بعد طلب الحكومة من المواطنين أن يربطوا الأحزمة جراء الحزم الاقتصادية التي قامت بها، ظهر كثير من المعالجات التي قام بها الناس للتأقلم مع الوضع الجديد، فربطت بعض الفئات الحزم وأصبحت تتردد على مطاعم والكفتريات، وأستبشر أصحابها خير بإضافة فئة جديدة، ولكن كانت المفاجأة الكبرى في انتظارهم بفقدانهم زبائنهم الذين كانوا يشكلون القاعدة الكبيرة لهم وذهابهم إلى البقالات والدكاكين حيث يوجد بائعو الفتة التي أصبحت الحل للطبقات الكادحة والفقيرة وأصحاب الدخول المحدودة لرخص ثمنها، خاصة بعد الزيادة الكبيرة في أسعار الوجبات التي كانت تعتبر هي في الأصل وجبات للشرائح الضعيفة. ويتخذ العاملون في هذا المجال من البقالات والدكاكين مقراً لعملهم، فهم لا يحتاجون للكثير من الأدوات مثل المطاعم والمحلات، فكل ما يحتاجونه مجرد طاولة كبيرة لإعداد الفتة ووضع مكوناتها حتى تسهل لهم عملية إعداد الفتة وبنابر أو فرشات يجلس عليها الزبائن، وهي من الأسباب التي جعلت الاقبال عليهم كبيراً، وهجر المطاعم والكفتريات، وكان هذا سبباً لجذب الكثيرين للعمل في تلك المهنة وحجز مكان لهم في البقالات والدكاكين، ونال بعضهم شهرة كبيرة في صناعة الفتة حتى أصبح لا يستطيع العمل وحده، فتجد له عدة مساعدين يعاونونه في تقديم خدمة أسرع لتفادي الزحام أمامه وبسبب محدودية المساحات التي تتوفر له، وكذلك أماكن جلوس الزبائن، فكلما كان أسرع استطاع تحقيق كسب كبير عن طريق بيع اكبر كمية وتفادي التأخير الذي ربما يتسبب له في خسارة وفقدانه بعض الزبائن الذين يملون من الانتظار أو من عدم وجود مكان للجلوس عليه. مهارة ودقة وسرعة وعلى الذين يريدون العمل والاستثمار في هذا المشروع أن تنطبق عليهم ثلاث صفات في غاية الأهمية على حسب رأي الذين يعملون في هذا المجال، وهي المهارة في إعداد الفتة وهي أهم صفة، لأن نجاح العامل يتوقف عليها، فإذا أجاد كسب الكثير من الزبائن وإلا لا يجد من يأتي إليه، وأيضاً السرعة وهي تلعب دوراً مهماً لأنها تساعده علي إنجاز العمل وكسب الكثير من المال ببيع أكبر كمية، ويحتاج للدقة بشدة خاصة في وضع المقادير المناسبة دون نقص أو زيادة لتكون الفتة ممتازة وشهية، وكل طلب يكون مثل الآخر في الطعم. منافسة محتدمة بينهم وبعد أن أصبح هذا المجال ناجحاً ويدر الأموال بدأ الصراع والتنافس على أشده بين العاملين في مجال صناعة الفتة بابتكار الخلطات التي قد تحسن طعمها، فكل واحد يمتلك خلطة يضيفها للزبون، ومن خلال تلك الخلطة يتميز كل واحد عن الآخر ويكتسب زبائن أكثر، وتختلف تلك الخلطات من واحد لآخر، فتجد واحداً يضيف سلطة طحينة وآخر سلطة روب، وهناك من يضيف للفتة بعض أنواع الشوربات من شوربة عدس وكوارع، أما أحد العاملين في هذا المجال فقد ابتكر خلطة مكونة من «الزبادي والفول السوداني والثوم مع القليل من الفلفل» وهناك من لم يفصح عن خلطته السرية واحتفظ بسريتها حتى لا يتم تقليده. استغلال أصحاب الدكاكين والبقالات ونسبة لكثرة زبائن العاملين في الفتة، نجد أن أصحاب الدكاكين والبقالات يحاولون قدر الإمكان استدراجهم للعمل بالقرب من محلاتهم حتى يستفيدوا من زبائنهم في رفع القوة الشرائية في محلاتهم وتصريف بعض البضائع والمواد التي يحبذها معظم الناس أثناء تناول الوجبات، وبالأخص وجبتي الفطور والعشاء اللتين تكونان داخل دائرة اختصاص بائعي الفتة، لأن وجبة الغداء خارجها، حتى وصل الأمر إلى إجراء اتفاقيات سرية بين أصحاب البقالات والعاملين في مجال الفتة وخاصة المشهورين، للانتقال للعمل بالقرب من محلاتهم حتى لو تطلب الأمر تذليل بعض العقبات التي تواجه بائعي الفتة.