جميلة حامد: تتنوع وتتطور أساليب جرائم الاعتداء على المال العام من عام لآخر، حيث يستخدم المعتدون أدوات تنم عن ذكاء إجرامي وذلك باستغلالهم ضعف الرقابة الداخلية بالمحليات، فصرفها مرتبات لأفراد لا يعملون بها ولا بوحداتها المختلفة يعتبر زيادة عبء على الموازنة وصرفاً دون وجه حق، هذا ما أكده تقرير ديوان المراجعة القومي بولاية الخرطوم في تقريره الذي أوضح أن هناك تبديداً في المال العام بمحليات الولاية، وقد أشار في هذا التقرير لصرف حوافز غير منصوص عليها في لائحة أسس وضوابط منح الحوافز لأعمال من صميم أعباء الوظيفة مثل جرد الخزينة إضافة لحافز لجنة العهد. وفي ذات الوقت فقد حدثت تجاوزات الاعتداء على المال العام بالمحليات بتسهيلات من نافذين بالوحدات الإدارية، وهذا ما حدث في وقت سابق بمحلية الخرطوم فقد اختفى أكثر من مبلغ «500» ألف جنيه من إيرادات المحلية في العام 2012 هذا ما أكده أحد المصادر بحسب صحيفة «السوداني» في وقت سابق، مضيفاً عن وجود تجاوزات مالية بمشروع نظافة محلية الخرطوم مما دفع الجهات المسؤولة لتعيين لواء أمن للكشف عنها وحسم ملف الفساد بها الذي اعتبرته المصادر أنه أضر كثيراً بأداء المحلية، ففي بعض الأحيان تتجه أصابع الاتهام نحو المتحصلين لرسوم الخدمات بالمحلية الذين يوفر لهم الحماية موظفون نافذون بالوحدات الإدارية بالمحلية، وفي ذات الأثناء حذر معتمد الخرطوم اللواء عمر نمر في منتصف شهر رمضان الماضي، حذر مدير الوحدات من حماية المتجاوزين للمال العام خاصة موظفي التحصيل، وطالبهم بإعداد قوائم بأسمائهم وفي حال لم ينفذوا التوجيه الصادر منه هددهم بالبحث عنهم بطريقته الخاصة ومن ثم تقديمهم للسلطات المختصة لكى يواجهوا الإجراءات القانونية المتبعة ضدهم، وفي سياق متصل طالب تقرير ديوان المراجعة القومي بولاية الخرطوم بإعداد الهياكل الوظيفية لإظهار الموازنة المصدقة بحقيقتها، إلا أن المحليات لم تلتزم بإعداد هياكل وظيفية تتضمن الوظائف المصدق بها ومسمياتها، وفي ذات الوقت استشهد تقرير المراجع العام بما حدث بالمواصفات الفنية ودراسات الجدوى الاقتصادية بمشروع المجمع الرياضي بمحلية أمبدة «مدينة السمراء» التي لم تعد لها دراسات جدوى اقتصادية حيث تم تسليم المبنى دون التسليم النهائي، حيث لوحظ ظهور بعض العيوب بالمبنى كتشققات بالفندق والمبنى الملحق به إضافة لوجود تسرب في حوض السباحة، هذا إضافة لمشروع سوق الخضر والفواكه بمحلية كرري الذي لم يكتمل وتوقف العمل به لصعوبة حفر آبار الصرف الصحي، وفي تصريح سابق أكد معتمد محلية الخرطوم السابق د. عبد الملك البرير وجود فروقات ظهرت في توزيع سلعة السكر بالمحلية مقارنة بالتوزيع والكمية المستلمة من شركات التوزيع والمطروحة في الأسواق، وقد قدرت الفروقات بحوالى «219» طناً، وهذا يدل على استمرار تبديد المال العام لكن بطرق وأساليب مختلفة، وهذا ما حدث في الحملة الشعبية والرسمية التي تسارعت في أعقاب الأمطار والفيضانات التي شهدتها ولاية الخرطوم بداية شهر أغسطس الماضي. فقد أظهر التقرير الذي قدمه ديوان المراجعة القومي بولاية الخرطوم حول تقرير أداء لجان درء آثار الأمطار والسيول والفيضانات خلال الفترة من الأول من أغسطس وحتى العشرين من سبتمبر الماضي، فقد رصد الكشف رقم «2» المرفق مع التقرير والذي يبين الوارد والمنصرف والمتبقي بالمخازن حتى 29/9/2013م، «52» صنفاً في مخازن الهيئة، مشيراً في جزئية أخرى منه إلى وجود أجزاء من تلك المواد حتى الآن في مخازن محلية كرري التي تضمنت «43» مشمعاً و«108» كراتين سلة غذائية و«197» جوال سكر زنة خمسة كيلو و«97» كرتونة تمور و«109» قارورات زيت زنة لتر إضافة لخمس خيام. والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم يتم توزيع تلك المواد للمتضررين؟ وهل سوف تستمر محليات الخرطوم في ضعف رقابتها إعطاء فرص لهؤلاء المعتدين الذين درجوا على تبديد المال العام؟ أم أنها سوف تعمل على تقوية رقابتها الداخلية لتقليص فرصة الاعتداء من قبل ذوي النفوس الضعيفة الذين أصبحت مهنتهم تبديد الأموال العامة؟