الأخ الأستاذ المذيع الموثق عمر الجزلي يحمد له أنه وثق لعدد كبير من الشخصيات السودانية التي كان لها تأثير بالغ في تاريخ الأمة السودانية، وقد استطاع أن يمد المكتبة المرئية بمراجع تعد شهود على عصر زمانها. في أيام العيد استمعت له وهو يقدم حلقة عن الفنان الراحل عثمان حسين رحمه الله برفقة نفر كرام مع ابن الفنان صلاح عثمان حسين الذي كشف كثيراً من المعلومات التي تعد إضاءة في مسيرة الفنان العظيم. ولكن استوقفني أمر عجيب لم أجد له تفسيراً، فقد تناول الأستاذ عمر الجزلي أغنية «محراب النيل» التي كتب كلماتها الشاعر المرحوم التيجاني يوسف بشير. وذكر أنه في تلك الفترة لحن الفنان محمد عبد الوهاب ووضع موسيقى «النهر الخالد»، وتساءل الناس من الصفوة السودانية: لماذا لا تكون لنا أغنية للنيل، وتصدى عثمان حسين لذلك العمل فكان أن بذل جهداً خلاقاً لتلحين أغنية «محراب النيل» التي اكتملت كإحدى العلامات الفارقة في معمار الغناء السوداني. وتحدث نجل الفنان الراحل صلاح عثمان حسين عن القسوة التي واجهها عثمان حسين من النقاد الذين لم يستحسنوا تلك الأغنية، بل ذهب بعضهم إلى القول: «إن التيجاني يوسف بشير يتململ في قبره بما فعله عثمان حسين في قصيدته» ولكنه قال إن الأستاذ الراحل حسن نجيلة أنصف الفنان عثمان حسين ومن ثم مجتمع أساتذة وطلاب جامعة الخرطوم، وبعد ذلك الحفاوة البالغة التي قوبل بها ذلك العمل في مصر وما إلى ذلك من تقريظ واحتفاء. الشيء العجيب وغريب وكجيب «هذا مصطلح جديد اخترعناه ليعني عجيب وغريب وكئيب لذا لزم التنويه» هو أنني كنت متابعاً تلك المعلومات بكل حواسي ولا بد أن كل المستمعين الذين تابعوا تلك الحلقة كانوا يتوقعون أن يقدم الأستاذ عمر الجزلي جزءاً من أغنية «النهر الخالد» لمحمد عبد الوهاب ثم يقدم أغنية «محراب النيل» لعثمان حسين، لكن الأستاذ عمر الجزلي فاجأنا قائلا: نسمع «ذكرتني». فما علاقة ذكرتني بما سبقها من حديث شائق. وليه يا الجزلي تعمل كدا؟ Anticlimax من العيار الثقيل .. وحاجة كجيبة. الثانية: تشكيلة الثياب السودانية التي شاهدتها في فترات متقطعة في عطلة العيد التي ظهرت لنا من خلال نساء وفتيات السودان على جميع القنوات الفضائية السودانية، لو أننا ربطناها بالتتالي لأنتجت ثوباً واحداً أوله في دبي وآخره في قناة النيل الأزرق كنقطة تجمع. فلماذا البكاء والنواح والناس يقولوا علينا إيه من أننا مفلسون وإن الغلاء يطحننا في الصباح والمساء وفي ساعات العمل الرسمية؟ ولماذا لا يتسلق الدولار ويتشعبط ويشمخ عالياً على رأس تلك الكيلومترات من تشكيلة الثوب السوداني؟ الله يجازي مذيعات الفضائيات اللائي أشعلن النيران في نساء السودان فأنتجن أضخم ماراثون للثياب السودانية. الثالثة: برنامج «أفراح أفراح» التلفزيوني امتد أثره لجميع قرى ومدن السودان، ففي أصغر قرية تبدأ مراسم العرس بحجز حوش يحضر له مولد كهربائي لزوم الساوند سيستم والتصوير وزفة العروس، ومن المهم أن تبعث العروس لكوافير محلي يقوم بوضع المساحيق ويغير اللون إلى لون أبيض فاقع، وتظهر البنت في الصورة بيضاء فاقع لونها وبجانبها أمها وخالاتها وعماتها وأبوها وأعمامها وأخوالها وبنات الأخت وبنات الأخ وكلهم يتمتعون ببشرة داكنة لو خاننا التعبير لقلنا إنها خضراء. وفي حساب الجينات وعلم الوراثة يبدو التزييف الجيني واضحاً وقد تم ارتكابه عند قطية الكوافير المحلية. فكيف زحفت عادات المدينة التلفزيونية ولوثت نقاء القرى والحضر؟ الرابعة: قناة الشروق يجب أن تعيد تشكيل شعارها الذي يقول: الشروق «شمسا» السودان التي لا تغيب إلى : الشروق «شمسو» السودان التي لا تغيب إلا إذا أردنا أن نعمم الجهل مثلما عممناه من قبل في ملصق الحافلات «تحزير- وقوف متكرر» خلي بالك من «تحزير» أو «صالة المغادرون» بمطار الخرطوم.. وخلي بالك من «المغادرون» أو جميع الموظفون مشغولون.. وخلي بالك من «مشغولون» في الرسالة المسجلة في شركات الاتصالات.. أو غد غامت الصلاة ... غد غامت الصلاة. وقس على ذلك أشباهه. الخامسة والسادسة والسابعة ستأتي تباعاً.