أفراح تاج الختم: الأغاني السودانية وأغنية الحقيبة، وعلى مر الزمن شكلت وجدان الشعب السوداني العاطفي، وظلت ذهباً خالصاً يزادد لمعاناً وبريقاً على مر الأجيال. فتغنى بها جيل بعد جيل. بدأ بأغاني «التم تم» وأغاني الحماسة والسَيرة وأغاني الحقيبة، ومع الحراك الذي حدث في المجتمع رجع الناس إلى أغاني الدلوكة التي وجدت القبول والاستماع بإيقاع «التم تم» الجميل، كذلك ظهرت أنماط جديدة من الغناء فاتجه الشباب إلى الغناء السريع، الذي أحدث تلوثاً سمعياً واختلالاً في الذوق العام، أيضاً ابتدع بعض الشباب لونية جديدة من الغناء، وجدت قبولاً من البعض، ولكن طفح على السطح الدلوكة أصبحت سيدة الغناء فاطمة إبراهيم «موظفة» قالت إن بعض الفنانين الكبار بعد ظهور الايقاع السريع، وخصوصاً في الحفلات الجمهاهيرية، أصبحوا يشكلون ثنائيات، لاكتساب أكبر عدد من الجمهور وفي رأيي أن الاغنية السودانية الاصيلة فقدت جمهورها، من الذين يرتادون حفلات الاستماع. وأضافت قائلة إن جيلنا تطبع بأغنيات الاذاعة والتي قدمت أغاني جميلة وبأصوات فنانين عمالقة، وأضافت قائلة إن أغاني الدلوكة أصبحت سيدة الغناء في حفلات الأعراس. فارغة المحتوى محمد إدريس «معاشي» أغاني الدلوكة أخذت حيزاً كبيراً في قلوب السودانيين، مثلها مثل أغنيات الحقيبة، ووجدت قبولاً في كثير من الحفلات وأصبح البعض يفضلها على الاغنيات الهابطة التي غزت الساحة الفنية في الفترة الاخيرة، وأحدثت شرخاً كبيراً في المجتمع، فأصبحت عدد كلمات الاغنية لا يتجاوز بيتين من الشعر و«كلو كلام فارغ» لا معنى له والبقية موسيقى، ويضيف محمد على اتحاد الفنانين متابعة ما يحدث في الساحة الغنائية من حراك فني وعدم اعطاء بطاقة العضوية لكل شخص «نصف فنان» هناك ظلم للفنانين الكبار ماجدة عمر «طالبة» ابتدرت حديثها وقالت إن الجيل الحالي مظلموم ولا يستمع الى الكلمات الرصينة والجميلة، يجذبه الايقاع اكثر من الكلمات وحتى أغاني الحقيبة عندما يستمع إليها عند بعض الفنانين الشباب، يظن أن الاغنية لهذا الشاب، فاصبح هناك هضم لحقوق الفنانين الكبار وعدم معرفة باغانيهم وعلى الشاب عندما يتغنى لاحد الفنانين الكبار ان يذكر حقه الادبي، حتى يعرف ذلك كل من يستمع الى الاغنية، أية قبيلة لديها مغنية دلوكة الروائي والباحث وموثق اغاني التراث الاستاذ محمد حسن الجقر ابتدر حديثه ل«الإنتباهة» وقال، إن أغاني الدلوكة موجودة من زمن بعيد، فعندما جاءت المهدية اجتمعت حولها قبائل مختلفة جاءوا وبموسيقاهم، فنجد مغنيات القبيلة واي قبيلة لديها مغنية، فمثلاً الجموعية كان لديهم البريق، والسروراب الرجاء، ومقام مغنية الدلوكة التي احضرت خصيصاً لزواج الزبير ود رحمة كذلك نجد ام بابا، وام برعة، وادفريني، وبت مسيمس، وبنونة بت المك، والتومة بت عبد القادر، وهن الذين ادخلو الغناء الى امدرمان ووضعن لبنة غناء الدلوكة، فغناء السيرات كان لفئة معينة من اهل السودان السراري وتطور الغناء. اما بالنسبة لرجوع الناس لاغاني الدلوكة الان فنجد ان هناك بعض الاصوات النسائية الجميلة التي تطرب مثل انصاف مدني وغيرها، وهو غناء ساهل وجميل وقمة الابداع ان تغني المرأة. الأغاني تفرزها تغيّرات المجتمع وعن أسباب تدهور الغناء الآن يقول الجقر إن الشاعر اوالفنان الآن اصبح يطالب بحقه الادبي ولا يترك الشباب يتغنى بها، الا باحضار إذن تنازل من اسرته اذا كان متوفياً او منه، وهذا سبب مباشر ومن الطبيعي ان يتغنى شباب هذا الجيل باغنايهم الخاصة فالاغاني هي اشياء وراثية وليس هناك مصطلح اسمه الغناء الهابط، فنجد في فترة كرومة وسرور كان هناك غناء خلف الكواليس لم تقبله بعض فئات المجتمع، فتصدى له بعض الشعراء منهم الشاعر الكبير عمر البنا حاربوا اغاني «التم تم» التي اعتبروها هابطة في وقتها، فبعض السلوكيات والقيم تفرزها الحالة المادية في المجتمع وبالتالي تؤثر على الغناء، في السبعينات اغنيات توضح ذلك «شرطاً يكون لبيس من هيئة التدريس» اما الغناء الهابط كما يسمونه الان مثل اغنية« حرامي القلوب تلب» فنجد في السابق الشاعر عبيد عبدالرحمن قال «في سور وداخل سور» وتغير الزمن له اثر، فقد قال الشاعر عبدالرحمن الريح في احدى قصائده «الشادان الكاتلني ريده هلك النفوس والناس تريده نقرابي في صفحة خديده »، والغزل يأتي على حسب التركيبة الاجتماعية وزمانها ومفرداتها ما بين القرية والمدينة مثل « يا اخونا نحن كتلنا الثوب شبك في التنة» ومع مرور الوقت ولجوء النساء للرشاقة مثل « كلما اتملتا حسنك يا رشيق القى ايه »، ويضيف الاستاذ الجقر نحن نحترم الشباب الآن لأن الأغاني تأتى حسب افرازات المجتمع او الشكل الهرمي للاغنية، فمثلاً نجد في السابق اغنية الوسيم القلبي رادو، وكذلك من اغنيات الحركة «حبيبى غاب في موضع الجمال بلاقيه». غناء الفقاقيع ينتهي مع الحفلة الساحة الفنية في الفترة الاخيرة وخصوصاً برنامج نجوم الغد افرز عدداً من الاصوات، عبارة عن مكرفونات صينية ومن اسباب وجود غناء الشباب أيضاً انه مسموع وسط فئة طالبات الجامعات، وهناك من يستمع برجوله«بأرجله»، وعن النصوص الشعرية الغنائية المطروحة في الساحة الآن يقول الاستاذ الجقر إن بعضها جميلة وليست جادة، وهي عبارة عن فقاقيع بمجرد انتهاء الحفل تتبخر، فهناك فئة تسمع برجولها والقصيدة الآن لا تتجاوز الاربعة ابيات ، فالشعر اصبح سوق القصيدة تدفع فيها كم، والشعر الحقيقي ينبع من وحي وإلهام الشاعر. وعن دور المصنفات الادبية، قال ليس لها دور واضح و هل اختفت حفلات المجتمع الراقي ، قال أنا امدرمان هي مركز إشعاع ثقافي وحضاري وبها جلسات استماع ومنتديات تقام للآن، وهناك بعض الذين لم تتلوث اذانهم، وعن معالجة مشاكل الساحة الفنية يقول الاستاذ الجقر إنه يجب أن تحدث سمكرة بسيطة، فغناء الفقاقيع عمره قصير ينتهي بانتهاء الحفلة، وهذه نصيحتي للفنانين الشباب ويجب أن يمتلك أولاً الخامة الصوتية المميزة.الغناء الهابط أكثر، وكان لموثق أغاني الحقيبة محمد حسن الجقر رأي حول الموضوع.