دروس النساء في المساجد عالم كبير، ابواب مغلقة خلفها حكايات وخدمات تقدم تبدأ من توفيق الله بعد صلاة العصر الى وقت اقتراب صلاة المغرب في جميع المساجد ودور العبادة في السودان. وحال المساجد قبل رمضان يختلف تماماً عن حالها فيه، فقبل رمضان تغلق المساجد بعد الصلوات ولا يسمح لاحد بالانتظار سوى يومين في الاسبوع يسمح فيها للنساء بحضور الندوات واللقاءات الدينية، لكن في رمضان تترك المساجد مفتوحة باستمرار للاعتكاف وقراءة القرآن، بالاضافة للدروس الدينية التي يكون للنساء خط وافر منها. دروس النساء في المساجد عالم كبير، وحفظ القرآن والدروس حسب توجهات كل مسجد فيه. «ورتل القرآن ترتيلاً» فقد امرنا الله عز وجل بقراءة القرآن وبصورة صحيحة، ومن واجبات المسلم الحفاظ على وتر له في قراءة القرآن، ولذلك وجب علينا تعلم قراءته الصحيحة، فمن يقرأ القرآن ويتعتع فيه له اجران اجر القراءة واجر مشقة قراءته، ومن تعلم قراءته وحفظه شفع له يوم القيامة فمن اراد الدنيا فعليه بالقرآن ومن اراد الآخرة فعليه بالقرآن ومن ارادهما معاً فعليه بالقرآن. في مسجد الخرطوم تجلس سوسن محمد في مصلى النساء تشارك في محفظة القرآن من حيث تدريس وحفظ للقرآن وتجويده، وقالت: تضم الحلقة بين 15 20 امرأة يقبلن على الاستماع للقرآن وحفظه يومياً بعد صلاة الظهر للطالبات والعصر للموظفات وجميع الامهات، ومعظم من يقبلن على الحلقة تبدأ اعمارهن من 18 35 سنة فما فوق. وفي مسجد الشهيد قالت لنا الباشمهندسة دعاء الصادق إنها تستمع الي تلاوة القرآن من صوت احدى صديقاتها، وهي تقوم باقامة حلقة للقراءة مرة في الاسبوع، وانهم لم يجدوا قارئة لتحفيظ القرآن تقوم بتحفظيهم وتفسير بعض الامور الفقهية، ويستغرقون ساعة بعد صلاة العصر، وتبدأ حلقتهم من 6 اشخاص ومن ثم ينضمون إلى بعض الاخوات للقراءة والتجويد بشكل صحيح لجميع الحاضرات، وتتبعها قراءة للقرآن تبدو بواحدة تلو الاخرى وتدربهن علي قراءة القرآن وتوزع بعض الكتب الدينية كارشادات للصوم والصلاة وفقه المرأة وبعض الكتب الدينية لكبار المشايخ مثل الشيخين الغزالي والشعراوي. وفي خلوة في حي بانت بام درمان تقول صفاء إن الوقت ضيق في رمضان، لذا يكون تحفيظ القرآن صعباً، ولذلك نقرأ ونردد وراء المقرئة لأن الوقت ضيق في رمضان، وهو درس واحد بعد صلاة العصر ولذلك الدروس النسائية في رمضان قليلة نسبة لضيق الوقت فكله ضائع في الشغل، وفي صلاة التراويح نستمع لدرس الشيخ امام المسجد عن الفضائل وتفسير بعض الاحاديث والرد على بعض الاسئلة وحتى اسئلة النساء الخاصة من خلال ارسال السؤال له في ورقة في استراحة الصلاة، وهو يجيب عنه اثناء الدراسة. «وتواظب مجموعة من النساء على حضور الدرس لمدة يوم واحد في الاسبوع، وهو الأربعاء» هكذا تحدثت صديقة ابو بكر من مسجد حي الاملاك ببحري المواظبة باستمرار على حفظ القرآن وتجويده بعد صلاة العصر، وقالت إن معظم من يقمن بالتدريس والتحفيظ في المساجد من الفتيات والسيدات من كبار السن، ويحببن الجلوس والاستفادة من الدروس والقصص حول زوجات الرسول، وبعض الفضائل من عمل الخير وتحفيظ القرآن وتجويده وتفسيره، ودروس النساء في جميع المساجد لا تختلف كثيراً عن بعضها البعض ما بين التدريس والتحفيظ والتجويد والفقه في العبادات بعد صلاة العصر وفي استراحة التراويح. رحمة رمضانية تقول سلمي ابراهيم خريجة كلية الدراسات الاسلامية إن معظم برامج التلاوة والتدريس والتحفيظ تكون قبل رمضان، وفي رمضان لضيق الزمن وانشغال بعض النساء بالمطبخ وغيره تكون الدروس عن تحفيظ القرآن وتجويده والحديث عن فضائل الصيام والفتاوى الخاصة بالنساء والنصح والارشاد في بعض الامور الشخصية وعرض قصص الصحابة وحكايات عن الرسول ليتعلمن منها الصبر والحكمة وبعض العبر. وبعض صلاة التراويح يكون هناك تباحث في امور الحياة، فشهر رمضان رحمة وتكافل بين الجميع. والمفروض تكون هناك اكثر من شيخة او فقيهة يتم تعينيها من الهيئة، وتكون واحدة منهن متخصصة في تحفيظ القرآن وتجويده واخرى مسؤولة عن الرد على تساؤلات السيدات سواء الشخصية او العامة، بالاضافة الى الاستماع لشكواهن، والبعض الآخر يهتم بمحو الامية، وبعض السيدات من كبار السن حتى يستطعن حفظ بعض الآيات. وهناك عرض قصص الانبياء ومعجزات القرآن واحاديث وقصص عن السلف الصالح وعن رواة الحديث وحفظته عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقصص الصحابة، بالاضافة الى دروس عن فضل قيام الليل ونصح المصليات بالخشوع في الصلاة والدعاء خاصة في رمضان، والتبرع والزكاة لصالح الفقراء والمحتاجين، وتقديم دروس عملية للاخوات عن كيفية غسل الموتى وتكفينهم، بالاضافة إلى عمل الخير بقيام بعض الاخوات المتطوعات في المسجد بتعليمهن القراءة والكتابة لمساعدتهن على حفظ القرآن والقراءة والكتابة. تقديم رسالة دينية واضحة وقالت فاطمة صالح «موظفة»: احضر الدروس بصفة غير مستمرة في رمضان، ولكن في الايام العادية احضرها باستمرار، ويتم هنا النصح في فقه المعاملات خاصة في طبيعة التعامل مع الازواج والخطيب والوالدين وتربية الابناء، وكيفية الالتزام بالطاعة والحقوق والمحافظة عليها، ونقوم بمشاركة الاخوات في المسجد بزيارة المرضى في المستشفيات وتقديم تبرعات لهم من اهل الخير سواء في رمضان او غير رمضان. وخير التعلم ان نتعلم ما جاء به كتاب الله وسنة نبيه وما جاء به شرعنا وبقية الاقسام الفرعية وعلم الفقه وكتاب الطهارة والعلوم الشرعية. وقيام دورات لتدريس القرآن وتحفيظه هدفها دعوي تقوم به النساء خدمة لهذا الدين الحنيف وربط المجتمع بثقافة دعوية متميزة وترسيخ لحب كتاب الله تعالى في القلوب، وتحفيظ لاكبر قدر ممكن من الناس، وخصوصاً النساء لما للمرأة من اهمية في المجتمع ولما تلعبه من دور بارز في تربية الناشئة وتوجيههم نحو الاهداف السامية. والقرآن رحلة تنال فيها الحسنات وتجد فيها الاطمئنان والامان، فلماذا لا يكون اهتمامنا بكتاب الله في كل وقت من اوقات ايامنا، ومن الملاحظ ان التلاوة والحفظ والتجويد تكون قبل رمضان لتوفر الزمن والتوقيت المناسب لجميع النساء بعد صلاة العصر. وفي رمضان عادة يكون الوقت للتلاوة والتدبر والتفسير للآيات ومعاني الكلمات، ورحلة في قصص الانبياء في القرآن، وتتبع خطوات السلف الصالح في فقه العبادات والمعاملات. والمطلوب ايجاد شيخة او حافظة حتي يتم تعليم وتحفيظ جميع النساء بكل الفئات العمرية، واهمها ربطها بالتفسير للآيات وللكلمات حتى اتم الاستفادة منها. علم التجويد هو علم يعرف به النطق الصحيح للحروف العربية وذلك بمعرفة مخارجها وصفاتها الذاتية والعرضية. وثمرة تعلم التجويد هي صون اللسان من الخطأ في قراءة القرآن، وتعلم علم التجويد من افضل العلوم الشرعية واشرفها لتعلقه بكلام الله تعالى، وحكم تعلم علم التجويد، هناك ثلاثة اقوال للعلماء: وجوب العمل باحكام التجويد على كل تال للقرآن والمخل بها آثم مستحق للعقوبة لقول الله تعالي «ورتل القرآن ترتيلاً»، عدم وجوب الالتزام باحكام التجويد عند قراءة القرآن لأن في ذلك حرج على عوام المسلمين. واستندوا لقول الله تعالي «ما جعل الله عليكم في الدين من حرج». من آداب التلاوة الطهارة الكاملة في البدن والثوب والمكان، والوجوب لمن أراد مس المصحف وتحسين هيئة وجلسة القارئ وترتيل القرآن وتحسين الصوت به، والخشوع والتدبر في آيات الله تعالى، والانصات للتلاوة، وعدم الكلام والعبث بقلم او كتاب او سجادة وغيرها، وتوسيع مجلس القراءة وتعظيم كتاب الله تعالى واجلاله واحترامه، ويكون ذلك بأمور منها: الا يضعه على الارض او على قدميه، وانما يمسك به بكلتا يديه، او يضع المصحف على طاولة صغيرة. ألا يضع فوقه كتاباً او متاعاً بل يجب أن يكون كتاب الله فوق كل شيء. وألا يتوسده وألا يرمي بالمصحف اذا ناوله الى شخص آخر. ألا يترك المصحف مفتوحاً اذا انتهى من التلاوة. ألا يضع المصحف وراء ظهره اذا اراد ان يقرأ أو يراجع. الحذر من السخرية او الاستهزاء او التذمر من اصحاب التلاوات الضعيفة في حلقتك، فالذي علمك قادر على أن يسلب منك ما اعطاك إياه في لمحة عين.