مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وسقوط المئات من الأطفال والشيوخ بين شهيد وجريح، تتكشف صورة إسرائيل العنصرية والنازية، مقابل صمود أهل غزة رغم الخسائر البشرية والمادية الكبيرة، وهو ما يحتم بالضرورة إلقاء الضوء على تاريخ غزة وجغرافيتها السياسية في آن، فقد صمدت غزة أمام نوائب الدهر، وتبدل اسمها بتبدل الأمم التي صارعتها، فأطلق الفرس اسم هازاتو عليها، أما العبرانيون فأسموها غزة، والكنعانيون أسموها هزاني، أما المصريون فأسموها غازاتو، وسماها العرب غزة هاشم، ولم تكن المجزرة المروعة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي على مدار الساعة سوى محاولة يائسة لإخضاع أهل غزة وفرض سياسة الأمر الواقع عليها، وكل الدلائل تؤكد قدرة المجتمع وقوى المقاومة على الصمود وكسر إرادة العدو، حيث شارك أهل غزة في الكفاح الفلسطيني منذ انطلاقة الرصاصة الأولى في مستهل العام 1965، فيما يلي تفاصيل الأحداث المرتبطة بالعدوان الإسرائيلي على القطاع أمس: قتل جماعي برفح أوقع قصف إسرائيلي أمس السبت، مزيداً من الشهداء والجرحى بمدينة رفح المنكوبة جنوبي قطاع غزة بعدما أدى إلى استشهاد أكثر من مائة فلسطيني في ما يشبه إبادة جماعية للسكان. كما تواصل العدوان على مناطق أخرى بالقطاع، وسط تقارير عن توسيع نطاق التوغل البري. وقالت تقارير إن من بين الفلسطينيين الذين استشهدوا امس برفح سبعة من عائلة أبو سلمان إثر غارة على حي تل السلطان، وسبعة أيضاً من عائلة الشاعر. كما شمل القتل الجماعي للمدنيين في رفح عائلة زعرب. وأضافت أن «26» استشهدوا بالقصف الجوي والمدفعي للحي السعودي. واستشهد عشرات آخرون أمس بأحياء أخرى بينها الشبورة، بالإضافة إلى ثلاثة مسعفين استهدفتهم قوات الاحتلال بينما كانوا في طريقهم لإجلاء مصابين. وتعرضت رفح منذ صباح أمس الاول لقصف جوي ومدفعي مكثف تسبب في استشهاد أكثر من مائة شخص بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، وتدمير كبير في البنية التحتية. إبادة الأطفال استشهد «296» طفلاً وفتى فلسطينياً على الأقل في قطاع غزة منذ بداية الهجوم الإسرائيلي في الثامن من يوليو، كما أعلنت منظمة الأممالمتحدة للطفولة «يونيسف»، أمس السبت. واعتبرت يونيسف، التي قد ترتفع حصيلتها التي أعدتها بناءً على أعداد القتلى الذين تمكنت من إحصائهم حتى الآن، أن الأطفال يشكلون «30%» من الضحايا المدنيين. وقالت يونيسف إن عدد الضحايا بين الأطفال القتلى في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة، قد يرتفع بعد عمليات التحقق الجارية، موضحة أن هذه الأرقام مؤقتة. وقد قتل أكثر من «1600» فلسطيني منذ بدء عملية الجرف الصامد ومعظمهم من المدنيين. تدمير المساجد أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة أمس السبت، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي دمرت أكثر من «41» مسجداً بشكل كلي، و«120» مسجداً بشكل جزئي منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 8 يوليو الماضي. وأضافت وزارة الأوقاف في بيان لها أن القوات الإسرائيلية قصفت «10» مقابر و«3» مقار للجان الزكاة، لافتة إلى أن الاحتلال تعمد تدمير المساجد بالطيران الحربي على رأس المصلين بها في بعض الأحيان، الأمر الذي أدى إلى ارتقاء شهداء في قصفها. القسام تقصف تل أبيب قصفت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» تل أبيب وحيفا بالصواريخ، وأصيب جنديان إسرائيليان في قصف بمدافع الهاون من قطاع غزة، في حين لم يستبعد جيش الاحتلال مقتل الضابط الذي تردد أن المقاومة أسرته أمس. وقالت كتائب القسام إنها قصفت صباح امس تل أبيب بثلاثة صواريخ من طراز «إم 75» ثم قصفت مدينة حيفا بصاروخ من طراز «آر 160.» وأضافت أن هذا القصف يأتي رداً على المجازر الذي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة. وقالت تقارير صحفية إن جندييْن إسرائيلييْن أصيبا إثر سقوط قذائف هاون على منطقة أشكول العسكرية المقابلة لمحافظة خان يونس جنوبي القطاع. وأضافت التقارير أن إسرائيلياً ثالثاً أصيب في قصف صاروخي منفصل لأشكول التي قتل فيها قبل أيام خمسة جنود إسرائيليون إثر قصف بمدافع الهاون تبنته كتائب عز الدين القسام. وتبنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي هجوماً بقذيفتي هاون على موقع عسكري إسرائيلي يسمى الكاميرا. وأشارت إلى اعتراف إسرائيل بجرح جنديين في هذا الهجوم. كما أفادت التقارير بأن المقاومة أطلقت أيضاً صواريخ على مدن وبلدات متاخمة لقطاع غزة، وبينها أسدود. وتحدثت مصادر إسرائيلية عن اعتراض القبة الحديدية بعض الصواريخ التي أطلقتها فصائل المقاومة. وعلى صعيد العمليات داخل القطاع، تبنت كتائب القسام قنص جندي شرقي بلدة جباليا بشمال قطاع غزة. كما تبنت قصف تجمعات لقوات الاحتلال قبالة حيّي الزيتون والشجاعية شرقي غزة، وقبالة وسط القطاع، بمدافع الهاون والصواريخ. الأنفاق هزمت إسرائيل قالت مجلة دير شبيجل الألمانية إن حركة المقاومة الإسلامية حماس حققت انتصارات كبيرة على الجيش الإسرائيلي، على الرغم من الفارق الكبير في التسليح بين الطرفين وتساءلت المجلة كيف غاب عن الموساد الإسرائيلي إكتشاف نظام الأنفاق الواسع لحركة حماس؟، واضافت شبيجل أن تلك العمليات تشكل التهديد الأكبر لإسرائيل وتضر بأمنها وتصيب الرأي العام بالدهشة من نظام الأنفاق المتطور الذي قامت حماس ببنائه، مشيرة إلى تعالي الأصوات في إسرائيل التي تتهم الموساد والجيش الإسرائيلي بالإستهانة بحجم وقوة هذا الخطر الداهم بل تحدّث أعضاء في الحكومة الإسرائيلية عن فشل ذريع للأجهزة الأمنية الإسرائيلية. ونقلت المجلة عن يوسي ألفير أحد ضباط الموساد السابقين قوله: يبدو أن أحداً لم يهتم بشبكة الأنفاق تلك ولم يهتم أحد بتوقع تلك العمليات الهجومية الكبيرة ضد الإسرائيليين علي حدود غزة. من جانبه قال ميشيل أورين سفير إسرائيل السابق لدى واشنطن: إن أنفاق غزة هي عبارة عن تكتيك عسكري يعود إلى العصور الوسطى وهي تقنية بدائية جداً ومع ذلك أجهزة الرادار الإسرائيلية لم تتمكن من إكتشافها. وأشارت المجلة إلى صور بثها الجيش الإسرائيلي لبعض أنفاق غزة وتظهر فيها عدة أنفاق مدعمة بالأسمنت ومزودة بالكهرباء وآلية تهوية وهي أنفاق تم حفرها على بعد «15» متراً تحت الأرض ويبلغ عرض بعضها «75» سم وإرتفاع النفق الواحد قرابة «1.70» متر ومزودة بأكثر من «70» تجويفاً جانبياً، وهي الأنفاق التي يصفها العقيد في الجيش الإسرائيلي أوشيك أزولاي بانها أشبه بشبكة مترو الأنفاق. واستخدمت حماس من قبل شبكة الأنفاق تلك في خطف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، حيث يرابط مقاتلو حماس داخل تلك الأنفاق لأيام انتظاراً للهجوم وخطف الجنود الإسرائيليين. واختتمت شبيجل تقريرها بإبراز تصريحات نتنياهو المتكررة والتي قال فيها إنه سيسحب قواته من قطاع غزة بعد تدمير جميع الأنفاق وهو ما يعتبره كثير من الخبراء أمراً خيالياً وغير واقعي، لا سيما وأن حماس تستخدم وسائل حديثة للحيلولة دون كشف تلك الأنفاق في الوقت الذي تحوم فيه الطائرات الإسرائيلية بدون طيار ليل نهار للبحث عن الأنفاق دون جدوى. الجندي الأسير قالت صحيفة اندبندنت البريطانية، إن إسرائيل مصابة بالرعب بعد اختطاف الجندي الإسرائيلي الثاني من قبل حركة المقاومة الإسلامية حماس وقتل جنديين آخرين. مشيرة إلى أن الجندي الأسير هدار جولدن هو ابن عم وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون، وأشارت الصحيفة، إلى العمليات الانتقامية التي قام بها جيش الاحتلال في رفح الفلسطينية، حيث أطلقت المدفعيات والدبابات قذائفها على رفح والتي وصلت إلى المنازل والمحلات التجارية والمباني العامة وتم تدمير جزء من مستشفى يوسف النجار، لافتة إلى نقل الجرحى والمصابين عبر السيارات الخاصة وسيارات الأجرة وحملهم من قبل أقاربهم وذويهم. وأضافت الصحيفة أن عدداً كبيراً من الجرحى والمصابين عالقون عند معبر رفح الذي أغلقته السلطات المصرية، ولم يتمكنوا من الحصول على العلاج وظلوا محاصرين بالقصف الاسرائيلي والمعبر المغلق. كما عرضت الصحيفة مشاهد مؤلمة لأهالي رفح المصابين والباحثين عن ذويهم وعجزهم عن نقل جرحاهم لتلقي العلاج والإسعافات في ظل استمرار القصف. على صعيد آخر، لم يستبعد مصدر عسكري إسرائيلي مقتل هدار غولدن الضابط في لواء النخبة جيفعاتي الذي فقد أمس شرقي رفح. وقال المصدر إن انتحارياً فلسطينياً فجر نفسه قرب قوة إسرائيلية، ما أدى إلى مقتل جنديين، وكان الضابط المفقود بالموقع الذي حدث فيه التفجير. «6» سفن قالت مصادر مسؤولة بهيئة قناة السويس بأن «6» سفن حربية إسرائيلية عبرت القناة خلال الثلاثة أيام الماضية، وذلك تحت حراسة أمنية مشددة على طول المجرى الملاحي، وبحسب صحيفة الوطن المصرية فإن السفن الحربية الاسرائيلية الست تحمل ما يقارب من «19» ألف طن معدات عسكرية متنوعة. وأوضحت المصادر أن السفن عبرت القناة تحت حراسة أمنية مشددة على طول المجرى الملاحي، يأتي مرور السفن الحربية الاسرائيلية المحملة بالذخيرة والأسلحة عبر قناة السويس المصرية، في الوقت الذي تغلق فيه الحكومة المصرية معبر رفح مع قطاع غزة والذي يعد شريان الحياة الوحيد بالنسبة للجرحى والمصابين جراء العدوان. شهادة النرويجي غلبييرت قال الطبيب النرويجي ماديس غلبييرت العائد من غزة، إن الوضع هناك مأساوي، خصوصاً في المجال الصحي والطبي بسبب القصف والحصار المفروض على القطاع. وأوضح غلبييرت الذي قضى «15» يوماً في مستشفى الشفاء بقطاع غزة، أن الحصار المفروض على القطاع من قبل إسرائيل ومصر زاد من مأساوية الوضع. وقال إن الوضع في غزة أسوأ مما كان عليه إبان عدوان 2008 و2012. وأضاف أن ذلك يجعل إنقاذ المرضى والمصابين مستحيلاً، وأنهم هم يموتون جراء ذلك. وأشار غلبييرت إلى أن هناك حاجة ماسة وملحة لنقل المصابين خارج غزة. من جهة أخرى قال الطبيب النرويجي إنه شاهد أثناء عمله بمستشفى الشفاء أطفالاً من دون رؤوس ومن دون أطراف وأرجل. وأضاف أن المستشفيات استهدفها طيران الاحتلال، لافتاً إلى أن مشافي قطاع غزة فقدت خمس قدرتها الاستيعابية. ويعتقد غلبييرت أن المختلف عن الحروب السابقة هذه المرة هو القنابل التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي ومنهجية أهدافه ضد المدنيين والقطاعات المدنية ومنشآت الكهرباء. وقال إن ربع مليون فلسطيني فقدوا منازلهم. واتهم الجيش الإسرائيلي بقصف المدنيين والمستشفيات والمدارس، مشيراً إلى أن إسرائيل لا تحترم حقوق الإنسان وتقصف المدنيين والبيوت ودور العبادة وتقطع رؤوس الأطفال. وألقى غلبييرت باللائمة فيما يجري على الصمت العربي والغربي إزاء جرائم إسرائيل، متسائلاً أين ميشيل أوباما «زوجة الرئيس الأميركي باراك أوباما» التي ثارت ثائرتها عندما خطفت بنات في نيجيريا جماعة بوكو حرام؟ وقال لماذا لا نسمع لها صوتاً اليوم وأطفال غزة يقتلون يومياً بقنابل الجيش الإسرائيلي؟.