زارتنا شذى وهي فتاة شابة في غاية الجمال تقدم لخطبتها زوجي قبل أن يتزوجني وهي طالبة في المرحلة الجامعية، واعتذرت له، وقالت له إنها ستواصل تعليمها، لكنها عندما تخرجت قالت له إنها معجبة به فعلاً لكنها تفتقد فيه بعض الجونب وأهمها أنه ليس رومانسياً ولا يعرف لغة المشاعر الرقيقة، عندها استسلم للأمر الواقع، ويبدو أنه لم يكن متعلقاً بها كثيراً إذ سرعان ما تجاوز الأمر وبدأ يتقرب مني أكثر، فأنا كنت ابنة خاله، وكلانا لا يجيد فن الإفصاح عن المشاعر، وكنت أنا مرهفة ورقيقة، في حين أنه كان صلباً ويبدو في علاقته معي وكأنه يدير شركة وليست شراكة زوجية، وعندما طلب الارتباط بي قال لي: أنا عملي جداً ولن أكذب عليك وأقول بأني متيم بك لكنني واثق أن الألفة بينا بعد الزواج ستكون أعمق من العلاقة الملتهبة بعد الزواج، وبما أنني كنت معجبة به منذ فترة دون أن أفصح عن مشاعري له وافقت على الفور، وبعد الزواج حدثته عن حقيقة مشاعري المكبوتة تجاهه منذ المرحلة الثانوية في حين أنه لم يكن ينتبه لذلك، وإن كان أحياناً يشعرني وكأنه يبادلني هذا الإحساس. وعندما استمع لحديثي ابتسم وشعر بالارتياج لكنه لم يعلِّق، فسألته: هل خطر على بالك يوماً أن ترتبط بي رغم أنك لم تكن تبادلني هذه المشاعر، صمت برهة وقال لي: خطر لي هذا الأمر لكن بصراحة لم يكن يسيطر عليَّ هذا الإحساس كثيراً لكن كنت معجباً برقتك وطيبة قلبك، فقلت له: وماذا عن الآن، ابتسم وقال لي أجيبي أنت عن هذا السؤال. هنا تضايقت وقلت له إني أشعر أن مشاعرك بعيدة جداً عني رغم أن زواجنا مر عليه عامان، ربت على كتفي وقال تذكري أنني قلت لك قبل الزواج أن مشاعري بعد الزواج ستكون مبنية على الإلفة والمودة بيننا وهي أعمق كثيراً من علاقة الفوران العاطفي مثل الدواء الفوار سرعان ما يخبو، قلت ولكن الزوجة في حاجة أحياناً إلى هذه المشاعر الملتهبة، قال ربما أكون فاشلاً في هذا الأمر فلم تكن ثقافتي مستمدة من المجلات والكتب والأفلام الرومانسية، فقد كنت أعشق كتب النقد الأدبي وأقرأ كثيراً في السياسة والفلسفة ولم أكن مثلك أقتني دفتراً معطراً أسجل فيه خواطري الرقيقة لأنني بصراحة لم أكن رقيقاً ولم أهتم يوماً بالتعرف على الفتيات في الجامعة أو في مكان العمل. تذكرت كل هذا الحوار بيننا عندما رأيت الاهتمام واللهفة في عينيه تجاه شذى، فقد حرص على الجلوس معنا والمشاركة في الحديث رغم أنه لم يكن يفعل ذلك مع أي من الفتيات اللائي يزرنني حتى من أقرب أقربائه، وكنت أتعمد مراقبة وجهه عندما يتحدث معها، وافتقدت التركيز وهي تتحدث معي حتى أنها لاحظت ارتباكي فآثرت الصمت، لكن زوجي لم يدعها وأخذ يتحدث معها، لكنها بدأت ترد عليه باقتضاب وكل ذلك لم يجعله يتوقف عن الحديث، وهنا استأذنتها بالذهاب إلى المطبخ وتعمدت أن ابتسم ابتسامة عريضة حتى أزيل اللبس الذي تركته لديها بعد الارتباك الذي داهمني، ثم ألححت عليها أن تتناول الغداء فوافقت، ولم يتوقف زوجي من التداخل في الحديث معها. وحينما خرجت صارحته بكل ما رأيته وأحسسته، فقال لي: كل هذا توهم لكنك تعرفين خلفية رغبتي السابقة بالارتباط بها، ولهذا كنت ترين الأمور بهذا التأثير، وتجادلنا طويلاً فقال لي: أنا ذكرت لك أنني لا أهتم بلغة المشاعر، وكان عليك أن تكوني مطمئنة قلت: ولكنك لم تكن تبعث على الاطمئنان، هنا ضحك ضحكة عالية أغاظتني، وقلت له هذا اعتراف ضمني، فضحك ثانية وقال لي: هب أنني أشعر بمشاعر خاصة تجاهها فمن الذي سيتغير؟ إنها رفضتني قبل الزواج فهل يمكن أن توافق بعده؟ قلت أنا لا أتحدث عن الزواج ولكن عن المشاعر، قال ببرود: وأنا لست رجل مشاعر، حينها دلفت إلى غرفتي وسالت مني دموع ساخنة وعندما رأيته سارعت بمسحها لكنه لم يسألني، فخرجت من الغرفة ودلفت إلى الحمام.. وهناك بدأت أنتحب.