خروجاً على التقليدية والطريقة الراتبة وبنص المادة الثالثة من لائحة المجلس الوطني التي تعطي رئيس المجلس سلطة تقديرية مطلقة غير مقيدة عقد المجلس الوطني جلسة استثنائية استمع فيها إلى والي شمال كردفان مولانا أحمد محمد هارون حول مشروع نفير النهضة الذي انتظم الولاية وهو جلسة فرضتها ظروف موضوعية رأى فيها رئيس المجلس الدكتور الفاتح عز الدين ضرورة ان يعرض التجربة على الشعب السوداني عبر قبة البرلمان لتعميم الفائدة وليس للنظر فيها تقويماً ومحاسبةً، غير ان بعض من النواب حاول ان يضع التعقيدات متسبباً بان القانون لا يجوز للمجلس ان يناقش قضايا ولائية ضمن جدول اعماله وكان النائب محمد محمود رئيس لجنة الزراعة السابق والقادم من الدوائر النسبية القضارف هو اول المعترضين بنقطة نظام تبعته القانونية عواطف الجعلي والملقبة داخل المجلس بأم القوانين لكثرة اعتراضاتها أثناء الجلسات متعللة بالقانون واللوائح فى كل شيء حتي اسبق عليها بانها صاحبة نقاط النظام الاشهر بعد محمد الحسن الامين والمعروف ان الحالة الشمال كردفانية والتجربة المؤسسية التي ابتدعها والي الولاية قد وجدت استحسان النواب الذين أشادوا بها ووصفوها بانها أحد عناصر الخلاص فى بلد متسعة جغرافياً وبشرياً بشكل أعجز الدولة بكل مؤسساتها ان تسد حاجة المواطنين فى التنمية والخدمات حتى صارت بعض أطراف السودان متوحشة ومستأسدة على المركز المتهم بانه قابض، وكان المدهش فى جلسة البرلمان تلك ليس العرض الرائع والمقنع لأحمد هارون ولكن محاولات النائبين العبثية التي شغلا بها الحضور في بداية الجلسة واحبطا بها البعض لكن الفاتح عز الدين كان الأقوى فى الحسم عندما اصر على ممارسة حقه القانوني بعدما اتضح للجميع أن صراعاً شخصياً كان يتحرك تحت كراسي القاعة الرئيسة بنمطية ظل يتكرر في موجة حراك لم يراعِ مصالح الشعب السوداني بقدرما ينطلق من منصة مصالح شخصية هدفها تدمير اي مبادرة وليس بناء وتثبيت أركان الافكار الإيجابية وربما تحت غبار المصالح الذاتية ضاعت قيم ومصالح عامة كثيرة إن المداخلات العميقة التي قدمها الاستاذ علي عثمان محمد طه والبروفسور ابراهيم احمد عمر ومولانا احمد ابراهيم الطاهر قد حسمت الجدل القانوني الذي لا معنى له وكانت دروساً فى الممارسة وان القانون لا يمكن ان يعترض على المصالح الكلية للعباد لانه وضع كتشريع لحمايتها وليس سيفاً عليها، وفي هذا عجبتني كلمة شيخ وحديثه بضرورة ان يتجاوز الناس الحديث حول تجاوز الجلسة للاطر القانونية نوعاً ما ولكن ينظروا للخير الكثير الذي سيجنيه اهل السودان من خلال عرض التجربة التى نفذت بارادة، كما ان احمد ابراهيم الطاهر رئيس البرلمان السابق قال ان يدخل احمد هارون البرلمان ليست سابقة فقد تحدث قبله من داخل قبة البرلمان كل من رؤساء الهند وجنوب افريقيا وجزر القمر وغيرهم من الشخصيات وجلهم ليسوا من المستهدفين الرئيسين للمجلس ثم تساءل الطاهر قائلاً: (فلماذا نسمح لهؤلاء ونحرم الشخصيات التي تقدم للوطن عملاً مخلصاً؟؟ واقترح بان يستمع المجلس الى تجارب ولايات اخرى انجزت عملاً ملحوظاً لكنه غائب عن اذهان اعضاء البرلمان وتحديداً ولاية البحر الاحمر واضاف صحيح ان الدستور ينص بحقوق المؤسسات وعدم التداخل بينها ولكنه لا يمنع التواصل بين هذه المؤسسات في القضايا الوطنية؟؟ وكان المدهش بالنسبة لي شخصياً بحسب ما استمعت من حديث لهؤلاء النواب المعترضين اثناء متابعتي من شرفة البرلمان ان يأتي الاعتراض من نواب المجلس الوطني وكان الطبيعي اذا جاز منطقياً لجهة ان تعترض فان المجلس التشريعي الولائي الذي كان يزين تلك الجلسة بحضور رئيسه الدكتور سليمان بلة الذي جلس الى جوار والي الولاية ويرافقه رائد المجلس بشير دفع الله خوجال ورئيس لجنة المال والاقتصاد فتح الرحمن جرجور ورئيس لجنة التعبئة عبد الله محمد علي بلال هم احق بالاعتراض لجهة انهم اهل اختصاص لكنهم لم يفعلوا وآثروا المصلحة العامة ومعهم قيادات اخرى سياسية تمثل احزاب الامة والمؤتمر السوداني والبعث العربي وهذه جماعات معارضة للحكومة لكنها توافقت معهم على المشروع القومي للنهضة، فكادت عواطف الجعلي التي انسحبت من الجلسة اعتراضاً على تجاوز رؤيتها ان تحدث ربكة واحباط وسط الحضور لكن سرعانا ما أتت البشارة الأولى من البرلمانين المخضرمين شيخ علي واحمد ابراهيم وابراهيم احمد عمر ثم الشيخة الجليلة سعاد الفاتح ومهدي ابراهيم الذين تباروا فى طيب الحديث الذي على ايقاعه عادت الطمأنينة تدريجياً وظهرت في وجوه الحضور وارتفع إيقاع مولانا احمد هارون حق لاهل شمال كردفان بان يتباهوا بما قدمه احمد هارون في ذلك النهار المحضور ولكن السؤال الى متى يظل نواب البرلمان في عجزهم ومحاولات تعطيل المصالح العامة بنصوص جامدة للقانون؟؟ المجتمع السوداني اصبح يخاف قوة الفقر وقلة التنمية وبسبب ذلك فقد الثقة في كثيرين من المسؤولين ثم ضاعت أهمية ونفوذ السلطة فإلى متى يظل البرلمانيون يوافقون صاغرون على معرفة الذي يجري فى الولايات سلباً او ايجاباً مستشهدين بسلاح اللائحة والقانون ويقفون عند مظلة انهم تشريعيون ومراقبون للجهاز التنفيذي في ارفع مستوياته فى الدولة وليس من حقهم معرفة من يدور فى دهاليز الدولة الأخرى ولا شأن لهم بالولايات، فهذا فيه تضييق للواسع لان منظومة الدولة واحدة والضرورة تتطلب ان تحكم العلاقة بين مؤسساتها لأجل الإحاطة ومحمل المبادرات الإيجابية مثل حالة شمال كردفان محمل الجد واتخاذها انموذجاً يحتذى ومع كامل تقديرنا للحراك داخل قبة البرلمان ومحاولات النواب الحفاظ على الحق العام فان اشد الذي أخشاه ان يكون الذي جرى فى جلسة البرلمان التي خصصها للاستماع لنفير النهضة هو مجرد انتقال لصراع وغبن بعض النواب الذين تخطتهم رئاسة اللجان وذهبت الى آخرين فطفقوا يعترضون لأجل الاعتراض على المنصة وإثارة الزوبعة وليس اعتراضاً موضوعياً واذا كان الامر غير ذلك فلماذا استعراض العضلات والمهارات القانونية في جلسة أشبه بالتعبوية والمجلس من مهامه قيادة التعبئة العامة وسط الجمهور نختم بالاعتراف المهم الذي قاله المشير عبد الرحمن سوار الذهب الرئيس الأسبق ورئيس اللجنة العليا للنفير، الرجل قطع بان همة وقدرات أحمد هارون الشبابية منحتهم كأعضاء اللجنة العليا للنفير طاقة إيجابية للعمل وأعادت لهم الشباب والحيوية وهو اعتراف تاريخي من رجل عرف بعدم المداهنة والمجاملة ونقول للأستاذة عواطف الجعلي معرفة القانون وحدها لا تكفي ولكن حسن التقدير السياسي وتقديم المصلحة العامة والعقلانية هي الأهم بكثير من نقاط النظام التي لا تعيد شيئاً إذا جهل الإنسان الحقيقة والذين خاضوا تجربة الحكم الفيدرالي بالولايات وانكووا بلظاها يعرفون وعورة الطريق وصعوبة المشي بدون بوصلة أكثر من أصحاب نقاط النظام البرلمانية.. كنت حزيناً لصمت نواب المناطق الموجوعة والمفجوعة في تلك الجلسة وكان المأمول أن يسمع صوتهم في حده الأدنى لكن كالعهد بهم ضنينون بالحديث .!!