عملية إنقاذ ناجحة| تحرير المصريين المختطفين فى السودان وعودتهم سالمين.. صور    إفتتاح أنيق لدورة الكرامة للخماسيات بدار الشرطة كوستي    الزمالك يهدد اتحاد الكرة باللجوء للمحكمة الرياضية    الاتحاد السوداني يكشف حقائق ملعب الهلال في الأبطال ويعلن عن اجتماع مشترك مع "كاف"    مجلس الأمن الدولي يؤكد دعمه لسيادة السودان ووحدته ويعرب عن قلقه البالغ إزاء توقيع ميثاق لتأسيس سلطة موازية في السودان    البرهان يجهض "نداء حمدوك" لوقف الحرب في السودان    شبح الحرب يخيم على جنوب السودان    دستور السودان الإنتقالي وفرص بناء دولة المواطنة    شاهد بالفيديو.. وجبة سودانية تضع المذيعة الحسناء رشا الرشيد ومديرة مكتب "الحدث" بالسودان في مآزق حقيقي    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يتزوج من جميلتين في ليلة واحدة ويقفن خلفه أثناء الجرتق.. ما هي الحقيقة؟ وما هي قصة الفيديو الذي نال شهرة واسعة؟    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يتزوج من جميلتين في ليلة واحدة ويقفن خلفه أثناء الجرتق.. ما هي الحقيقة؟ وما هي قصة الفيديو الذي نال شهرة واسعة؟    صن داونز يعزز هجومه بضم مهاجم نادي ستراسبورج الفرنسي السابق    مخرجات الإجتماع الطارئ لإتحاد القضارف    على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية «1- 20»    الخرطوم.. توضيح مهم لهيئة المياه    الجهاد بورتسودان يسجل حارس القاش    لن تكون التسوية بأية حال، الامتثال لقرار الإنتربول بترحيل ياسر عرمان إلى السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. أحد أفراد الدعم السريع يقوم ب(شفشفة) زميله وينكر فعلته والجمهور ينفجر بالضحكات    اكتمال صيانة الخط الناقل وعودة إمداد المياه تدريجياً لأحياء أمدرمان    نتائج مثيرة في دور ال16 بدوري أبطال أوروبا    خطة أوروبيَّة لحشد 800 مليار يورو للدفاع    غليان في جوبا.. اعتقال نائب رئيس هيئة الأركان ومحاصرة مقر إقامة (رياك مشار)    طلاسم مسلسل "المداح" تثير الجدل في مصر.. وخبراء يحذرون    معركة الكنافة والقطائف!!    رمضان فرصة الجميع لإصلاح النفس والتغيير    لا يزال المصلون في مساجد وزوايا وساحات الصلاة في القضارف يلهجون بالدعاء الصادق لله سبحانه وتعالي أن يكسر شوكة المتمردين    ريال مدريد يكرس عقدته لأتلتيكو بسحر دياز    السيسي يكشف تفاصيل الخطة المصرية بشأن غزة    الحكم بحبس مرتضى منصور 6 أشهر    رسالة من ترامب بشأن شهر رمضان    مايكل جاكسون وسبايدرمان على مائدة إفطار سودانية.. فما القصة؟    ضباطٌ في الجيش (كلمتهم) أقوى من (الرصاصة)    شرطة دبي: وفاة سائق شاحنة اندلع حريق فيها ثم اصطدمت بأخرى    قائد الفرقة الأولى مشاه:إكتمال تحرير الجزيرة وخلوها من التمرد    مقاضاة ترامب لمنع نقل مهاجرين إلى غوانتانامو    السٌودان ضمن قائمة أسوأ 8 اقتصادات في 2025    مسؤول سوداني يكشف عن خطوات مرتقبة بشأن الذهب    السودان..الجيش يستلم" الخلية المثيرة"    السودان..وزير يعلق على المحاولة الخطيرة    عملية"حي النخيل" تصنع الحدث في السودان    ألق رمضان في نفوس أهل السودان    تدهور الأوضاع الأمنية في كسلا    "السامية"ونشر محتوى إباحي تضع كيم كارداشيان في مأزق    على طريقة "ريا وسكينة".. ظهور سفاح جديد في الإسكندرية    هجوم مسلح على مكتب مكافحة المخدرات في كسلا    أمريكا.. إقالة رئيس هيئة الأركان المشتركة    تفاصيل القبض على متهم سادس في قضية الاعتداء على فتاتين سودانيتين بالهرم    مصر.. الإعدام لخمسة أشقاء اقترفوا جريمة قتل جماعية    غبار المكابح أخطر من عوادم السيارات!    كيف نتغير؟    حرب السودان تعطل محطات المياه.. والعطش يحاصر أحياء الخرطوم    الهالك جلحة، رمز الاستكبار والجهل    السلطات في بورتسودان توقف 8 أشخاص    الصيام المتقطع ليس آمنا للصغار والمراهقين    الصحفي محمد الطيب يهاجم الفنانة توتة عذاب بعد إهانتها لعازفها بالقاهرة: (دي عاهات حرب.. أديتيهو أغنية القمر بوبا وخربها ليك؟ ولو كنتي زي سميرة دنيا كنتي عملتي شنو يا "اصتاذة")    وفاة مولود إنجي مراد بعد ساعات من رحيلها    ضياء الدين بلال يكتب: (التعايشي) .. من العجلة إلى التاتشر..!    "يوازن الهرمونات".. 5 فوائد صحية لزيت الفول السوداني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكذوبة الثقافة السودانيَّة (1 2) عبد العليم شداد
نشر في الانتباهة يوم 20 - 09 - 2014

الثقافة كلمة شاملة تدل على مجموعة القيم والعادات والتقاليد والاعراف التي تعيش وفقها جماعة أو مجتمع بشري بغض النظر عن مدى تطور العلوم لديه أو مستوى حضارته أو عمرانه، فالأمانة والصدق والكرم والعفة والشجاعة والتضحية ومساعدة الضعفاء وحب العمل والمهن التي تحقق المكانة الاجتماعية أو التي تحط من قدر صاحبها، الملابس أشكالها وألوانها وطريقة تفصيلها ومقدار ما تغطيه من الجسم، الاكل انواعه وكيفية اكله باليد ام بادوات اخرى، الزواج وما يتعلق به، نوعية المساكن، اشكالها واحجامها وطريقة بنائها والمواد المستخدمة في بنائها وطريقة فرشها وتأسيسها. كل هذا وغيره يندرج تحت مسمى ثقافة المجتمع وتختلف الثقافة من مجتمع لاخر حسب المؤثرات التي تؤثر فيه وحسب اضطرار افراده للتعامل مع مجتمعات ذات ثقافات مختلفة، وقد تتغير الثقافة داخل المجتمع الواحد نفسه من فترة زمنية إلى أخرى، فقد تكون قيمة أخلاقية كالامانة مثلاً في مجتمع من المجتمعات قيمة عادية وشائعة بين افراده وقد يأتي وقت يفقد فيه نفس المجتمع هذه الصفة ونقول عندها ان ثقافة هذا المجتمع قد تغيرت، وقد يتصف مجتمع ما في وقت من الاوقات بلباس معين ثم يأتي زمان ويترك فيه افراد هذا المجتمع هذا اللباس ويلبسون لباساً غيره ونقول عندها ان ثقافة هذا المجتمع ايضا قد تغيرت، فكلمة ثقافة قد تطلق على مجموع صفات المجتمع وقد تطلق على احدى الصفات المكونة لثقافة نفس المجتمع.
وثقافة المجتمع السوداني اليوم ليست كثقافته قبل خمسة عشرة عاماً وثقافته قبل خمسة عشرة عاماً ليست كثقافته قبل ثلاثين عاماً وهكذا، أي انه لا توجد ثقافة سودانية ثابتة فالتغيير قد شمل كل شيء، الطعام والشراب، السكن، الملابس، المعايير والقيم الاجتماعية، مفهوم الحياة الكريمة وغيرها، ولذلك فعندما نقول الثقافة السودانية فنحن ملزمون بتحديد الفترة الزمنية التي نتحدث عنها كأن نقول الثقافة السودانية في الستينيات او السبعينيات، فمثلا مقاييس الجمال اليوم قد تغيرت عن الامس، فقديماً كانت (الشلوخ) و(دق الشلوفة) من العادات الشائعة وكانت تعتبر من عمليات التجميل اما اليوم فهي تعتبر تشويهاً، وتغير لباس العروس التي كانت تلبس الملابس المحلية (التوب والفستان) يوم عرسها لتلبس ثوب الزفاف الابيض على الطريقة الغربية تماما، والعروس التي لم تكن تستشار في من سيتزوجها وربما لا تراه الا في ليلة عرسها اصبح رايها هو الاول والاخير واصبحت تحضر من يرغب فيها وتعرفه باهلها بدون الحاجة للاحساس بأدنى حرج، والتعدد الذي كان امرا عاديا اصبح جريمة اجتماعية، و(الجلابية) التي كانت اللباس الشعبي الاول للرجال وكان الناس ينظرون لمن يلبس السروال الافرنجي (البنطلون) نظرة استغراب ودهشة تراجعت وأصبح السروال الافرنجي هو الزي الشعبي الاول، والمغنين والمغنيات الذين كان يحتقرهم الناس ويسمونهم (الصيع) أصبحت برامجهم في التلفزيون من أعلى البرامج مشاهدة، وحتى في بناء المساكن وتأسيسها تغيرت النظرة لمفهوم المنزل المحترم، كما تغيرت نظرة الناس للتعليم الحديث واصبح يستهلك جزءا مقدرا من ميزانية الاسرة وفي زمان سابق لم يكن الاب يعرف في اي صف يدرس ابنه اما اليوم فدرجة الفرد العلمية من اهم المعايير التي يتم بها تقييم الشخص، والحقيقة ان التغييرات في ثقافة المجتمع السوداني (سلبا او ايجابا) اكبر من ان تحصى، ولا تستغرب ان الكثير من العادات مخالفة لتعاليم الاسلام فالثقافة السائدة دائماً أقوى من تعاليم الدين والمخالف للثقافة السائدة دائماً ما ينبذه المجتمع. وليست ثقافة المجتمع السوداني وحدها هي الخاضعة للتبديل والتغيير فحتى الثقافة الغربية القائدة للعالم اليوم نتيجة لحاجة الاخرين لما تملكه مجتمعاتها من علوم وصناعة هي نفسها في تبديل وتغيير مستمر فالغربي الذي كان يرى ان الاكل بالشوكة يعد اثما لان الله اعطاه الاصابع كشوكة طبيعية اصبح يرى ان الاكل باليدين عمل قبيح وغير محترم، والمجتمع الذي كانت المرأة فيه في وقت من الاوقات تغطي رأسها وتلبس الملابس الطويلة، ما زالت الملابس تضيق وتقصر فيه الى ان وصلت لمرحلة لباس البحر (البكيني) الذي افتخر مخترعه في الاربعينيات والذي لم يبداء في الانتشار الا في الستينيات بانه من صغره يمكن تمريره عبر خاتم، واستمر التغيير في اشكال الملابس وحجمها للرجال والنساء الي ان وصل المجتمع الغربي الي ان يري ان التعري الكامل ليس عيباً وانه امر صحي وانها عودة للطبيعة فاصبح من غير الملفت للانتباه ان تجد الناس في الكثير من المدن الغربية يسيرون عرايا كما ولدتهم امهاتهم وخاصة علي شواطئ البحار والانهار واحواض السباحة وتجد افراد الاسرة بكاملها داخل المنزل عراة وهم على قناعة بصحة ما يفعلون، كما انه هو نفس المجتمع الذي كانت تقوم فيه العائلة علي اساس الزواج المقدس في الكنيسة فاستغني اليوم معظم افراده عن ذلك الزواج واستبدلوه بالمساكنة بدون زواج مع علاقة زوجية كاملة بدون أي التزامات قانونية، واستمر التغيير في مفهوم العائلة الى ان اصبحت اليوم تتكون من شخصين من نفس الجنس واصبح زواج المثليين (ان يتزوج رجل برجل او امراة بامراة) شرعيا وقانونيا في معظم الدول الغربية وقد اعترفت به اول دولة اوروبية في العام 2001، ومن ناحية النظرة للاخر فهو نفس المجتمع الذي كان ينظر لاي اسود البشرة على انه عبد وليس من البشر اصبح السود اليوم فيه قادة يحظون بكامل الاحترام. ان الثقافة الاسلامية ولغتها العربية هي الثقافة الوحيدة الثابتة غير القابلة للتغيير بالرغم من حالة الانزواء التي تعاني منها في عالم اليوم فهي الوحيدة في العالم الدقيقة والكاملة التسجيل، فلن يأتي يوم ويتغير فيه مفهوم العائلة، ولن يأتي يوم يتم فيه تصنيف الناس على حسب الوانهم، كما انها تغطي جميع جوانب الحياة تغطية شاملة كاملة، ففيها كيف وماذا تاكل وتشرب، كيف تنام وتصحى، جسمك نظافته والعناية به، ملابسك طولها وشكلها ولونها، كيف تعامل الناس الصغار منهم والكبار الرجال والنساء، البيع والشراء، هذا مع تزويد الفرد بقيم نفسية واجتماعية رفيعة كالصدق، الامانة، الاحسان، الكرم، الايثار، الرفق، العدل، الحرص على الجماعة، العفة، حفظ اللسان، الوفاء، التواضع، العزة، الرحمة، الرضاء، والقناعة والشكر. والكثير الكثير مما لا يتسع المجال لاحصائه من التعاليم والقيم، ويسمى المجتمع مجتمعا مسلما او اسلامياً عندما يكون محباً وخاضعاً لتلك التعاليم والتوجيهات، وتسمى الحكومة بالاسلامية اذا كان برنامج عملها يقوم على تمكين تلك الثقافة الاسلامية الراقية، ويمكن تسمية الدولة بالاسلامية اذا كان الشعب والحكومة كلاهما اسلاميين.
خلاصة القول انه لا توجد ثقافة (قيم وعادات واعراف وتقاليد) مسجلة اسمها الثقافة السودانية او الافريقية او العربية او غيرها بل توجد فقط ثقافة اسلامية تقترب منها المجتمعات وتبتعد بحسب المؤثرات السياسية والعالمية والاجتماعية المحيطة ولا يصح حصر تسمية مثقف لصالح فئة من الناس، فحتى من يعيشون في الكهوف هم أشخاص مثقفون (لهم عاداتهم وتقاليدهم وقيمهم)، وجميع الثقافات واللغات الصغيرة الى انقراض لأنها لن تستطيع أن تلبي طموحات أفرادها، ولذلك فعندما نقول الثقافة السودانية فنحن نقصد ثقافة العاصمة والمدن الموازية لها، اما مصطلح مثقفين الذي اطلقه بعض الجهال وردده الناس من بعدهم بدون وعي على اصحاب الثقافة الغربية (المتغيرة كغيرها) أو الحاصلين على درجات علمية من الغرب واتسع لاحقا ليشمل معظم البارزين في المجتمعات من غير السياسيين فهو تعبير في غير محله، اما الوزارات الموجودة في الدول الناطقة بالعربية وتسمى وزارات الثقافة والتي انتشرت بين تلك الدول نتيجة لعامل المحاكاة فهي عبارة عن مجرد ادارات لتشجيع ورعاية المغنين والممثلين والشعراء وكتاب القصص (لا اقصد الاساءة لاحد) وليس لها علاقة من قريب أو بعيد بتوجيه المجتمعات نحو وجهة مخطط لها مسبقاً، ولذلك فدائماً ما يكون برنامج الاحتفال بما يسمى عاصمة الثقافة العربية هو مجرد شعر ورقص وغناء.... ونواصل في موضوع الثقافة والهوية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.