في الصباح الباكر من يوم الخميس والجميع مشغولون بالعيد والترتيب للسفر لقضاء العطلة عند أهاليهم بالأقاليم، كنا برفقة والي شمال كردفان مولانا أحمد محمد هارون في رحلة جوية مدتها أربع ساعات عبر طيران الشرطة، وهو يتفقد القرى النائية في فيافي ديار البزعة شمال أم روابة، ويشهد الاحتفال الكبير الذي أقيم بمناسبة قص الشريط التقليدي إيذاناً بافتتاح اول ثمار النهضة وصرح من صروح العلم وهي مدرسة النهضة الاساسية بنات بمنطقة طيبة أو«بعشوم» كما يحلو لاهلها تسميتها وهذه المدرسة تندرج ضمن «24» مدرسة يتم تشييدها بالولاية من مشروع النهضة، ويكتمل العمل فيها بنهاية هذا العام وكان برفقة الوالي نائب الدائرة بالبرلمان وزير الاعلام الدكتور احمد بلال عثمان ورئيس المجلس التشريعي الولائي سليمان بلة علي، يذكر ان اول مدرسة بنات شيدت بمنطقة طيبة كانت العام 1980 وتضم منطقة طيبة التي شهدت الاحتفال صباح امس « 1000» تلميذ وتلميذة ويعمل بها في التدريس «11» معلماً منهم «5» للبنين و«5» للبنات، وتعاني من شح المياه ومراكز العلاج وهي منطقة تداخل بين محليات بارا وام روابة وأم دم حاج احمد وتحادد ولاية النيل الابيض، حيث تشهد احتكاكات قبلية سنوياً بين ولايتي شمال كردفان والنيل الابيض بسبب المراعي والزراعة، وبها اكبر الاسواق الريفية حيث كان ضاجاً امس الخميس باللواري والشاحنات اذ يعتبر يوم الخميس هو يوم السوق الاسبوعي للمنطقة، ولكن ليس بها مركز شرطة لحماية الامن والاموال، اول المتحدثين كان ممثل المنطقة احمد منصور الذي قطع بان كل عائدات الانتاج بالمنطقة تهدر في رحلة البحث عن الماء والأمن، مشيراً بان الشفخانة الوحيدة تأسست العام 1966، واول مدرسة تأسست بمنطقة ابوعوة كانت العام 1984م واول مدرسة مختلطة تم تشييدها بمنطقة «بعشوم» التي تم تغيير اسمها الى طيبة تأسست في العام 1951 لكنها فقيرة، اما امير عموم الجوامعة الدكتور هارون الطيب هارون فقال ان افتتاح هذه المدرسة بهذه المنطقة النائية يدحض ويؤكد ان مشروعات النهضة لم تحصر في الابيض، وانما انداحت على الريف وعدد هموم ومشاكل المنطقة وفقرها للخدمات الصحية والتعليمية والأمن، وشدد على ضرورة تنفيذ ترسيم الحدود بين النيل الابيض وشمال كردفان، وطلب من المركز اذا اراد مكافأة اهل الولاية عليه بالابقاء على «احمد هارون» والياً في الانتخابات المقبلة، وقد وافقه في كلمته نائب الدائرة بمجلس الولاية فتح الرحمن جرجور الذي قال بسبب المشاكل والنزاعات المتكررة بمنطقة الباجة وعدم حسمها بقرار واضح، كل ثروة الولاية تم ترحيلها وتهجيرها الى جبرة الشيخ مطالباً بقرار يحدد مساحات الرعي والزراعة للحد من الاحتكاكات، اما معتمد محلية ام روابة مبارك شمو فقد امتدح جهود اهل المنطقة في نفير النهضة معرباً عن فرحهم بافتتاح صرح من منشآت النهضة، وزير التربية والتعليم بالولاية اسماعيل مكي قال ان المدرسة التي تم افتتاحها ضمن «24» مدرسة اخرى يكتمل العمل فيها بنهاية ديسمبر المقبل والتزم بتوفير الكتاب وتحسين البيئة المدرسية، كما وعد بسد النقص في الكوادر التعليمية بالولاية، مولانا احمد هارون قال ان اهل الولاية مستبشرين بافتتاح اول مدرسة من مشروع النهضة وقال «الحمد لله دي واحدة دربها طلع وهي تمثل الابن البكر لأهل المنطقة» واعداً بمواصلة الجهد في إكمال بقية المشروعات بجهود الحكومة ونفير الأهالي وعلماء وخبراء الولاية، الذين تباهى بهم هارون وقال« لدينا علماء وخبراء يسدوا عين الشمس» ووجه مولانا المقاول الذي انهى العمل بالمدرسة، بمواصلة جهده لتحويل المركز الصحي الى مستشفى ريفي بالمنطقة مشيراً بان شمال كردفان قامت بتحديد مشاكلها ونقاط ضعفها وقوتها من خلال أبنائها الذين جلسوا وبحثوا وحددوا الأولويات في التنمية والخدمات، مبيناً ان الحل في وحدة الصف والاتفاق حول الولاية بلا قبلية او جهوية، واثنى هارون على جهود الحكومة المركزية والتزام الرئيس بوعده، لافتاً الى بداية الحصاد من طيبة، وحث اهل الولاية بتحمل المسؤولية معاً وان الهم عام وليس مسؤولية الحكومة والوالي وحده. نائب الدائرة وزير الاعلام الدكتور احمد بلال قال ان اهل كردفان متميزون على غيرهم بانهم صبروا ولم يحملوا السلاح مثلما فعل البعض، وجرحوا الوطن موضحاً ان القيادة في المركز اهتمت بمكافأة اهل كردفان بالتنمية وبسط الخدمات وقطع بانهم ان يتخاذلوا عن إسناد النهضة، وقد سلمت جماهير المنطقة الوالي وثيقة عهد لدعم مسيرة التنمية والاستقرار والأمن بالولاية. احترام الزمن .. أولى الخطوات نحو النجاح كان اللافت في رحلة الأربع ساعات والململح الأبرز هو التزام مولانا بالزمن حيث حدد بان الحضور 15 : 6 والإقلاع 30 : 6 ص وقد كان فلم نتجاوز التوقيت الذي حدد للمغادرة والبرنامج ثم العودة والمقررة الساعة 12 ظهراً .. حيث علق الجميع على دقة الرجل في الزمن وعدم المجاملة فيه، سيما انه مرتبط بلقاءات اخرى مع مسؤولين بالدولة وبتواقيت محددة، وبعد العودة علق مولانا بلغة الجيش قائلاً « حمداً لله على السلامة خطوة قصيرة ونشيطة». ومن تجربة شمال كردفان ثبت ان أحد أسباب العجز المتنامي في بسط الخدمات، هو أن غالبية الشعب والمسؤولين يرى الخط والنشاط الروتيني هو الذي يقدم التنمية، ولكن ثبت ان التجريب والحراك المستمر في إشراك صاحب الحاجة فى قضاء حاجته واثبات الجدية بالعمل، تأتي بالنتائج الإيجابية، والآن هناك نوعية في التفكير الإيجابي لإنسان شمال كردفان في تطوير منتجاته والسلع الأولية من الثروة الحيوانية والخام الزراعية، وغيره من المعادن والذهب التي تمتلك شمال كردفان منها قيمة مضافة وميزة نسبية، ولا زال الكثيرون يرون من تجربة شمال كردفان من قبيل الاستغراب بطبيعة الحال، ولكن التجربة كل يوم تثبت نجاحها عملياً، الى جانب رؤية الولاية لتشجيع الاستثمار ونهضة قطاع الصناعة، وهذا الجزء يحتاج من حكومة الولاية ان تقوم بإزالة حواجزها فالارتياب حيال الخدمة المدنية الكسولة والبيروقراطية في التعامل مع المستثمرين، أدى إلى تعقيدات كبيرة في الاستثمار بالبلاد عموماً وشمال كردفان ليس استثناءً.