احتفل العالم بذكرى يوم الصحافة الذي يصادف الثالث من مايو من كل عام، ففي هذا اليوم تكشف المنظمات الحقوقية والمعنية بالحريات الصحفية في العالم عن موقف حرية الصحافة في دول العالم، وفي الغالب تحتل دول العالم الثالث خاصة العالم العربي، مراتب متأخرة في هذا التصنيف، والكثير من الكتاب والصحافيين العرب يكتبون في هذا اليوم، يندبون حظ الصحافة المكبلة بالقيود وحال الصحافيين الذين يتعرضون لكل سبل التضييق والاعتقال، وحتى في الدول المستقرة نسبياً يعاني الصحافيون متاعب الحصول على المعلومات ودخول المرافق العامة والسماح لهم بتصوير السلبيات حتى في الشارع وإن كان مكباً للزبالة، فالخطوط الحمراء تتمدد دون كوابح في الدول القابضة، وتستوعب قوانين الصحافة ذات المواد المطاطية معظم صور التعبير الحر في خانة مهددات الأمن القومي بل الخيانة في بعض الأحيان، وتعاني الصحف العديد من المعوقات، لكن رغم أن التجاوزات في مجال الحرية الصحفية تبدو أكثر في العالم العربي وبعض الدول مثل كوريا الشمالية وأمريكا اللاتينية، لكن حتى الدول الكبرى تظل متهمة بالعديد من التجاوزات في مجال اندياح المعلومات، فقد أشارت التقارير في العام الحالي 2014 إلى أن الصحافة الاستقصائية في الولاياتالمتحدة تواجه صعوبات جمة في بعض الأحيان وتحتل المركز 46، حيث فقدت 13 مرتبة في التصنيف العالمي، مسجلة بذلك أحد أكبر التراجعات وأكثرها إثارة للانتباه. ويقول الأمين العام للأمم المتحدة بي كي مون في تقريره عن واقع الصحافة للعام الحالي، إنه تم قتل 70 صحافياً ًوحوصر العديد منهم في تبادل لإطلاق النار خلال الأعمال العدائية المسلحة في العام الماضي. وعانى 14 صحافياً آخر نفس المصير هذا العام. وفي العام الماضي، تم احتجاز 211 صحافياً في السجن. ومنذ عام 2008 تم نفي 456 صحافياً، ومنذ عام 1992 أكثر من 1.000 صحافي أي شخص واحد تقريباً في الأسبوع. وشدد الأمين العام على أنه لا يجب أن يفلت من العقاب أولئك الذين يستهدفون الصحافيين بالعنف أو التهديد أو استخدام الطرق غير المشروعة بهدف تعطيل أو عرقلة عملهم. ويشير التقرير السنوي لحرية الصحافة لعام 2013، إلى أنه تم قتل 71 صحافياً، واعتقال 826 صحافياً، واختطاف 87 صحافياً، كما تم تهديد أو الاعتداء الجسدي على 2160 صحافياً، وفرار 77 صحافياً من بلدانهم. كما تم قتل 6 متعاونين مع وسائل الإعلام، وقتل 39 مواطناً إلكترونياً ومواطناً صحفياً، واعتقال 127 مدوناً ومواطناً إلكترونياً . وتشير تقارير «مراسلون بلا حدود» حول حرية الصحافة لعام 2014، إلى تدهور كبير في بلدان مختلفة مثل جمهورية إفريقيا الوسطى وجواتيمالا، في حين حققت الإكوادور وبوليفيا وجنوب إفريقيا تقدماً ملحوظاً. وأشار تقرير «مراسلون بلا حدود» لعام 2014 إلى أنه حتى في الدول التي تنتهج سياسة سيادة القانون لكنها في كثير من الأحيان تضحي السلطات بحرية الإعلام بحجة التأويل الفضفاض لمفهوم الأمن القومي، مما يمهد الطريق نحو تراجع مثير للقلق فيما يتعلق بالممارسات الديمقراطية، في سياق يتميز بملاحقة شرسة لمصادر المعلومات ومتابعة أشرس لكاشفي الفساد. كما لا تتردد بعض الحكومات في اللجوء إلى ورقة مكافحة الإرهاب لاتهام الصحافيين بتهديد الأمن القومي، أما في إسرائيل فإن حرية الإعلام ليست سوى مفهوم فضفاض يمكن تعليقه في أية لحظة وحين بحجة حماية أمن الدولة. وفي كشمير الهندية، تتوقف خدمة الإنترنت النقال وباقي وسائل الاتصال بمجرد اندلاع بعض الاضطرابات، في حين يسيطر الجيش بالكامل على شمال سيرلانكا التي تراجعت مركزين لتحتل المركز 165، حيث لا يسمح بأي تعارض مع الخطاب.ً أخيراً، لا شك أن الحكومات لا تفقد سلطتها وسلطانها لأن الصحافة نالت هامشاً معقولاً من الحرية، وأن الاتحادات هي التي تحكمت في عضويتها، لكن الذي يبعدها حقاً من سدة الحكم هو انغلاقها في كهف محكم بعيداً عن هموم الجماهير ونبضها وتمكين مراكز القوى من الفساد والظلم.