مزمل ابوالقاسم في مرمى نيران الحاسدين    رئيس مجلس السيادة يتسلم رسالة من رئيس جمهورية جنوب السودان    والي الخرطوم: سيتم تقنين المقاومة الشعبية ودعمها وفقاً للائحة الجديدة    إياك وربط الحساب البنكي بتطبيقات الدفع!    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    احتفالا بالذكرى الأولى لزواج الامير الحسين والاميرة رجوة.. نشر أول صور رسمية للأميرة تظهر حملها الاول    ريال مدريد يصطدم بأتالانتا في السوبر الأوروبي    أمير قطر في الإمارات    والي الخرطوم يدعو الدفاع المدني لمراجعة جميع المباني المتأثرة بالقصف للتأكد من سلامتها    ما شروط التقديم؟ السودان بين الاكثر طلبا.. الجنسية المصرية تجذب الأجانب وتسجيل طلبات من 7 دول مختلفة    بيلينجهام لمورينيو: ماما معجبة جداً بك منذ سنوات وتريد أن تلتقط بعض الصور معك    عقار يشدد على ضرورة توفير إحتياطي البترول والكهرباء    شاهد بالفيديو.. ياسر العطا يقطع بعدم العودة للتفاوض إلا بالالتزام بمخرجات منبر جدة ويقول لعقار "تمام سيادة نائب الرئيس جيشك جاهز"    ريال مدريد الإسباني بطل أوروبا    (زعيم آسيا يغرد خارج السرب)    القبض على بلوغر مصرية بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء    القبض على بلوغر مصرية بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    إعلان قائمة المنتخب لمباراتي موريتانيا وجنوب السودان    بدء الضخ التجريبي لمحطة مياه المنارة    صلاح ينضم لمنتخب مصر تحت قيادة التوأمين    بعد الإدانة التاريخية لترامب.. نجمة الأفلام الإباحية لم تنبس ببنت شفة    شاهد بالفيديو.. وسط سخرية كبيرة من الجمهور.. أحد أفراد الدعم السريع يظهر وهو يغني أغنية "هندية" ومتابعون: (أغنية أم قرون مالها عيبها لي)    شاهد.. زوج نجمة السوشيال ميديا أمنية شهلي يتغزل فيها بلقطة من داخل الطائرة: (بريده براها ترتاح روحى كل ما أطراها ست البيت)    شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون يقدمون فواصل من الرقص "الفاضح" خلال حفل أحيته مطربة سودانية داخل إحدى الشقق ومتابعون: (خجلنا ليكم والله ليها حق الحرب تجينا وما تنتهي)    مسؤول سوداني يكشف معلومات بشأن القاعدة الروسية في البحر الأحمر    دفعة مالية سعودية ضخمة لشركة ذكاء اصطناعي صينية.. ومصدر يكشف السبب    "إلى دبي".. تقرير يكشف "تهريب أطنان من الذهب الأفريقي" وردّ إماراتي    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    فيصل محمد صالح يكتب: مؤتمر «تقدم»… آمال وتحديات    ميتروفيتش والحظ يهزمان رونالدو مجددا    السعودية تتجه لجمع نحو 13 مليار دولار من بيع جديد لأسهم في أرامكو    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    مذكرة تفاهم بين النيل الازرق والشركة السودانية للمناطق والاسواق الحرة    سنار.. إبادة كريمات وحبوب زيادة الوزن وشباك صيد الأسماك وكميات من الصمغ العربي    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    دراسة "مرعبة".. طفل من كل 8 في العالم ضحية "مواد إباحية"    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    اليوم العالمي للشاي.. فوائد صحية وتراث ثقافي    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين المؤتمر الوطني والاتحادي الديمقراطي!!
نشر في الانتباهة يوم 20 - 11 - 2011

قبل أن يجفّ مداد مقالي عن التخبُّط الذي يسود الأحزاب الطائفية التي يختلط فيها الحابل بالنابل وعن الحاجة الوطنية الماسة إلى القضاء على الطائفية السياسية خاصة في هذه المرحلة التاريخية المهمّة ونحن مقبلون على دورة حضارية جديدة ناشئة عن ذهاب الجنوب وحسم قضية الهُوِيَّة لمصلحة الإسلام بعد تشاكُس ظلَّ يعطِّلُ مسيرتنا ويخرب من مناخ استقرارنا السياسي على مدى أكثر من نصف قرن من الزمان أو قل منذ استقلال السودان... أقول قبل أن يجفّ مِداد مقالي السابق يخرج علينا نائب الميرغني علي محمود حسنين الذي يقود تنظيم ما يُسمّى بالجبهة العريضة من خارج السودان والتي تعمل على إسقاط الحكومة.. يخرج علينا بتصريحات نارية يصبُّ فيها جام غضبه على التيار الذي يسعى للمشاركة في الحكومة ويقول إن جماهير الاتحادي الديمقراطي «تقف في طليعة المطالبين بإسقاط النظام» مضيفاً بأنه يعتقد بأن أي «قائد سوداني سيضع حزبه أو نفسه في ما يشبه الانتحار ويؤدي في النهاية إلى قبر الحزب وتصفيته» مبدياً ثقته في أن «الحكومة تلفظ أنفاسها الأخيرة»!! إذن فإن حسنين يتهم الميرغني بنحر حزبه وتصفيته فهل من مسخرة أكبر من هذه؟!
تخيلوا حزباً يتولّى زعيمُه الميرغني قيادة تيار المشاركة في الحكومة بينما يتولّى نائبُ الرئيس «حسنين» قيادة تيار رفض المشاركة بل ويسعى بكل قواه لإسقاط الحكومة التي يعمل الميرغني على المشاركة فيها!!
إنها المسخرة وربِّ الكعبة!!
مركزية الحزب بالخرطوم ترفض المشاركة ويؤكِّد القيادي الكبير حسن أبو سبيب أن حزبه لن يشارك في الحكومة وفي حين يُصدر الحزب بياناً يتبرأ فيه من تصريحات التوم هجو القيادي بالحزب والذي يعلن الحرب على الحكومة من ولاية النيل الأزرق التي يساند واليها السابق مالك عقار ويتقلّد منصباً رفيعاً في حكومته يصدر بيانٌ آخر من نفس الحزب بل من أمانة الإعلام ينفي فيه خبر التبرؤ من تصريحات التوم هجو التي توعد فيها الحكومة بالويل والثبور!!
مركزية الحزب الاتحادي في الخرطوم ويا للعجب أصدرت بيانًا ممهوراً بتوقيع عبد القادر البرعي مسؤول الإعلام يقول: «إن قواعد الاتحادي ترفض أي تفكير أو حوار مع النظام الذي كان له الدور الأساسي في تجزئة السودان وفصل الجنوب وإشعال فتيل الفتنة والحرب في كردفان ودارفور وغيرهما مما أثر على الاقتصاد وقوت المواطن»!! واتهم البيان المؤتمر الوطني بالسعي إلى «مخرج يتحصّن به وإلى تلويث تاريخ الأحزاب الوطنية وهي مسألة تقف ضدها كل جماهير الحزب في الولايات والمناطق حيث أقرّت لجانُه رفض أي مشاركة مع المؤتمر الوطني مهما كان حجمها»!!
أقول إن هذا الصراع يعكس حقيقة تاريخية قديمة ومتجدِّدة هي أن التيارَين المصطرعَين داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي هما ذات التيارَين اللذين ظلاّ يصطرعان منذ استقلال السودان.. تيار طائفة الختمية والذي يعمل بالإشارة ولا يعصي أمراً للميرغني والتيار غير الطائفي أو غير الختمي ولعلَّ الناس يذكرون الصراع الذي احتدم بين السيد علي الميرغني قديماً والسيد إسماعيل الأزهري والذي أدى إلى انشقاق الختمية بحزب جديد هو حزب الشعب الديمقراطي بقيادة علي عبد الرحمن الأمين الضرير ومن خلف الستار يقوده السيد علي الميرغني وبقاء الحزب الوطني الاتحادي الذي يقوده الأزهري بعد الانشقاق الختمي عنه.
ذات المشهد تكرّر بخروج الشريف زين العابدين الهندي ثم الدقير من حزب محمد عثمان الميرغني الذي كان منخرطاً مع قرنق في التجمع الوطني الديمقراطي ولكن غير المنتمين لطائفة الختمية ظل بعضُهم على ولائهم للميرغني ولكنهم كانوا يتململون من قيادته التي كانت تحتكر القرار السياسي وتوظِّفه لمصلحة البيت الميرغني خاصةً في جانب المال الذي لم يبخل المؤتمر الوطني به على محمد عثمان الميرغني في مقابل بعض المواقف السياسية خلال الفترة الانتقالية المتشاكسة مع الحركة الشعبية خاصةً من جانب باقان وعرمان وأولاد قرنق عامة!!
كثيرٌ ممّن ظلوا على ولائهم للميرغني من خارج طائفة الختمية بل من العلمانيين كانوا مضطرّين للبقاء في أسْر الرجل طمعاً في ثِقلِهِ السياسي الناشئ عن طائفة الختمية وليس اقتناعاً بقيادته لكن للصبر حدودًا كما أن الناس يتفاوتون في درجة صبرهم على القيد والجمود الذي يكبِّل به الميرغني حزبهم السياسي فكما أن الأزهري كان أكثر وطنية وأقل صبرًا على ذلّ التبعية العمياء للولاء الطائفي فإن الشريف زين العابدين كان كذلك ثائراً على ذلك السلوك الرجعي وأظنُّ أننا اليوم أمام ثورة جديدة يقودها علي محمود حسنين وأبو سبيب ومركزية الخرطوم وهناك من «خرط ايده عديل» قبل أن ينتظر الصراع حول المشاركة ومنهم د. الباقر وأحمد علي أبوبكر.
كخلفية تاريخية أقول إن الحزب الوطني الاتحادي نشأ قبل استقلال السودان بتحالف وتوحُّد ثمانية أحزاب صغيرة يجمعها هدف واحد هو الاتحاد مع مصر ومن عجب، حسب الباحث الكبير جمال الشريف، فإن تكوين الحزب تم برعاية اللواء محمد نجيب في فندق سمير أميس بالقاهرة وكان ذلك رد فعل لاحتضان الإنجليز لحزب الأمة بقيادة السيد عبد الرحمن المهدي بغرض رفض الوحدة مع مصر ولا توجد مرجعية سياسية غير هذه تجمع تلك الأحزاب والجماعات السياسية الاتحادية وهذا حديث يطول.
لستُ أدري هل يبلغ الهوان بالمؤتمر الوطني أن يمضي في إشراك الميرغني رغم رفض قاعدة عريضة من ذلك الحزب المتناحر وأي منطق يسوق المؤتمر الوطني للاستقواء بحزب يقف جزءٌ كبيرٌ من قاعدته في المعارضة وهو الجزء الحُر والمؤثّر والذي يمارس العمل السياسي بالإرادة الحُرة وليس بالإشارة التي تسوق الناس كالقطيع؟!
نسيتُ أن أعلِّق على اتهام المؤتمر الوطني بتجزئة وفصل السودان.. عجيبٌ والله أن يقول هذا الكلام من يعلمون أن حزبهم كان يرأس ولو اسمياً التجمُّع الوطني الديمقراطي الذي يضمُّ كذلك قائده العسكري الهالك قرنق والذي أقرّ تقرير المصير في مؤتمر القضايا المصيرية في أسمرا عام 5991م.. أقول يا «إخوانا ما تفتكترونا عُوَرا تسيل الريالة على صدورنا»!! فحزبُكم هو الذي قاد منح الحق في الانفصال الذي تنكرون اليوم بالرغم من أنه أكبر إنجاز يحققه شعب السودان الشمالي في تاريخه الحديث.
أرجو ثم أرجو أن يواصل البشير مسيرة القضاء على الطائفية التي بدأت منذ عهد الأزهري بدلاً من إحيائها وليته يُسهم في تقوية وتوحيد الأحزاب الاتحادية الأخرى غير الطائفية التي آن الأوان لشنّ حرب وثورة ربيع عربي تحرِّر البلاد من سطوتها على مسيرة السودان السياسية فكفانا ما جرَّته على السودان من تخلُّف وكفانا إحياء لروح القطيع التي تُخرج الناس صفر اليدين من خيرَي الدنيا والآخرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.