انشغل الناس في اليومين الماضيين بحديث للبروفيسور مأمون حميدة وزير الصحة بولاية الخرطوم، الذي قال طائعاً مختاراً خلال جلسة المجلس التشريعي لولاية الخرطوم، في إجابته لمسألة انتشار الضفادع جراء تراكم مياه فصل الخريف في شوارع وساحات العاصمة، وقال بحسب ما نشرته الصحف: «الضفادع دي ما تبعنا وحقو يستفيدوا منها بأكلها وهي غنية بالبروتينات»، وكلام البروفيسور قطعاً أثار دهشة كثير من الناس، فتناول الضفادع لأنها غنية بالبروتينات كلام «دخيل» على ثقافة المجتمع السوداني، وليس من عاداتنا أن نلجأ إلى أكل المحرمات، وهو امر اثبتته الفتوى التي أصدرها عضو هيئة علماء السودان محمد هاشم الحكيم بعدم جواز اكل الضفادع شرعاً بغرض الاستفادة من البروتين. وقال الشيخ بحسب تصريح نشرته الزميلة «المجهر» أمس مستشهداً بالآية الكريمة «أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً»، والضفادع ليست بحرية بل برمائية، وأكلها وقتلها حرام بدليل حديث للرسول «ص». وهذا من ناحية دينية، ومن ناحية أخرى فإن حديث المسؤول عن صحة مواطني ولاية الخرطوم حديث غير مسؤول، فأكل الضفادع كما علمنا من شيم الآسيويين من اليابان والصين وغيرها من الدول التي لا تقف في وجهها اية عوائق «وبطنهم ما بطم» زي السودانيين. وأكل الضفادع كنا نسمع به في السابق عند القوات المسلحة ومنتسبي «الصاعقة»، فهم بوصفهم جنوداً لا يخاوفون العدو ولا يخشون الموت، ومن أجل اثبات انهم شجعان يأكلون الحية والميتة من الثعابين وغيرها، حفاظاً على أرواحهم في وقت الحروب، وكي لا يكون الموت جوعاً نصيبهم، ولكن لا أظن أننا رأيناهم يأكلون الضفادع بلا شك. ولا أدري لم يضع المسؤولون في بلادي أنفسهم في «حتة ضيقة «مع الإعلام والرأي العام والمواطنين» بتصريحات سخيفة لا معنى لها، فالدعوة لأكل الضفادع من أجل الحصول على البروتين اعتبرها استخفافاً وعدم تقدير لمشاعر الآخرين، وحال كان الوزير حريصاً على صحة مواطني وزارته في الخرطوم كان الأجدر به توفير البروتين في الغذاء واللحوم والأطعمة المختلفة بتنسيق جهوده مع الرعاية الصحية الأولية، أو توفير اللقاحات الطبية اللازمة «حبوب الفيتامين» وتوزيعها ليس مجاناً فهو حلم بعيد، ولكن على الأقل باسعار مناسبة لتحسين صحة المواطن ومده بما افتقده من فيتامينات إثر التراجع الكبير في الصحة العامة وتردي البيئة في الخرطوم بعد هطول الامطار التي ادت الى تراكم المياه الآسنة في كل شبر وساحة وميدان وشارع وزقاق من أحياء العاصمة، وبالتالي كان المولود الطبيعي للمياه الراكدة ملايين من الذباب نهاراً وبلايين أخرى من جحافل الباعوض ليلاً تنهش في لحم المواطن حتى فقد كل الفيتامينات في جسده. وزير الصحة قال إن الضفادع ليست من اختصاصه، ولكن نطرح عليه السؤال: ما هو السبب المباشر لوجودها وتوالدها؟ أليس هو مياه الأمطار الراكدة التي لم تجفف حتى ادت لتوالد الضفادع فيها، وإذا عجزتم عن القضاء عليها كان الاحرى بك أن تصمت بدلاً من اطلاق تصريحات تستخف فيها بالمواطنين. وكلام وزير الصحة ذكرني بحديث سابق لوزير المالية الأسبق علي محمود الذي تقدم باقتراح بأن يأكل المواطن الكسرة باعتباره حلاً لأزمة الخبز، ووقتها كانت تكلفة صناعة الكسرة تفوق تكلفة الخبز بمرات كثيرة، وجاء تصريح آخر من عضو مجلس تشريعي ولاية الجزيرة بأن على المواطن أكل «الكسرة بالموية» إبان نفس الأزمة. فإلى متى يستمر المسؤولون في إطلاق التصريحات المستفزة لكرامة المواطن والسخرية منه وجعله فار تجارب لمقترحات عديمة الجدوى، فالمواطن أدرى بمصلحته العامة وما يتوجب عليه أكله من عدمه، ونسأل الوزير هل جربت أنت أكل الضفادع لتقترحه على الغير؟! نقطه أخيرة لدينا ملايين مقدرة من الثروة الحيوانية تكفي للحصول على البروتين.. بس إنتو نزلوا أسعارها وخافوا الله في المواطن. ونخشى من اقتراح أكل «الكلاب» مستقبلاً للحصول على ما تبقى من فيتامينات!!