يبذل السودان جهوداً كبيرة لمحاربة ظاهرة الاتجار بالبشر التي انتشرت في البلاد وسببت للسودان معاناة باعتباره معبراً للمهاجرين الأفارقة خاصة في شرق البلاد، وقد اجتهدت السلطات المختصة لكبح الظاهرة من خلال الانتشار الواسع على المنافذ التي يمكن أن تمر بها رحلات التهريب والاتجار بالبشر، ودربت قوات معينة لحراسة تلك الثغور، وقدمت قوانين وتشريعات أقرها المجلس الوطني في وقت سابق تقضي بإنزال عقوبة الإعدام أو السجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات، ولا تتجاوز «20» عاماً على مرتكبي جريمة الاتجار بالبشر، قال وقتها رئيس لجنة التشريع والعدل بالبرلمان الفاضل حاج سليمان، إن القانون يهدف للحفاظ على حرمة الإنسان من أخطر الجرائم، وإن اللجنة قررت تشديد العقوبات على مرتكبيها، كما استعان السودان في وقت سابق بالمحيط الإقليمي كالاتحاد الأوروبي للمساعدة في القضاء على هذه الظاهرة. مخاوف أوروبية وتناولت تقارير صحفية إعلان مفوضية اللاجئين خلال العام الماضي، أن السودان يستضيف نحو نصف مليون لاجئ من دول القرن الإفريقي، وأغلبهم من إثيوبيا وإريتريا والصومال، انتشروا في جميع المدن السودانية، فضلاً عن وجود لاجئين من دول إفريقية أخرى بإقليم دارفور، واشار التقرير الى ان الكثير من المهاجرين بعد وصولهم السودان يواصلون رحلتهم باتجاه مصر أو إسرائيل أو أوروبا، الأمر الذي جعل مسؤولين في الاتحاد الأوروبي يعبّرون عن قلقهم من انتشار الظاهرة بالسودان. ماهية الاتجار بالبشر يقول خبراء مختصون ان الاتجار بالبشر هي عملية توظيف أو انتقال أو نقل أو تقديم ملاذ لأناس بغرض استغلالهم. وتتضمن عملية الاتجار بالبشر أعمالاً غير مشروعة كالتهديد أو استخدام القوة وغيرها من أشكال الإكراه أو الغش، ويتم هذا الاستغلال من خلال إجبار الضحية على أعمال غير مشروعة كالبغاء أو على أي شكل من أشكال استغلال الجنسية أو العبودية أو غيرها من الممارسات المقاربة للعبودية، وذلك لتحقيق الهدف الأساس والأول من ممارسات الاتجار بالبشر بصوره المختلفة وهو الربح المادي، وكشفت مصادر أن هناك منظمات تعمل داخل البلاد ولكن إدارتها تكون خارج البلاد. وهذه المنظمات عادة ما تكون لها اتصالات بدول أخرى، كما يوجد سمسار في دول المصدر. كما أن عملية الاتجار بالبشر تتعدى لما بعد الحدود، ويشكل عدم التنسيق بين الأجهزة الأمنية منفعة لهذه المنظمات، وكلما كان الوضع السياسي أو الاقتصادي في البلد متدهوراً ازداد احتمال وجود هذه المنظمات في البلاد، فالضعف في حماية الحدود والاختلاف السياسي والفقر كلها عوامل تساعد المنظمات الإجرامية على انتهاز الفرصة للمتاجرة بالبشر. مؤتمر دولي بالسودان ضمن الجهود الرسمية التي تقوم بها البلاد للحد من هذه الظاهرة، استضافت دار الشرطة الاجتماع التحضيري للمؤتمر الاقليمي للحد من ظاهرة تهريب البشر الذي يضم وزارة الداخلية وسفراء دولة مصر وإثيوبيا بالخرطوم. وأوضح المهندس حمد الجزولي معتمد اللاجئين أن المؤتمر يجيء في إطار التفاكر حول كيفية الترتيب للمؤتمر الإقليمي المقترح بالسودان بخصوص مناقشة كيفية التنسيق بين دول المنطقة للحد من ظاهرة تهريب البشر، مبيناً أن المؤتمر يجيء بمبادرة من معتمدية اللاجئين بالتعاون مع المفوضية السامية. قلق بوزارة العدل أكد مولانا عصام الدين عبد القادر وكيل وزارة العدل، أن الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر أصبحت مصدر قلق للدولة، مما يضعها أمام مطلوبات يصعب توفيرها، مبيناً أن الهجرة غير الشرعية أصبحت في تزايد مستمر، الأمر الذي يستوجب التعاون والمشاركة بشكل موضوعي وشامل للحد من حركة النزوح التي تتطلب الشروع في إيجاد حلول جذرية واعتماد نهج الحوار الممتد مع الدول الاعضاء. وقال لدى مخاطبته الاجتماع التحضيري للمؤتمر الاقليمي للحد من ظاهرة تهريب البشر بحضور اللواء شرطة أحمد عطا المنان مدير الادارة العامة للجوازات والهجرة والأستاذ حمد الجزولي معتمد اللاجئين وممثل المفوض السامي للاجئين وممثل مفوضية الاتحاد الإفريقي ورئيس المكتب الاقليمي للمنظمة الدولية وعدد من ممثلي دول إريتريا، مصر، إثيوبيا، والسودان قال: آمل أن يمهد اللقاء لمؤتمر جامع حول قضايا الهجرة، مشيراً الى خطورة الظاهرة وجهود البلاد والخطوات الجاده لمكافحة تهريب البشر، مؤكداً أن أية أطروحة لم تعتمد البعد التنموي لا يمكن أن تقلل من الظاهرة. المنظمة الدولية للهجرة المستر كريس أشي مدير المكتب الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة، أوضح أن الهجرة أصبحت تعاني منها الكثير من الدول وتضررت منها القارة الافريقية على وجه الخصوص بشكل كبير، مؤكداً أن تفشيها يعود الى عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، مما أدى الى هجرة أعداد كبيرة بهدف الحماية والتعرض الى قمع المهجرين وتعرضهم الى الخطر. مشيراً الى أهمية تفعيل الشراكة مع جميع المنظمات والحكومات وكل والاطراف لوضع السبل الكفيلة للحد من تهريب البشر، والعمل على تسهيل حركة المسافرين وتعزيز العلاقات البينية بين الدول، مؤكداً أن التركيز سوف يكون على ثلاثة ممرات تشمل ممر شرق إفريقيا وممر جنوب إفريقيا وممر خليج عدن، وأن الاجتماع يأتي استجابةً لوقف الهجرة غير الشرعية وتلافي الأخطار التي قد تنجم عنها. وقال المستر مايكون ممثل مفوضية الاتحاد الإفريقي إن الظاهرة أصبحت في تنامٍ مستمر، مشيراً إلى الجهود الضخمة التي تبذلها الدول الأعضاء لمواجهتها، بجانب السعي لتعزيز القانون الجنائي لضمان تحقيق العدالة.