ماذا يجري في مصر.. عنوان كبير حظي بمتابعة الكثيرين الذي شغلوا مقاعد الصالة الكبيرة، أو هكذا يسمونها في قاعة المشير الزبير للمؤتمرات أمس الأول، من المهتمين بالشأن المصري، وقد تلاقت العيون باحثة عن إجابة لتلك المقدمة التساؤلية التي ساقتها صحيفة «الإنتباهة» في ترويجها للندوة، التي تحدث فيها عدد من الذين ارتبطوا بالملف المصري، سواء كان عبر قربهم من الأخوة الإسلامية التي لها وشائج قربى وصلة بالشعب السوداني، حاضره وماضيه منذ بواكيرها في عهد منشئها الإمام حسن البنا، ومروراً بالشهيد سيد قطب، وكان لدورهما الأثر العظيم في جعل هذا الحبل يتمادى تواصلاً في السراء والضراء وحين البأس، و كان لهذا التداعي الأثر العظيم في نفوس الذين حضروا هذه الندوة من المصريين. فقد كانت أحكام التشفّي التي أنزلتها الحكومة المصرية، عبر قضائها غير العادل، بل أن التسييس ظهر في أوضح صوره في هذه الآلية المناط بها كامل الاستقلالية والحيادية، فيما تنظره من قضايا. فقد كان لذاك الحكم فعل السحر في أسر أفئدة الكثير من المتابعين ورسخت هذه المتابعة أن تلك الأحكام جريمة عُدت بأنها جريمة العصر. تمايز الصفوف وقال المراقب العام للإخوان المسلمين في السودان الشيخ علي جاويش في بداية حديثه عن الحال التي وصلت إليها جماعة الإخوان المسلمين بمصر، إن الصفوف قد بدأت تتمايز تماماً بعد أن أحكم السيسي القبضة على الأوضاع بانقلابه على الشرعية، وذهب المرشد إلى أبعد من ذلك حينما شبّه المرحلة التي تمر بها مصر، بفترة التسنين التي تنتاب الوليد أو الرضيع، لما فيها من عنت ومشقة وسهر، وأضاف إن هذا التمايز انتقل الآن من الشعب المصري إلى الحكومات العربية التي بدأت تتمايز هي الأخرى، رغم أن مواقف بعضها لا زال يلفه الغموض، لكن البعض الآخر أعلن تأييده المطلق للثورة المصرية. وانتقد جاويش موقف السعودية ومن تبعها من دول الخليج في وقوفها ضد حرية الشعوب، بعد أن أصبحت تساند السيسي في مواقفه الإجرامية ضد الإخوان، كما أنه انتقد محاولة بعض الدول العربية، إقناع شعوب وحكومات بعض الدول الإسلامية بآسيا كالهند وغيرها من الدول، وتأليبها وتحريضها للوقوف ضد الأخوان الذين أصدرت فيهم فرمانات بلاطية، عن إرهابيتهم، ولكنها اصطدمت بإرادة تلك الشعوب المناصرة للحق، وأشاد بموقف قطر الداعم للشرعية بيد أنه قال إن هناك دولاً كثيرة لم توضح موقفها حتى الآن مما يجري بمصر. وأكد جاويش أن التمايز الآن يتغلغل وسط الشعوب كافة، والآن في مراحله الأخيرة ولابد من أن ينتهي إلى تحرير الشعوب العربية والإسلامية وانتصارها، بعد أن أورث المستعمر قبل مئات السنين، قاداتها وملوكها وأمراؤها ليكونوا وكلاء لسيطرتهم على المنطقة، وقال إن الحبل اليهودي الذي التف حول البلاد العربية، سيلتف حولنا في السودان، مؤكداً أن السودان جزء من العالم العربي والأمة الإسلامية وعليه أن يعرف ماذا يجري حوله. خارطة طريق وطالب الدكتور كمال رزق إمام وخطيب مسجد الخرطوم الكبير، الأخوان المسلمين بإعادة قراءة التاريخ واستلهام خارطة طريق جديدة، للتعامل مع الوضع الراهن، الذي لا يعترف إلا بالقوة مؤكداً أن الطواغيت لا يفهمون إلا لغة القوة إذ «لا يفل الحديد إلا الحديد» وقال إن الأخوان إذا أرادوها غير سلمية فإن الشعار هناك سيكون وقتها « أنج سعد فقد هلك سعيد» مؤكداً أن شعار سلمية سلمية، شعار تقدمي لإنسان متحضر، أما السيسي فإنه شخص لا يفهم معاني هذه الكلمة ولا زال يقتل فيهم ويحرقهم في السجون وهم يرددون سلمية سلمية. وقال كمال إن كل من يقول بإرهابية الإخوان لم يقرأ التاريخ، وهذه الفرية انطلت على الكثير من المسلمين وأصبحت تردد بغباء شديد، وهناك من يقبض ثمن ترديد إرهابية الإخوان رغم أنهم كانوا يقولون نحن دعاة.وقال إن جماعة التكفير والقاعدة والجهاد خرجوا من الإخوان المسلمين بعد أن اشتد بهم البلاء، واعتبر رزق، الإمام حسن البنا مجدد القرن العشرين وهو سابق لأهل زمانه، وقال إن دعوة الإخوان جاءت لترد الأمة إلى الجيل الأول الرائد، وأنها قد مرت بابتلاءات لم تمر حتى على الصحابة. مؤكداً أنه ومنذ أيام عبد الناصر عندما أعادهم إلى السجون، بعد حربهم في فلسطين بدأت المشانق تفعل فعلها في هؤلاء. ولكنهم لم ينتقموا، شارحاً الكيفية التي قتل بها البنا، وسيد قطب، وعبدالقادر عودة، ورتل كبير من الإخوان ورغم ذلك لم ينتقم الإخوان. تقاطعات ومصالح أما اللواء ركن «م» يونس محمود محمد مسئول الإعلام في الحركة الإسلامية بالخرطوم، فقد قدم فذلكة تاريخية عن موقع مصر الجغرافي والتاريخي عبر الأمم ،وقال إنها محط تقاطعات ومصالح لكثير من الدول والحضارات، ومشى على أرضها الكثير من الغزاة، ولفت إلى أنها سوف تبقى محط تقاطعات أهل النفوذ الذين لم تخلُ ساحتهم من توفيق صناعة الأحداث في مصر. وأكد يونس أن القوة الدولية تسعى لتسيطر على الساحة السياسية وأجهزة الحكم في مصر. مؤكداً أنها ظلت تعاني ويلات السيطرة منذ خمسينيات القرن الماضي، مشيراً إلى أن إسرائيل قامت باختراق الشعب المصري، بضرب مكوناته ونسيجه وقادته إلى التشكيك في الإخوان المسلمين، فيما أكد أن أمريكا أيضاً قامت بتكييف الجيش المصري على المدى البعيد وعزله عن تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ولا يسعى لامتلاك السلاح النووي وأي سلاح آخر غير أمريكي، بجانب أنها جعلته ينشغل بالقضايا الاقتصادية، منتقداً في الوقت نفسه إقدام الجيش المصري بالاعتداء على المواطنين العزل وتقتيلهم. وأكد يونس أن القضاء المصري، أطاح بمفهوم العدالة حينما حكم على أكثر من «529» عضواً من الإخوان المسلمين بالإعدام، وقال إن الشرطة ينسحب عليها ما أنسحب على الجيش. وقال إن ما يجري للإخوان مخطط قديم بدأ منذ الخمسينات، حينما أعلن عبر الإعلام «معاً ضد الأخوان المسلمين»، وقال إن معاداة بعض الدول الإسلامية للإخوان يأتي خوفاً من نظرية التداعي،التي بدأت من تونس مروراً بليبا، وقال إن كل الدول المعادية تعمل على إبعاد الإخوان عن السلطة، حتى لا يؤثروا على العالم من حولهم، مشيراً إلى سيناريوهين محتمل حدوثهما بترشيح السيسي نفسه حاكماً على مصر، حيث إن السيناريو الأول أن يقوم بإطلاق الإخوان وإعلان العفو عنهم بإسقاط عقوبة الإعدام الموقعة عليهم وإعادة دمجهم في المجتمع، -واصفاً هذا السيناريو بالخبيث- ، أما السيناريو الآخر هو أن يقوم الشعب بهبة كبرى تطيح بالسيسي، ولكن ربما عادت عملية التنكيل بالإخوان مرة أخرى، مشيراً إلى إسرائيل بأنها صاحبة القدح المعلى والكيل الأوفى في هزيمة أفراد الإخوان نفسياً وملاحقتهم. خطط قديمة أما السيد نصر الدين محمد أحمد أمين أمانة الحكومات في المؤتمر الشعبي، فقد أشار في حديثه إلى المتغيرات التي جرت في المنطقة، وقال إنها السبب الرئيس لما يجري في مصر اليوم. وقال أمين أمانة الحكومات بالشعبي إن ما يحدث في مصر «خطط قديمة في أواني جديدة» وأن التغييرات التي حدثت في العالم العربي أخافت الكثير من الدول، وقد ظهر هذا جلياً في الحكومات التي تنتهج غير الإسلام منهجاً للحكم، كحكومة بن علي في تونس والقذافي في ليبيا ومبارك في مصر. سيناريوهات مختلفة ويقول الدكتور أسامة توفيق من حركة الإصلاح الآن، إن ما يجري له علاقة بأحلام دولة إسرائيل الكبرى، التي تحاول إقامتها على أنقاض دولة مصر، مؤكداً أن الجيش المصري لم يستفد من التجارب والتاريخ، مؤكداً أن موقف الإخوان مما يجري شرعي وما قام به السيسي انقلاب على الشرعية. و أشار إلى أن النطق بحكم الإعدام مقصود لحد ذاته لبرهنة هيمنة وسطوة القوة القابضة وتبيان مقدرتهم على فعل كل شيء. مشيراً إلى العدد الكبير المحكوم عليه بالإعدام والأعداد القادمة إنما هي محاولات لرفع سقوف المساومة مع الإخوان، بيد أنه أكد أن أي نموذج لرد الاعتبار خطير إن كانت ثورة عنيفة أو انقلاباً ، في الوقت الذي أكد فيه أنه لا بديل عن الشرعية وإطلاق المعتقلين السياسيين، ومحاكمة من تسببوا في قتل العديد من المتظاهرين في ميدان رابعة، والسجون بجانب إتاحة مناخ ديمقراطي حر، يتم فيه تراضي وطني وتداول سلمي للسلطة بالاحتكام للشعب في مناخ صحي. وأكد أن هذا الموقف يحفظ مصر والمنطقة العربية والإسلامية، لكنه أكد أن سيناريو آخر سيحدث ما يعرف «بالفوضى الخلاقة في المنطقة»، وقال إنه وبالسيناريو الذي حدث في مصر لم يبق للسودان دولة في الجوار آمنة، مشيراً إلى أن الوثبة القادمة ربما تكون على السودان ولابد من الاحتياط لهذا السيناريو. منطق القوة وقال عبدالكريم محمد أحمد إبراهيم عضو مجلس الشعب المصري في زمن مرسي عن حزب النور،الذي عرّف نفسه بأنه أول مستقيل للوقوف إلى جانب الحق عند بروز الأزمة، قال إن دولة الإسلام قادمة وأن اليهود علموا قبل المسلمين، أن دولة الخلافة قادمة من مصر والسودان وتركيا لذلك ظلت شديدة العداء لهذه الدول، وأثنى على حديث من سبقوه وقال، ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا، مطالباً الإخوان باعتماد منطق القوة، بدلاً عن السلمية التي ظلوا يعتمدونها وسيلة للتعامل مع الحكومة المصرية. وقال ما يجري في مصر مؤامرة حقيقية، مشيراً لذلك بأن السيسي فقط من نجا من طائرة الضباط المصريين الذين نالوا تأهيلاً عسكرياً في أمريكا، وقامت الولاياتالمتحدة بإسقاط طائرتهم في المحيط، بعد أن خلفت السيسي، موكداً أن السيسي عميل أمريكي وأن الحرب الآن حرب على الدين، مبيناً أن الخطوة القادمة هي السودان وعلى شعبه المحافظة عليه.