هل كان محمد الشيخ مدني مديراً في شركة حجار؟ صحف الجمعة 52/4/4102م حملت خبراً يثير الدهشة والاستغراب: يقول الخبر إن شركة حجار للتبغ تقدمت لمجلس تشريعي الخرطوم بمذكرة تطلب فيها تجميد قانون مكافحة التبغ الذي أجازه المجلس وأصبح ساري المفعول.. وطالبت الشركة بمهلة جديدة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات لتطبيق اللائحة المنظمة لقانون مكافحة التبغ الصادرة منتصف يناير 2014م... فالشركة طالبت بمنحها عاما آخر لإنفاذ التعليمات الخاصة للتنبيه بمضار السجائر بالكتابة ووضع الصور التحذيرية على عبواته، وهذه تمثل نسبة «03%» من مساحة العبوة مقارنة ب «07%» من المساحة في الدول الأخرى، فضلا عن التماسها مهلة لمدة ثلاثة أعوام لتحديد نسب النيكوتين والقطران وأول أكسيد الكربون. وقد يتساءل المرء لماذا ثلاثة أعوام؟ والاجابة تعود للجشع والرغبة في مضاعفة الأرباح على حساب صحة المواطنين المدخنين، لأن نسبة هذه السموم من النيكوتين والقطران وأول أكسيد الكربون في السجائر في السودان أكبر بكثير من النسبة العالمية المسموح بها، مما سيجبر الشركة على استخدام أنواع جيدة من التبع تقل فيه نسبة هذه السموم، وذلك سيقلل كثيراً من الأرباح الباهظة، والشركة تراهن كذلك على الزمن فهي تقدر أن الوزير الحالي لن يبقى في منصبه حتى ذلك الحين والقضية سيطويها النسيان في عهد من يعقبه في الوزارة.. ومصدر الدهشة أن رئيس المجلس التشريعي اسلتم تلك المذكرة وكون لجنة لدراستها!! إن هذا تعدٍ صريح على مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.. ففي هذه الحالة كان دور السلطة التشريعية هو سن قانون مكافحة التبغ، وتلكأ المجلس في إجازة القانون مدة طويلة ولم تتم إجازته إلا بضغوط هائلة من وزارة الصحة ومن الرأي العام في الصحافة السودانية.. وخاض السيد رئيس المجلس معركة خاسرة مع عدد من الصحافيين والكتاب كنت واحداً منهم. يقول المثل «تحدث حتى نعرفك» فالسيد محمد الشيخ مدني كان ملتزماً الصمت مدة طويلة، وبسبب هذا الصمت لم يكن معروفاً، وعليه كان يتمتع بقدر كبير من الاحترام، ولكن في الفترة الأخيرة اضطر للحديث فسقطت كل الأقنعة.. تحدث في أمر قانون مكافحة التبغ الذي تقدمت به وزارة الصحة لولاية الخرطوم لإجازته، وتحدث في أمر اللائحة المصاحبة لذلك القانون.. وكان حديثه في الحالتين مثيراً للشفقة.. وقدم أسباباً أوهى من خيط العنكبوت ليبرر بها تعطيل وتأجيل إنفاذ القانون وتطبيق اللائحة. وانبرى السيد رئيس المجلس التشريعي بنفسه ليرد على الذين انتقدوه في الصحف وكنت أحدهم، وكانت ردوده تفتقر الموضوعية وتحتشد بالمهاترات والساقط من القول مثل قوله «القلم ما بزيل بلم» وكنت أنوي الرد عليه رداً موجعاً يستحقه، ولكن بعض الإخوة الإعزاء طلبوا مني الامتناع، خاصة أنه أبدى تراجعاً عن تعطيل لائحة قانون مكافحة التبغ ووافق على إجازتها. وتحدث السيد مدني مرة أخرى لا فض فوه، وأفتى بوجوب إغلاق دور المسنين وتحويلهم «للمسايد» جمع مسيد.. وأثارت هذه التصريحات الخطيرة عاصفة من النقد الموضوعي الذي جعله مرة أخرى يرد بغضب ورعونة، وموجها حديثه لأحد رؤساء الصحف المعروفة بأنه لا يعرف ولا يقرأ له.. فتأمل أيها القارئ الكريم وتعجب.. فالسيد رئيس المجلس أساء لنفسه من حيث أراد الإساءة لمنتقده.. فكان يمكنه القول بأنه يختلف مع ذلك الصحافي في كل ما يكتب، ولكن أن ينكر مجرد معرفته ظانا بأنه بذلك يوجه إليه إساءة بالغة فأمر مدهش .. وقال السيد محمد الشيخ مدني في ما قال إن الناس حسبوه يقصد المساجد ولكنه كان يقصد المسايد، ولكن المساجد والمسايد مثل أحمد وحاج أحمد. ولعل السيد مدني لا يعلم انها في الأصل كلمة واحدة، فكلمة مسجد تنطق في العراق مسيد، والعراق هي أصل نشأة الطرق الصوفية ونشأة الخلاوي لتحفيظ القرآن. نعود لموضوعنا وهو تدخل السيد رئيس المجلس التشريعي مرة أخرى في أمر تنفيذ قانون مكافحة التبغ، وهو من صلاحيات وزارة الصحة وأجهزة النيابة وأجهزة الشرطة.. ونتساءل ما هي مصلحة رئيس المجلس في تعطيل إنفاذ القانون؟ هل عمل السيد/ محمد الشيخ مدني مديراً مالياً في شركة حجار؟ وهل احتفظ بذلك الموقع ومخصصاته حتى بعد توليه منصب وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم؟ وهل مازال محتفظا به وهو رئيس تشريعي الخرطوم؟ وهل لكل ذلك علاقة بموقفه الحالي حيال قانون مكافحة التبغ؟ على السيد محمد الشيخ مدني تقديم استقالته فوراً ليس فقط لمواقفه الحالية، ولكن البلاد تستشرف عملية إصلاحية كبرى تحتم على الذين تبوأوا المناصب القيادية لعشرات السنين أن يترجلوا لإتاحة الفرصة للكفاءات من الشباب، ولن يصبر الشعب السوداني على أمثال هؤلاء.. فحواء السودان لم تصب بالعقم بعد.