ظلت إسرائيل ما بين الفينة والأخرى تشن هجوماً عسكرياً على قطاع غزةبفلسطينالمحتلة، ومن شدة تكرار هذا الهجوم العسكري فقد كاد يعده الناس أمرا عاديا يحدث في كل مرة من قبل إسرائيل، وهذا هو مكمن الخطورة في الأمر لكون الجيش الإسرائيلي قادر على ان يجتاح قطاع غزة ويعيد إحتلاله كما كان في السابق ولكن إسرائيل تتبع أسلوباً آخر مع غزه ومع الفلسطينيين وهذه الطريقة من الجانب الإسرائيلي هدفها القضاء على مقاومة الشعب الفلسطيني من غير إحداث خسائر في الجيش الإسرائيلي وتعلم إسرائيل أن قطاع غزة هو مستنقع لا تريد الدخول فيه وإلا لما انسحبت عنه من الأساس. كما أن إسرائيل تريد أن تقول للعالم إنها لا تريد إبادة الشعب الفلسطيني ولكن ما تقوم به هو ضد حركة حماس الإرهابية التي تسيطر على قطاع غزة. ومن تحت هذه الذرائع والآلة الإعلامية الكثيفة لإسرائيل فإن الجيش الإسرائيلي في كل مرة يشن فيها هجماته على غزة يمارس عمليات تدميرية تحت سمع العالم وبصره ويقتل المدنيين العزل وفي الهجوم الأخير علي القطاع أدى الهجوم الإسرائيلي لقتل عائلة فلسطينية بأكملها مع عدد كبير من الجرحى من الأطفال والنساء والشيوخ، هذا غير العمليات التي تستهدف النشطاء في المقاومة الفلسطينية وتفجير السيارات وضرب البنى التحتية من مياه وكهرباء ومشافٍ وغيرها. يحدث هذا كله في ظل صمت عربي ودولي فجامعة الدول العربية تتحدث عن اجتماع يعقد في الأسبوع القادم في تونس لمناقشة الأوضاع في غزة، وهذا الاجتماع يحدث بعد قرابة الشهر من بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع وعندما ينعقد هذا الاجتماع وينفض تكون إسرائيل قد أكملت مهمتها في قطاع غزة وعادت للتفكير في هجوم جديد على غزة وتحت مبرر تستطيع هي أن تخلقه وتوجده لكي تشن طائراتها وبوارجها الحربية الهجوم من جديد وتقتل أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. ولما لم يكن هذا الهجوم على غزة من الجانب الإسرائيلي هو الأول من نوعه ولن يكون الأخير فإن الحديث عن دور عربي في مواجهة ما تقوم به إسرائيل يكون حديثا للاستهلاك ولا علاقة له بما يجري على الأرض، ولا بما تريده إسرائيل التي تريد أن تحتل فلسطين بالكامل وتجعل منها دولة يهودية تتوسع من النيل إلى الفرات حسبما هو مخطط لهذه الدولة وتعلم إسرائيل علم اليقين أن الذي يقف عقبة أمام حلم الدولة الإسرائيلية اليهودية ليس هو جامعة الدول العربية ولا الحكام العرب ولكن الذي يشكل العقبة الأولى هو الشعب الفلسطيني وعليه لا بد من ممارسة سياسة كسر العظم تجاه الشعب الفلسطيني وتجاه المقاومة الفلسطينية، وهذه السياسة يمكن أن تؤتي أكلها بعد أن أغلقت إسرائيل كل المعابر والمنافذ السرية والعلنية التي يمكن أن يدخل منها أي دعم لقطاع غزة والقطاع الآن محاصر بالكامل من الجانب الإسرائيلي الذي أغلقه بالكامل برا وبحرا، أما الجو فإن إسرائيل تسيطر عليه بالكامل ولا يوجد فيه غير طيرانها الحربي الذي يدمر القطاع ليلا ونهاراً. وبالنظر إلى المقاومة الفلسطينية فهي بكل تأكيد مقاومة جسورة وقد استطاعت أن تحدث تطورا نوعيا في عملياتها ضد إسرائيل حتى الآن ولما كان هدف إسرائيل هو القضاء على المقاومة بالكامل فإنها فإن الإعلام الإسرائيلي يقوم بتضخيم قدرات المقاومة والحديث عن صواريخ القسام التي تضرب المدن الإسرائيلية بما في ذلك العاصمة تل أبيب وفي هذا أيضاً محاولة من الجانب الإسرائيلي لاستفزاز المقاومة حتى تخرج آخر ما عندها من صواريخ وأسلحة، وحقا فإن ما حير الإسرائيليين هي قدرة المقاومة الفلسطينية ممثلة في حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى على إطلاق الصواريخ من القطاع تجاه إسرائيل، وعليه فإن المقاومة تشكل تحديا لإسرائيل ولكن المقاومة تحتاج للدعم من الجانب العربي والإسلامي وهذا لن يحدث إلا إذا حسم الفلسطينيون موقفهم من السلام مع إسرائيل بعد كل هذه العقود من إتفاقية السلام وعلى الأمة العربية والإسلامية أن تقرر ما إن كانت تريد تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي وبيت المقدس من قبضة اليهود وهذا الأمر مهم لكون مرحلة التحرير ليست صعبة إذا توفرت الإرادة وهذا يحدث في حالة قررت الشعوب العربية والإسلامية التخلص من الديكتاتوريات التي تجثم على صدورها وانطلقت من جديد لمواجهة القضايا المصيرية وعلى رأسها قضية فلسطين، والمطلوب من الاجتماع الوزاري للجامعة العربية المنعقد في تونس ليس هو الشجب وإدانة لما تقوم به إسرائيل هذه الأيام في قطاع غزة، فما تقوم به إسرائيل قد يتوقف وقد يتكرر وقد يتصاعد في مرحلة من المراحل لأبعد الحدود، ولكن المطلوب من العرب في اجتماعهم القادم موقف إستراتيجي من إسرائيل التي إما ان تقبل بسلام يحقق للفلسطينيين حقوقهم في أرضهم وهي حقوق معلومة للجميع، أو على الأمة ان تتحمل مسؤوليتها إذا رفضت إسرائيل خيار السلام والتسوية على أساس الانسحاب من الأراضي المحتلة في عام 1967م مقابل العيش مع الفلسطينيين في دولتين متجاورتين.