في احد المواقع الاسفيرية كتب احد الاشخاص الآتي: «انتظروا يا إسلاميي السودان سيفوز السيسي وبعدها لن تجدوا منفذاً للحياة»، وفاز المشير عبد الفتاح السيسى فى الانتخابات المصرية التى انتهت بهزيمة ساحقة لنظيره الوحيد اليسارى حمدين صباحى وحصول السيسي على 93.3%» من اصوات الناخبين. ورغم ما اثير من جدل وتساؤلات واتهامات بعدم شرعية الانتخابات ومقاطعة كثير من المصريين لها، الا ان المشير السيسى بات هو الرئيس الفعلى والشرعى الوحيد لمصر الآن. مستقبل العلاقات السياسية ما بين السودان ومصر ينظر لها محللون وسياسيون ودبلوماسيون بنظرات مختلفة، فلا احد يتنبأ بخبايا ودهاليز الاقدار الا ان الاجندات العامة تتأرجح ما بين متوقع الى ان يكون القادم افضل وان المصالح ينبغى لها ان تكون هى الغاية والراسم لخريطة المستقبل. فى حين ان آخرين ينظرون الى ان ما حدث من توترات واتهامات متبادلة ما بين مصر والسودان تؤكد ان الاجهزة الامنية ما بين الدولتين تضع اطراً وحدوداً ذهبت الى ان القلق وسياسة الضرب تحت الحزام مازالت متبعة ما بين الدولتين. تصريحات وزير الخارجية على كرتى الاخيرة اشار فيها الى ان الفترة السابقة من حكم مصر ايام حكم الاخوان المسلمين وحينما كان محمد مرسي رئيساً كانت هى الأسوأ سياسياً بين مصر والسودان، وان تلك الفترة صاحبتها توترات سياسية حادة بين الاثنين، فهل كانت تصريحات كرتي دبلوماسية لمواجهة المرحلة المقبلة، من حكم السيسي ام انها حقيقة كانت فترة سيئة لم يتم فيها حسم اي ملف من الملفات العالقة بن البلدين. علاقة مصلحة المستشار الاعلامى السابق لسفارة السودان بمصر د. عبد الملك النعيم، تحدث عن ان العلاقة ما بين مصر والسودان منذ 25 يناير لم تشهد اى قدر من الاستقرار الداخلى الذى يمكنها من اقامة علاقات متوازنة او علاقات جديدة، وان التحولات التى حدثت هى تحولات جوهرية تماماً لم تمكنها من اعادة توازنها سياسياً، ففترة مرسى كانت بسيطة جداً وغير كافية للتقييم، وما بعد 30 يونيو كانت حقبة سياسية غير واضحة المعالم، واخيراً انتخب الشعب المصرى الرئيس الذى يريد. وفى التقدير الشخصى والحديث للملحق الاعلامى السابق ان المصالح هى التى من شأنها ان تربط العلاقة بين الدولتين، وان جميع التوترات سيحدث لها نوع من التهدئة، واننا اذا تجاوزنا الحديث عن العواطف والارث والتاريخ سنجد ان العلاقة بين الدولتين تجمعها مصالح مشتركة، فالسودان يمتلك اراضى زراعية خصبة ومصر تمتلك وفرة فى الايدى العاملة وخبرات فى العمل الزراعى، الى جانب ان اتفاقية مياه النيل السابقة اوضحت ان حوالى «15» متراً مكعباً من مياه النيل تذهب لمصر. لذلك من المتوقع بعد استقرار مصر سياسيا ان تستقر العلاقات ما بين الدولتين وتتطور بتطور المصالح المشتركة. من سيئ إلى أسوأ يذهب المحلل السياسى بروفسيور الطيب زين العابدين الى التأكيد بأن مستقبل العلاقة بين الدولتين سيتدهور اكثر من ما مضى، وذلك لأن السيسي هو الحاكم الفعلى لمصر منذ الاطاحة بمبارك وهو من اختار الرئيس الانتقالى لمصر ومن وقف امام صياغة دستور انتقالى جديد، بجانب ان الفترة السابقة شهدت توتراً فى العلاقات بين الدولتين، حيث ظلت مصر تتهمنا بدعم الاخوان وتهريب اسلحة للمعارضة المصرية، اضف لذلك تأييدنا لتشييد سد النهضة الاثيوبى. والدلالات السابقة تشير الى أن الانقاذيين كانوا يتوقعون تحالفاً اقوى مع قيادات الاخوان فى مصر، وان حديث على كرتى فى هذا الجانب غير صحيح بدليل استضافتنا لقيادات الإخوان بمؤتمر الحركة الاسلامية السابق، سيما ان آخر زيارة خارجية لمرسي كانت للسودان، وان استمرار التوتر ارتبط بالخلاف حول قضية حلايب وسد النهضة. وتوقع الطيب ان تظل قضية حلايب عالقة ما بين الدولتين . والسودان ربما يلجأ الى مجلس الأمن لحسم النزاع بينه وبين مصر، فضلاً عن ان مصر بامكانها ان تتحالف مستقبلا مع دول الخليج العربى من بينها السعودية والامارات والكويت لمزيد من الضغط على السودان. وعلى كرتى بتصريحه الاخير يرمى الى اصلاح العلاقة بين الدولتين، الا ان الطيب وصف تصريح كرتي بغير الموفق فى هذا التوقيت. هواجس أمنية لا اتخيل اى تغيير فى طبيعة العلاقة بين الدولتين فى الفترة القادمة، هذا ما اكده المحلل السياسي صبحى فانوس، مشيرا الى ان الفترة القادمة ستستمر كما كانت عليه ابان حكم مبارك، فالهواجس الامنية باتت هى المسيطر على العلاقة بين مصر والسودان، فما نعانى منه حالياً هو اجمالاً حالة من الفتور فى العلاقة لن تتطور او تتدهور مستقبلاً فى الايام القادمة. وافضل قياس لهذه الحالة هو عدم قدرة البلدين على افتتاح الطريق البرى، فالهواجس الامنية لدى جهازى المخابرات المصرية والسودانية مازالت مستمرة، فهما يمتلكان الهواجس تجاه دور السودان فى دعم المعارضة. اما تصريح وزير الخارجية على كرتى فنجده ينصب فى اطار الجهد الدبلوماسي السودانى لطمأنة الاجهزة المصرية، الا اننا فى واقع الحال لا نعتقد ان مثل هذه التصريحات ستطمئن السلطات المصرية.