لا تستغرب لمنطق هذه الحكمة اعلاه عزيزي القارئ، فالذين سبقونا في هذه الفانية جربوه، ولولا انهم وجدوها شافية ما اطلقوها!! والحكمة تشابه إلى حد ما حكمة أخرى تقول «إن كترت عليك الهموم أرقد نوم!!» وبالتأكيد فإن ذلك ينبع من فلسفة «معاكسة المعاكسة» فقد يبدو لك عيباً أن تنهزم او تستكين او تستسلم، خصوصاً لو كنت من النوع العنيد او «الحمش»، ولكن هنالك ما هو أقوى، لذا فإن في عالم السياسة أحياناً ما يجعلك «تحنى ظهرك للريح»، وقد يبدو لك او لغيرك ان كنت تفضل السياسة أن تركن للنوم، وعلى أقل تقدير تخرج بمكسب راحة الجسم والمزاج والبال والصحة، وتقتصر خسارتك فقط في ما فشلت في حله مادياً. وفي مسائل الزواج يبدو أن البعض يحلونها على هذه الشاكلة، فللأعزب الذي يجد معاناة في المعيشة، والمرتب أو الدخل لا يفي له بمتطلباته الخاصة ومنصرفات اهله الذين يعولهم، يصاب بحالة من الإحساس بأن «الحل في الحل»، وما دام هو واثق من ان الرزق على الله، يغمض عينيه، ويقفز من فوق ظروفه تلك ويلقي بثقله في بحر الزواج، عسى أن يخرجه البحر لبر الأمان، ولا يأبه للمثل الذي يقول: «يا غرق يا جيت حازما»، وانما يعمل بالمثل الدارجي الذي يقول :«المية مية وأردب». وكل تلك المسائل الحسابية والنظرات الفلسفية والمدارس التجريبية لم تأت من فرغ. فلقد جربها من سبقونا، وشكلت لنفسها في واقعهم نجاحات، فصارت عبارات إرشادية شبيهة بالأمثال، يسهل تداولها، وما فتئت كلما مر على الإنسان مشكل يجربها أو يحكيها. أما في «المسائل» المعيشة، وهي ايضاً مسائل رياضية معقدة، فإن للمثل نظرية رياضية ساحرة كنظرية «فيثاغورس»، ولعلها النظرية الرياضية الوحيدة لحل تلك المسألة. عليك في البدء أن تجمع كل عاداتك الغذائية الاستهلاكية وتتخلص منها فتطرحها من وجباتك اليومية كاللحوم مثلاً والالبان، ثم تقلل قليلاً من استهلاك السكر، وترشد استهلاكك للكهرباء، ثم تطرح الناتج من مرتبك الشهري. ولا بد أيضاً من كبح جماح زوجتك «الشوفوني» المتزايد الذي يثقل على المرتب، ويا حبذا لو انك «اضفت» على ناتج الخصم وطرحته من بعض المدخلات المنزلية كزراعة بعض الخضروات على طرف المنزل وتربية ما يستطيع من دواجن أو غنمايتين. اخيراً ستجد أنك في المسألة المعيشة قد وسعت «القد»، ومن خلاله تسربلت كثيراً من المعاناة. ذلك انك منذ البدء كنت تثقل كاهلك بهموم تظنها انها ضرورية. اما اذا اعترضت زوجك على سياستك التقشفية الاصلاحية هذه، فيمكنك ان تشهر في وجهها سلاح «الما عاجبو يشرب من البحر».