في العام 2010 عُثر على حمار مذبوح في إحدى المناطق بالخرطوم بحري، وقتها رجح أن يكون الذابح هم مجموعة من الآسيويين الذين يتعاطعون لحوم الحمير، وقلت إنني حمدت الله وتنفست الصعداء أن ذلك الحمار أبو رأس كبير لم يذبح بغرض البيع الكيري، ومرد الارتياح هو أن التداعي في البنية الاجتماعية الذي سمح باغتصاب حتى الأطفال الرضع « شهران» كما أوردت إحدى الصحف أخيراً لم يصل بعد إلى درجة ذبح الحمير وبيع لحمها وسط أكوام لحم البقر والعجالي. بيد أنه في العام الماضي تفاجأ سكان المايقوما شرق ذات صباح بوجود آثار ذبيحة ضحيتها حمار عُثر على رأسه المذبوحة بحرفية عالية، فيما هرب الذابح بلحمه إلى جهة غير معلومة، وكشف مواطنون من مربع «12» بالمايقوما حي المزدلفة بالحاج يوسف، تجمهروا في مكان الذبيح لصحيفة «حكايات»آنذاك، أنهم وجدوا متعلقات الحمار المذبوح ملقاة بالترعة القريبة من الحي، وقريباً منها آثار لساتك سيارة رجّحوا أن يكون قائدها نقل بها لحم الحمار. وقال أحمد الشفيع محمد إنه عثر في الثامنة صباحاً جوار الترعة الزراعية بحي «المزدلفة» على رأس لحمار مذبوح مع أرجله وجلده و«العفشة»، مذبوحاً بحرفية عالية، على حد وصفه. وأضاف: «الشغل ده ضبح زول جزار متمرس، وما في زول بياكل ليهو لحم حمار كامل براهو». وعقب قراءتي للخبر أيضاً استبعدت أن تكون عملية الذبح تمت بغرض البيع، وقلت إنها في الغالب تخص مواطنين آسيويين درجوا على شراء الحمير الطاعنة في السن أو المعطوبة وذبحها وأكلها سيما وهم يعشقون أكل بعض الحيوانات التي لا يقرها ديننا من جهة وتعافها بطوننا العزراء من جهة أخرى، إذ كنت أظن أنه على الأقل رغم موجة الجشع والغش والاحتيال، لم يبلغ الحال بنا أن يلجأ البعض لذبح الحمير ودس لحومها بين العجالي والبقر. لكن أمس الأول في منطقة سوبا غرب أوقفت شرطة النجدة متهمين تم ضبطهم يحملون «حمارين» تم ذبحهما وسلخهما وتقطيع لحومهما. وأوردت صحيفة «الدار» أن الجناة كانوا بصدد بيعها في داخل الأسواق المنتشرة بالمناطق الطرفية بشرق النيل، وأنه تم تمشيط المنطقة حيث عثر على الجناة وهم متلبسون كما ضبطت الجلود ورؤوس الحمير. بالطبع ما حدث يمثل صدمة لمشاعر الكثيرين ولكل الذين ما زالوا يعتقدون أن التآكل في البنية القيمية في المجتمع وصلت إلى هذا الدرك السحيق، إذ أن جرائم ذبح الحمير ودسها بين اللحوم وبيعها مألوف في عدد من الدول العربية، وكانت الشرطة المصرية قد ألقت في وقت سابق في الجيزة، القبض على نجار، يتاجر في لحوم الحمير، وتبين من التحقيقات أن المتهمين يقومان بشراء «الحمير والخيل» من الأسواق ويقومان بذبحها داخل منزل، ثم يقومان بترويج لحومها بالأسواق. أخيراً، لا شك أن الحدث يتطلب مضاعفة الرقابة الصحية على أماكن بيع اللحوم خاصة في المناطق الطرفية، والتأكد من الختم الصحي، وإلا ربما دخلت الخنازير أيضاً قريباً سوق اللحوم الكيري، وربما خلطت الكمونية بلحوم الضفادع خاصة وأن برك الخريف الآسنة مرتع لسمان «القعوي».