الكل كان ينتظر العيد كما تعود بالحلويات والخبائز والملابس الجديدة وكل التجهيزات للبيوت ولكن تزامنه مع موسم الخريف خالف كل التوقعات ليتحول العيد من موسم لنشر الأفراح وحفلات الزفاف والمناسبات السعيدة لموسم يوزع المآسي والأحزان ونشر الكآبة وتتحول مظاهر الفرح من زينة ومناظر جميلة إلى برك وأوحال تحيط بالناس من كل مكان مكبلة لتحركاتهم ومفسدة لخطتهم وتحولت الساحات الشعبية من أماكن صلاة العيد وتجمع الأطفال وإطلاق المفرقعات إلى مستنقعات تتجمع فيها الضفادع والباعوض. هذا ومن الملاحظ أن السنتين الأخيرتين شهدتا أمطارا غزيرة في ولاية الخرطوم مخالفة للتوقعات وخارجة عن المألوف الشيء الذي جعل الكثيرين لم يعدوا العدة جيدًا لمجابهته والاستعداد له بما يتناسب مع تلك الكمية الكبيرة للمياه حتى على المستوى الرسمي الذي تعامل مع هذا الموسم كالمعتاد. غياب الفرح وقد أثرت السيول والأمطار على كثير من أحياء الخرطوم وخاصة الطرفية التي تعاني من عدة مشكلات أهمها عدم توفر مجاري التصريف والتخطيط السيء الذي جعلها عرضة للخراب والتدمير مما تسبب في الكثير من المشكلات بين الأحياء فكل واحد يريد إخراج الماء في اتجاه الحي الآخر أما بعض المناطق التي في العادة ينتظر الأهالي المياه أن تجف يفعل العوامل الطبيعية عانوا الأمرين بسبب ارتفاع معدل الأمطار مما قد يجعل فترة انتظارهم تطول قال محمد بان هذه السنة أجبرتهم الأمطار على ترك الكثير من الخطط والبرامج التي كانوا يقومون بها كل سنة فلم يصنعوا الخبائز ولم يقوموا بالمعايدة لأهل الحي كما جرت العادة فقد كانوا بعد أن تنقضي صلاة العيد يجوبون كل المنازل لتقديم التهاني ولكن معظم الناس لم يكونوا مستعدين لاستقبال الضيوف لان معظم أثاثاتهم كانت في الشوارع أما لأنها مبتلة أو خوفا من سقوط الغرف عليها. تحدث لنا احمد خلف الله عن العيد هذه السنة فقال لم نشعر بالعيد ولا بقدومه وضاعت كل تجهيزاتنا سدى حتى أن أطفالي لم يتذكروا شراء الألعاب والأشياء التي تعودوا عليها في مثل تلك المناسبات نسو العيد وانشغلوا بالأشياء التي أتلفت مثل التلفاز وألعابهم الالكترونية متحسرين عليها فلم يتذوقوا طعم الفرحة. أما العوني فقال بالرغم من أن منزلنا والحمد لله لم يتضرر كثيراً مثله مثل بقية المنازل الا ان فرحة العيد غابت هذه السنة فأصدقاؤنا وجيراننا الذين يشاركوننا الفرحة بقدوم العيد يعيشون في كآبة شديدة هذا تلف أثاثه وهذا تضرر منزله مما جعل الفرحة ممزوجة بالحزن لم نقدر على نسيان ما حدث لهم ولم نستطع تجاهل الكارثة التي حلت عليهم بفقدانهم للكثير من ممتلكاتهم. ٭ سيف قال وقوع العيد مع موسم الأمطار هذه السنة افقده الكثير من البهجة والفرح فالشوارع مغمورة بالماء حتى أن الساحات التي تقام فيها الصلاة كانت مغمورة مما خلق ربكة فظللنا نبحث عن مكانها لنعثر عليه بصعوبة والأطفال لم يجدوا المساحة الكافية للعب ونحن لم تقدم التهاني للأصدقاء ولم نأكل الحلويات لان معظمها كانت بالتلفون. تعليق حفلات الزواج وهناك الكثير من حفلات الزواج التي تم إلغاؤها بسبب الخريف والسيول الشديدة التي هدمت المنازل وأتلفت الأثاثات لتبدأ الرحلة مرة أخرى من بدايتها لأشخاص كانوا قاب قوسين من اتمام نصف دينهم حتى أن بعضهم قد يأس من مشروع الزواج فقال الهادي الذي كان قد حدد موعد زفافه في ثالث أيام العيد يبدو أن هناك عارضاً كبيراً يقف لي ففي كل مرة أنوي الزواج يحدث لي شيء ينسف كل تجهيزاتي وفي هذه المرة لم أتوقع أن يخرب الخريف زواجي فلقد أتلفت الأمطار الغريزة (الشيلة) التي جمعت ثمنها بصعوبة وتعرض منزل العروس لأضرار بالغة فطلب مني والدها أن أجل الزواج قليلاً حتى يستطيع صيانة منزلة خاصة أنه أيضاً من محدودي الدخل ولا يملك المال الكافي مما قد يضطره لاستخدام المال الذي كان ينوي أن ينفقه للزواج. وهاني الذي كان ينوي الزواج في هذا العيد اجله أيضاً بسبب الأمطار الغزيرة التي تسببت في دمار وإتلاف منازل جيرانه وأهله فقال أجلت زواجي بعد أن شعرت بأن الوقت غير مناسب فكل الناس غير متحمسة لمشاركتي الفرحة بسبب ما تعرضوا له من أضرار من الخريف هذا غير أن الماء يملأ المكان وما زال الناس لا يستطيعوا السير بحرية فكثير منهم يعانون أشد المعاناة في الخروج والدخول ولهذا رأيت أن في مثل تلك الظروف من المستحيل أن يقيم أحدهم حفل زواج. اهتمام عبر مواقع التواصل الاجتماعي ونجد أن الكثيرين لجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعي لتقديم التهاني والمعايدة بعد أن صعب عليهم القيام بالزيارات كما تعودوا وأيضاً وجد الخريف اهتماماً كبيراً وتغطية واسعة لأثاره فانتشرت صور الدمار الذي خلفته السيول وتبادل الصور ومقاطع الفيديو والرسوم التي توضح مدى الأضرار البليغة التي لحقت بالكثيرين والتي تكشف مدى المعاناة التي يجدها الكثير ممن يسكنون الأحياء الطرفية والفقيرة مما أنقص فرحت الكثيرين بعد أن صدموا بما شاهدوه من مشاهد محزنة ومؤلمة للعديد من المتأثرين والحالة المزرية التي يعيشون فيها بعد أن فقدوا كل شيء.