منى النور: الزيارة السرية والخاطفة التي قام بها الوفد الرفيع المستوى برئاسة نائب الرئيس ووزير الدفاع ومدير جهاز الأمن لولاية شمال دارفور تأتي في أعقاب التطورات الأمنية المتلاحقة التي شهدتها خلال الأيام الماضية عدد من المحليات الشرقية والغربية بغرض الوقوف على الأوضاع الأمنية، وبحسب مراقبين فإن الاعتداءات التي شنتها الحركات المسلحة على المواطنين العزل والخسائر التي تكبدها الكثيرون من فقد للأرواح والأموال، أعادت إلى الأذهان أيام الأزمة الإنسانية الأولى في دارفور، فقد شهدت مدينة الفاشر تدفق أعداد كبيرة من النازحين وبدوره وصف والي الولاية عثمان كبر في تصريحات صحفية الأوضاع بالمتدهورة والمحرجة التي تتطلب تدخل الحكومة المركزية لتقديم المساعدات، وحسب الإحصاءات الأولية فإن المتأثرين بلغ عددهم أكثر من «350» ألف شخص من غرب وشرق الولاية. ويرى مراقبون أن الزيارة حملت في طابعها الأبعاد الأمنية من خلال تولي وزارة الدفاع مسؤولية استعادة المناطق المحتلة بالمحليات الشرقية مما يعكس أهمية وخطورة الأمر برغم عدم تسرب أية معلومات عن مضمون الاجتماع الذي دار بين وزير الدفاع وغرفة العمليات بقادة الفرقة السادسة مشاة بالفاشر. وقد حذر رئيس السلطة الإقليمية لدارفور التجاني السيسي في تصريحات سابقة أن عدم تنفيذ اتفاق الدوحة يعد واحداً من أقوى أسباب الصراع في دارفور، وقال إن تحقيق الاستقرار في دارفور يأتي عبر بسط هيبة الدولة بتقوية الجيش والشرطة والقوات النظامية، مقراً بصحة ما قالته بعثة اليوناميد عن خطورة الأوضاع بالإقليم، وقال السيسي إن الوضع في دارفور مضطرب ومقلق، مشيراً إلى أن الأحداث الأخيرة تسببت في حرق عشرات القرى ونزوح الآلاف من المواطنين. وأكد أن الإجراءات التي اتخذت في أعقاب زيارة نائب الرئيس حسبو عبد الرحمن ووزير الدفاع لولايات دارفور يمكن أن تسهم بصورة واضحة في بسط هيبة الدولة وتحقيق الاستقرار المنشود. في الوقت الذي يتجاذب فيه نافذون أمور الولاية سياسياً وقد أدى ذلك إلى تفاقم الأوضاع بصورة مريبة أسهمت في خلق هوة اقتصادية وأمنية واجتماعية لجهة تأثيراتها على استقرار الإرادة الشعبية الداعمة للاستقرار السياسي. وقد دفع السيد موسى هلال بمتطلبات لرئاسة الجمهورية والجهات ذات الصلة بالحكم الولائي حسبها البعض تعليمات لأجل إعادة الاستقرار للمنطقة، وفتح موسى هلال النار على الوالي كبر واتهامه له بالفتنة هو حديث الشارع العام اليوم في دارفور. وقال ل «الإنتباهة» الأستاذ عبد العزيز سليمان القيادي بالتيار والإصلاح إن الحركة تواجه خلافات مكتومة بين قادتها «الرئيس والأمين العام»، مشيراً إلى أن الحراك الإصلاحي داخل التحرير والعدالة يقوم بأمره قادة من الشباب في محاولة للم الشمل وإعادة الوحدة للحركة لتنفيذ بروتكول سلام الدوحة وإنزاله إلى أرض الواقع. بينما قال المحلل السياسي الأستاذ عبد الله آدم خاطر ل «الإنتباهة» إن ما يدور في الفاشر منذ الأسبوع الماضي يقع في دائرة الجرائم الكبرى، مشيراً إلى ضرب الحركات لمدينة سرف عمرة لمنزل العمدة بالأسلحة الثقيلة وحرق السوق والجزء الشمالي الغربي من المدينة وتشريد أكثر من «20» ألف أسرة اتخذوا مباني اليوناميد ملاذاً لهم. موضحاً ان هذه الواقعة تشير إلى انهيار علاقات وتحالفات المؤتمر الوطني مع القبائل الدارفوية، مؤكدا أن أحداث سرف عمرة تطبيق عملي لانهيار تلك التحالفات، مشيراً إلى أن التصريحات الدائرة بين موسى هلال المستشار بوزارة الحكم المركزي والوالي عثمان كبر تعكس التصدع الواضح في تلك العلاقات وقال إن الأحداث والصراع الدائر شكلها الخارجي يحمل الطابع القبلي، بينما هو في الأصل صراع على السلطة والثروة وبه تعطيل لمسيرة اتفاق الدوحة ولإمكانيات المواطن الذي أسهم في بناء العملية السلمية. أخيراً الصراع ما زال في أوله والسؤال الذي نطرحه أن التفلتات العسكرية أصبحت سمة بالمنطقة والدمارالذي خلفته الحرب منذ اندلاعها قبل عشرة أعوام مضت كانت له تبعات أبزرها الإنفلات الأمني وما يدور الآن أقل ما نصفه بأوضاع كارثية، فهل يمكن أن تسهم الجهود والتحركات لاحتواء الصراعات في المنطقة؟