. جيش أممي.. لمدة تتراوح لست سنوات.. جيش الحركة.. تصرف عليه الأممالمتحدة.. وحكم ذاتي.. للنيل الأزرق.. بهذه المبادرة جعل فرح العقار.. من نفسه.. خبيراً إستراتيجياً ينضم إلى «جوقة» خبراء الحركة الشعبية الذين جاءت بهم الحركة الشعبية إلى أديس أبابا .. يجلس الخبير القادم من الخرطوم.. في مقاعد الحركة الشعبية.. بعد أن جلس لسنوات في مقاعد الحكومة.. «دستورياً» يستظل بظل الحكومة فطعام معاوية أدسم.. والصلاة خلف علي أقوم.. فلما توارى الظل.. هرول إلى ظل الحركة حتى لا تضربه شمس الرصيف الحارقة فالمفاوضات الأخيرة.. كشفت القناع.. وركلت به إلى مقعده الحقيقي.. ضمته إلى جوقة الخبراء.. الذين توافدوا إلى إثيوبيا.. خبراء من كل جنس.. «سودانيين».. وبريطانيين وأمريكيين.. ونرويجيين.. وإسرائيليين جاء بهم ياسر عرمان.. لينقذوه.. وينصرونه.. فالبهلوان المراوغ.. مستقبله السياسي.. في فشل المفاوضات.. في استمرار الحرب.. فلا هو يخسر شيئاً في الحرب.. ولا فرح العقار المستوزر.. «طول الخط» يخسر شيئاً وإن كان أبناء منطقته هم ضحايا الحرب اللعينة.. فالاثنان في الظل.. فلا يهمهما أنهار الدماء التي تتدفق في المنطقة.. فالخبير فرح العقار مبادرته تسند ظهر عرمان. وتقوي من عضده.. أحسب أن الانتهازية.. وطموحات الرجلين الشخصية.. هما «فرملة» المفاوضات.. قبل أن تكون تدخلات الخبراء الأجانب.. هي «الفرملة» للمفاوضات ولا أظن أن اتفاقاً سينزل على الأرض.. ما دام عرمان رئيساً لوفد الحركة وفرح العقار.. الواقف بين اليافطتين.. خبيراً من جانب الحركة.. فخبرته لا تتعدى.. لبس قناع لكل موقف.. فالتفاوض الذي حددته قرارات مجلس السلم الإفريقي.. ومجلس الأمن محصور.. في قضية «المنطقتين».. لا في الحل الشامل لقضايا السودان.. ولا في تشكيل حكومة قومية انتقالية.. كما ذكر عرمان. وما قلناه قبل بدء المفاوضات.. إن «القطاع» غير جاد.. ولا رغبة له في الوصول إلى اتفاق.. ولو كان جاداً.. لكان مالك عقار.. والحلو جلوساً على طاولة التفاوض.. فلا علاقة لعرمان بالمنطقتين لكن كما يبدو.. أن «القطاع» بضغط من الجبهة الثورية يريد الالتفاف حول أجندة التفاوض.. ليقود المفاوضات إلى نيفاشا جديدة.. التي بلا شك هي أجندة خبراء الحركة الذين ازدحمت بهم فنادق أديس أبابا.. مدعومة «بخبرة» فرح العقار «الإستراتيجي» في النزاعات.. وعجباً أن حلم عرمان بحركة شعبية لتحرير السودان ما زال يعشعش في ذاكرته الخربة.. بعد انفصال الجنوب.. وبعد الذي يجري في دولة الحركة الشعبية.. فحزب الحركة الشعبية.. يتهاوى ويتشظى في الجنوب.. فإن أراده عرمان فليذهب إليه.. في جوبا.. أو في بانتيو. فحتى لا يضيع أبنا المنطقتين الفرصة.. أمامهما طريق واحد.. لا اثنان.. إن كانوا فعلاً يريدون السلام والاستقرار لمواطنيهم.. أمامهم.. وقف تلاعب عرمان وطغمته.. من الخبراء.. وعملاء المخابرات.. وأصحاب الطموحات الشخصية.. وقف تلاعب تجار الحروب.. وسماسرة الحرب.. والانتهازيين.. فأهلهم في جنوب كردفان والنيل الأزرق.. كرهوا الحرب.. وقلوبهم معلقة بالسلام.. «وقالوا البيابه الصلح ندمان».