تناولنا بالأمس كيف تحولت المخدرات لسلاح يفتك بالشعوب، واليوم نواصل ما انقطع من حديث حول خطورة الإدمان، حيث يوجد نوعان من الإدمان هما الإدمان أو الاعتماد الجسمي والإدمان النفسي. والاعتماد الجسمي فيه يحس المريض بأعراض جسمانية في أعضاء جسمه المختلفة عند الإيقاف المفاجئ للدواء أو عند الانقطاع غير المتدرج ويحصل الاعتماد عند استخدام المسكنات المركزية لفترة طويلة بغض النظر عن وجود الألم أو عدمه، إن حدوث الاعتماد الجسمي أمر متوقع في التعاطي طويل الأمد للمادة، لذلك تعتبر المخدرات والإدمان من أكبر المشكلات التي تعاني منها كل دول العالم لما لها من أضرار جسيمة على النواحي الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والصحية، وعليه صارت آليات المكافحة لهذا الداء عبر مؤسسات إقليمية ودولية تتعاون فيما بينها خاصة بعد أن أشارت تقارير الأممالمتحدة حول موضوع المخدرات في العالم، إلى أن هناك تزايداً ملحوظاً في عدد المتعاطين لها في العالم، وحذر التقرير من ظهور خطوط جديدة للتهريب، نتيجة تأثير الحروب الأهلية، والصراعات الإقليمية، وتنامي تطور أسواق المخدرات المصنعة كيميائياً وعلى رأسها الفيتامينات وحبوب «النشوة» مستهدفة بذلك الشباب الذين يعانون من البطالة والفراغ.. وتشير أغلب التقارير لا سيما تقارير منظمة الصحة العالمية، إلى الترابط المعقد بين الإرهاب والجريمة المنظمة والفساد وتهريب المخدرات، وللإدمان مراحل مخاطر وآثار وتأثير كبير على ارتفاع معدلات الجرائم. فقد صنف العلماء والمختصون هذه المراحل بأربع مراحل تبدأ بمرحلة التجربة، إذ يقوم الشخص فيها بتناول المواد المخدرة على سبيل التجربة للتباهي أو للقضاء على القلق أو الاضطراب النفسي والعصبي، أو للحصول على نشوة أو متعة ما، وغالباً ما تتم التجربة بمساعدة وتشجيع من أصدقاء ومعارف مقربين، ثم تأتي المرحلة الثانية وهي مرحلة التعاطي القصدي وفيها يتم قيام الشخص بالبحث عن المواد المخدرة للحصول عليها وتعاطيها دون دفع أو تشجيع من أشخاص آخرين. وتختلف هذه المرحلة. أما المرحلة الثالثة في مرحلة الإدمان التي يصبح فيها المدمن مواظباً على تعاطي المادة المخدرة بشكل دوري، يصل أحياناً إلى تناولها يومياً أو في كل وقت في أقصى الحالات. فبدون تعاطيه لها في أوقاتها يفقد الكثير من نشاطه وحيويته وقدرته على التواصل مع ذاته ومع المجتمع. وأخيرًا تأتي المرحلة الأخيرة والخطرة وهي مرحلة الاحتراق وتسمى مرحلة الذروة التي يصلها المدمن نتيجة تعاطيه المستمر للمخدرات. إذ تصبح المخدرات في هذه الحالة غير قادرة على إعطائه ما يرغب فيه من تكيف ونشوة، ويصبح فيها مجبراً على تناولها بشكل دائم قد يصل إلى طوال اليوم والعياذ بالله. وكثير من الدراسات أثبتت أن هذه الحالة المزمنة تدفع بالمدمن إلى الانتحار، أو القيام بأبشع الجرائم مثل قتل ذويه وعائلته أو أصدقائه المقربين له. ومن ضمن الدراسات الإستراتيجية المهمة في هذا المجال ما أعدها د. سعد بن عبد الله الهويدي من المملكة العربية السعودية، جاء فيها أن كثيراً من الدراسات ترى أن علاقة المخدرات بالجريمة نابعة من مصدرين رئيسيين هما: تغير في الحالة العقلية والمزاجية للمتعاطي وما يحدث نتيجة ذلك التغير من اختلال في وظائف الإدراك والتفكير وبالتالي ضعف السيطرة على ضبط الذات وفقدانها، ما يجعل الفرد المدمن يطلق العنان لرغباته وشهواته فيقترف الجرائم دون وازع من ضمير أو خوف من عقاب. ونواصل. و«لو قدر لنا سنعود»