ينتج تلوث المياه عادة من سهولة إلقاء المخلفات في المسطحات المائية، وحتى وقت قريب كانت المسطحات المائية قادرة على التخلص من المواد الضارة وذلك نظراً لصغر كمية المخلفات وبذلك لم يكن الضرر واضحاً، ولكن وبمرور السنين ونظراً للتضخم الذي حدث في السنوات الأخيرة وفي حجم التجمعات السكانية ونتيجة لزيادة التركيز الصناعي وتطور وتعدد المواد الكيماوية المستعملة في الصناعات الحديثة لم تعد المسطحات المائية قادرة على استيعاب هذا الكم الهائل من المخلفات، وهنا أصبح من الضروري تدخل الإنسان لمنع هذه الأضرار وذلك أن من المعروف أن كمية الأوكسجين الذائب في المياه من أهم العوامل التي تساعد على الحفاظ على جودة المياه وذلك لأن الأوكسوجين ضروري لعملية الأكسدة البيولوجية الهوائية للملوثات العضوية، فإذا زادت كمية الملوثات زاد الاحتياج إلى الأكسجين وقلت كميته وبهذا تصبح المياه غير صالحة لنمو الأحياء المائية المتطورة من أسماك وخلافه. أما إذا وصل التلوث إلى الحد الذي يؤدي إلى استهلاك كل الأوكسوجين الموجود أصلاً في المياه فإن هذا يتسبب في تكاثر البكتريا اللاهوائية بما ينتج عنه روائح غير مستحبة إضافة إلى انعدام الحياة البحرية المتقدمة ولا نبقى إلا الحيوانات الأولية وهذا ما يحدث في كثير من المسطحات المائية التي تستخدم في إلقاء نفايات المصانع والمدن المحتوية على مواد عضوية دون علاج هذا بالإضافة إلى أن بعض هذه المواد لها تأثير سام مثل المبيدات الحشرية وبعض المواد الكيميائية، أما المواد غير العضوية فهي مواد غير قابلة للأكسدة البيولوجية ومعظمها لا يطرأ عليه أي تغيير بإلقائه في المسطحات المائية وبالتالي ليس له احتياج أوكسوجيني بيوكميائي ولكن معظم هذه المواد يكون لها تأثير سام على الأحياء المائية فيحد من نشاطها، ومشكلة تلوث المياه في الدول التي لا تزال في المرحلة الأولى أن التقدم أكثر تعقيداً من تلك التي تواجهها الدول المتقدمة ويرجع ذلك إلى المعدلات الكبيرة للزيادة السكانية وتدل الإحصائيات الحديثة على أن معدل الزيادة في الدول النامية يزيد عن «40%» عن معدل الزيادة في الدول المتقدمة وبالتالي فإن الاحتياج إلى الماء ومشكلات التلوث ستكون مضاعفة أو أكثر من مضاعفة كل عشر سنوات ويوجد أن الماء المطابق للمواصفات الصحية ووسائل الصرف الصحي متوافرة في الدول المتقدمة في حين أن الثلث فقط من السكان في الدول النامية تصل إليهم المياه النقية إلى منازلهم أو بالقرب منها وأمام هذا القدر غير الكافي من الخدمات تزداد المشكلات الصحية نظراً لاضطرار السكان إلى استعمال نوعيات من المياه دون معالجة كافية مما يقلل من مستوى النظافة العامة وينشر العادات السيئة التي تؤدي بدورها إلى وصول الملوثات لمصادر المياه، وهناك العديد من صور تلوث المياه وكل له تأثيره منها التلوث بالبكتريا والفيروسات وغيرها من الكائنات المسببة للأمراض ومنها التلوث بالمواد العضوية القابلة للتحلل والتي تمتص الأوكسوجين من الماء وتتسبب في قتل الأسماك وإنتاج روائح كريهة والتلوث بالأملاح غير العضوية التي يصعب إزالتها بالمعاملات البسيطة التي قد تجعل الماء غير صالح للشرب أو لأغراض الري والصناعة والتلوث بالعناصر الغذائية وهي كالفوسفات والنيترات التي تشجع نمو النباتات المائية والطحالب التي ينتج عنها مواد عضوية قد تتسرب في قاع البحيرات والتلوث بالزيوت بما يتسبب في عزل الهواء عن الماء وبالتالي يصبح من الصعب تعويض الأوكسوجين المفقود ويحول الماء إلى ماء له احتياج أوكسوجيني على الموقع ويحد من وجود الكائنات المائية والتلوث ببعض المواد الضارة كالمعادن الثقيلة وأملاح المعادن وكذلك المواد المعقدة كالمنظفات الصناعية والمبيدات والتلوث الحراري والتلوث بالمواد المشعة ومن ضمن ملوثات المياه العذبة التي تسبب قلقاً وتوجد المواد السامة وخاصة المعادن والأحماض المترسبة وقد بذلت جهود معينة خلال العشرين سنة الماضية لتقليل تلوث الأنهار التي تسحب مجارير المناطق الصناعية مثل نهر الراين، وفي بعض البلاد النامية مثل كولومبيا وماليزيا وتنزانيا تبلغ مستويات مبيدات الكلورين العضوي في بعض أنهارها مستوى أعلى من المستويات المسجلة في الأنهار الأوربية. أما ترسب الأحماض فإنه ينشأ من ذوبان أكاسيد الكبريت والنتروجين في الأمطار والضباب وتنشأ تلك الأكاسيد من احتراق الوقود الحفري ولما كان متوسط بقاء هذه الغازات في الغلاف الجوي يمتد لعدة أيام فإنه يمكن انتقالها إلى مسافات تصل إلى آلاف الكيلو مترات.