خرجت المخابرات السعودية من العباءة الملكية بعد أن ظلت بين أمراء آل سعود ل(38)عاماً، حيث أعفى الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات العامة بندر بن سلطان «65 عاماً» من مهامه وكلف نائبه يوسف بن علي الإدريسي بالعمل مكانه بعد ترقيته إلى رتبة فريق أول، وبحسب بيان القصر الملكي فإن قرار الملك جاء بناء على طلب من الأمير بندر بن سلطان، وكانت تقارير إعلامية ذكرت أن بندر بن سلطان يمضي فترة نقاهة في قصره في مراكش بالمغرب، بعد عملية جراحية أجراها في الولاياتالمتحدة، وكان السودان من أوائل الدول التي تأثرت علاقاتها بالسعودية عقب تعيين الأمير بندر للمخابرات في العام 2012 ففي عهده تم القصف الإسرائيلي لمصنع اليرموك بالخرطوم بجانب حادثة طائرة الرئيس عمر البشير عندما قامت السلطات السعودية بمنعها من دخول أراضيها، خلاف أن الهجمة الإعلامية السعودية كانت على السودان إبان أحداث سبتمبر 2013م، عندما رفعت الخرطوم الدعم عن المحروقات وتبنت قناة العربية التي يديرها جهاز الاستخبارات السعودية أحداث السودان. إقليمياً فقد كان الأمير بندر له موقف واضح بدعمه الانقلاب في مصر وتبني السعودية خط المواجهة ضد الإخوان المسلمون في مالي وليبيا وتونس وسوريا، مما أدى لوقوع الخلاف الشهير بين السعودية وقطر عندما قام الأمير بندر بالدخول في ملاسنات مع دولة قطر وأدى للقطيعة المؤسفة الحالية بين البلدين، بخلاف أن بندر كان من داعمي خط الولاياتالمتحدةالأمريكية لضرب سوريا عقب مجزرة الكيمياوي التي أشارت العديد من المصادر آنذاك أنها كانت بأياد خارجية ولا علاقة للنظام السوري بها. أما مدير المخابرات الجديد فلم يُعرف عنه الكثير ويعتبره البعض شخصيةً غامضةً في الجهاز، وهي عادة ترجع لخصوصية رجال المخابرات في العالم، لكن المتتبع لجهاز الاستخبارات السعودي لن يفاجأ بوصول الفريق يوسف لقيادة الجهاز، خاصة وأنه حصل على ثلاث ترقياتٍ في فترةٍ وجيزة جداً، بثلاثة أوامر ملكية وضعته الأخيرة على سدة الرئاسة العامة للاستخبارات، كأول شخصٍ يقود هذا الجهاز الحسّاس من خارج أفراد الأسرة الحاكمة منذ «38» عاماً، سبقه محمد بن عبد الله العيبان، واللواء سعيد بن عبد الله كردي، وعمر بن محمود شمس، هذا بخلاف أن روايات تقول إن جد الفريق يوسف جاء لمنطقة جيزان بالسعودية لزيارة ابن عمومته الإمام محمد بن علي الإدريسي واستوطنت عائلة الإدريسي جيزان ومن المعروف أن عائلة الإدريسي في السودان ولها فروع في مصر عقب قدومهم من المغرب، لذا فإن مدير المخابرات السعودي يعتبر ابن عمومتهم. أما بالنسبة لجهاز المخابرات السعودي فلقد تأسس عام 1956 تحت اسم رئاسة الاستخبارات العامة السعودية، ولرئاسة الاستخبارات العامة مجمع شامل في مدينة الرياض يحتوي على مبان متعددة ومراكز تدريب وتأهيل، وهناك مكاتب داخلية في مدينتي الخبر وجدة، وله مكاتب خارجية وتتبع للاستخبارات العامة أكاديمية ومركز هما أكاديمية علوم الأمن الوطني وهي مختصة بالتدريب غرب الرياض، ومركز الملك عبد الله للأمن الخاص بمدينة الطائف وهو مختص بتدريس أساليب المهمات الخاصة لضباط الاستخبارات للقيام بمهمات خارج المملكة. وبالعودة إلى الأمير بندر فإن صحيفة «الفاينانشيال تايمز» توقعت منذ أشهر مغادرته لموقعه إن فشل في ملف سوريا ووصل لعلاقات متوترة مع واشنطن، مما حدا بالرئيس الأمريكي باراك أوباما زيارة الرياض، وبحسب الصحيفة فيعتقد أن الأمير كان في المغرب للتعافي من جراحه، لهذا فإن أهم أسباب ترك بندر لمنصبه كان عدم تنبهه كمدير مخابرات بعودة العلاقات الأمريكية مع إيران بخلاف سحب ملفات سوريا واليمن من يده وتكليف وزير الداخلية محمد بن نايف آل سعود مسؤولية تلك الدولتين السياسة قبل أشهر، هذا بجانب أن الأسباب المرجحة لإعفاء الأمير بندر بن سلطان من رئاسة المخابرات أنه استاء من سحب الملفين السوري والإيراني منه وإعطائها لابن عمه الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية، وتهميشه بالكامل بعدها، الأمر الذي دفعه لمغادرة المملكة ولم يعد لها منذ ذلك الحين، ولوحظ أن الأمير بندر كان غائباً عن اللقاء الذي تم بين العاهل السعودي والرئيس الأمريكي باراك أوباما أثناء زيارة الأخير للمملكة قبل أسبوعين، وتبنى الأمير بندر سياسة متشددة تجاه النظامين الإيراني والسوري، ورغم أن قرار الإعفاء ذيل بعبارة بأنه تم بناء على طلبه، إلا أن إعفاء الرجل الذي وصفه المحلل السياسي الأمريكي، اليوت ابرامز، برجل المهمات الصعبة، يثير تساؤلات عن سبب إقصائه عن منصبه بعد تلك الفترة القصيرة في منصب جرت العادة في السعودية أن من يتولاه يظل به سنوات عدة، كما أنه يتوقع إن كان إعفاؤه بسبب المرض هو السبب، أن يتبع ذلك إعفاؤه من منصبه كأمين عام لمجلس الأمن الوطني، وهو المجلس المسؤول عن وضع سياسات الدفاع بالمملكة العربية السعودية، والذي ظل يحتفظ به مع منصبه كرئيس للاستخبارات العامة. لذا فإن الرئيس الجديد للمخابرات السعودية تنتظره العديد من ملفات تحتاج إلى التعامل بحنكة وعديد من القضايا الملتهبة في المنطقة خاصة ملف إعادة وتحسين العلاقات مع دولة قطر والسودان معاً، خاصة أن المدير الجديد يوسف الإدريسي له علاقات طيبة مع السلطات بالسودان بخلاف أبناء عمومته الموجودين بالبلاد.