كان متوقعاً أن يطلق الاحتلال إلاسرائيلي مرحلته الثانية من عدوانه على غزة، بالبدء في العملية البرية التي أطلقتها الخميس الماضي بعد 11 يوماً على إطلاق القذيفة الأولى في هذا العدوان، لكن غير المتوقع كان انحياز العرب لإسرائيل لهذه الدرجة، فرغم الدماء التي سكبت سكتت الجامعة العربية التي أصبحت عهدة بيد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وبات سكوتها مشابهاً لمنظمة الأممالمتحدة، دولة مصر التي كنا نتوقع منها الكثير جراء هذا العدوان لم يتبق إلا أن تشارك في العملية الإسرائيلية بجنودها، بالتالي فإن العالم العربي والاسلامي يتوقع من الجيش المصري وقفة على الاقل تجعله يراهن على دماء اليتامى في غزة كما كان في السابق «لا» أن يبدو في موقف متخاذل عن الصف والوحدة العربية، خاصة أن المبادرة المصرية في حد ذاتها وثيقة جنوح لإسرائيل أكثر من استسلام للعدو. وفي السياق الميداني للأحداث فقد ارتفع عدد الشهداء في قطاع غزة امس إلى نحو أكثر من «100» شهيد سقط معظمهم في مجزرة حي الشجاعية، الذي تعرض لقصف إسرائيلي عشوائي أودى بحياة أكثر من «60» شخصاً معظمهم نساء وأطفال فيما أستشهد نحو «40» آخرين جراء القصف الإسرائيلي لأحياء أخرى في القطاع، ليصل عدد الشهداء منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى حوالي «430» شهيداً. وفي المقابل أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء أمس، أن «13» جندياً قتلوا ليل السبت في قطاع غزة، حسب ما أعلنت متحدثة عسكرية، بينما أعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» عن مقتل «15» جندياً إسرائيلياً وإصابة أكثر من أربعين، كما أطلقت عدة صواريخ على مناطق بإسرائيل، واضافت كتائب القسام، أن مقاتليها فجروا، منذ صباح امس الأحد، «10» دبابات وناقلات جند ومنزلاً تحصن فيه جنود الاحتلال شرق مدينة غزة، وخان يونس جنوب قطاع غزة، خلال عملية التصدي لقوات الاحتلال هناك، وأكدت الكتائب في عدة بيانات أن مقاتليها، شرق خان يونس، فجروا «6» دبابات من نوع ميركافا، وذلك بعبوات ناسفة كبيرة وقذائف من نوع «آر بي جي». مضيفة أنه تم تفجير «4» دبابات أخرى شرق مدينة غزة، واستهداف منزل تحصن فيه جنود الاحتلال، بعبوات ناسفة وقذائف من نوع تاندوم، وتواصل المقاومة الفلسطينية التصدي لتقدم قوات الاحتلال في هاتين المنطقتين وتوقع خسائر كبيرة لدى قوات الاحتلال التي لم تتمكن من التقدم هناك، كما اعترفت مصادر إسرائيلية بسقوط صواريخ في مدينة بئر السبع ومنطقة هرتسيليا في تل أبيب. أما داخل حي الشجاعية فقد كانت الصورة كالآتي حيث خرج آلاف الفلسطينيين بملابس نومهم حفاة الأقدام، للهروب من حي الشجاعية شرق مدينة غزة إلى غرب المدينة بعد ليلة طويلة من القصف الإسرائيلي المكثف، و وصف النازحون ساعات من الرعب عاشوها، بينما كانت مدفعيات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منازلهم المحرومة من الكهرباء وبدون أي طريقة للهرب، واتصل البعض بسيارات الإسعاف التي لم تتمكن من القدوم إلى هذه المنطقة القريبة من الحدود مع اسرائيل، بسبب كثافة القصف الجوي الإسرائيلي، لهذا اضطر آلاف من السكان اليائسين للهرب من منازلهم عند بزوغ الفجر، ومشوا ساعتين أو أكثر متوجهين إلى مدينة غزة. وهرب أحمد مع زوجته وأخواتها وأطفالهم من أقصى شرق المدينة إلى غربها. ويروي أحمد أن القصف بدأ الليلة الماضية حوالي الساعة التاسعة ثم ازداد الأمر سوءاً. وأضاف إن القصف كان في كل مكان حولنا ونحن بلا كهرباءأو ماء، لم نعرف ماذا نفعل ولهذا اتصلنا بخدمات الإسعاف لكنهم قالوا لنا إنهم لا يستطيعون الوصول إلينا، ولهذا قررنا أن نغادر مشياً على الأقدام. ويشير الطبيب سعيد حسن، بينما كان ينتظر قدوم المصابين أن سيارات الإسعاف لا تستطيع أن تصل إلى الجميع وكل من يصل الآن هي حالات إصابات وقعت قبل ساعات أو قاموا بالمشي أو تم حملهم إلى أماكن تستطيع فيها سيارات الإسعاف أخذهم منها. ويشير الطبيب البالغ من العمر «38» عاماً وتمكن من إجلاء عائلته قبل يوم من حي الشجاعية أخبرونا أن هناك مصابين وقتلى في الشوارع.