حمى الانتخابات القادمة التي ضُرب لها موعد في شهر ابريل من العام 2015م، بدأت إرهاصاتها منذ الآن، وذلك في أضابير الحزب الحاكم «المؤتمر الوطني» الذي قاد حملات واسعة في عملية البناء القاعدي وعقد المؤتمرات العامة لتحديد المرشحين لمناصب الولاة ومن ثم المناصب الاخرى، بينما مازالت الأحزاب الاخرى في سبات عميق، وربما ارتضت لنفسها أن تلعب دور الكومبارس فقط عندما يحين وقت الانتخابات ولإعطاء الانتخابات شرعيتها كما حدث في انتخابات عام «2010م» عندما خاض الحزب الحاكم الانتخابات في جميع مستوياتها ضد قوائم في معظمها مستقلة، مما جعل الكثير من المراقبين يشيرون بأصابع الاتهام إلى الأحزاب الاخرى بأنها أبرمت صفقة مع الحزب الحاكم جعلها تبتعد من ممارسة حقها الدستوري وإسعاد جماهيرها التي انتظرت مثل هكذا فرصة، إلا أنها صُدمت في القيادات التاريخية لهذه الأحزاب التي ما فتئت تتهم الحكومة بتزوير الانتخابات وهي لم تبدأ بعد. وإذا كانت الأحزاب الأخرى تعاني من تصدعات في جدرانها المتهالكة فإنه كاذب من يقول إن «حزب المؤتمر الوطني» يعاني من تلك التصدعات، فقد ضربت الحزب موجة من الخلافات، فلم يكن انشقاق عراب الحزب حسن الترابي كافياً للاستفادة من الدرس فجاء د. غازي ومجموعته ليكونوا حزب الإصلاح الآن، بينما يعاني الحزب داخلياً من تيارات متصارعة في معظمها للإطماع الشخصية وبسبب الإبعاد من المناصب القيادية، ولقد أظهرت انتخابات عام 2010م هذه الفرضية عندما أصرت قيادات من الحزب أن تخوض الانتخابات «مستقلة»، وقد فشلت معظمها في تحقيق رغبتها، كما أن المؤتمرات القاعدية أثبتت عكس ما يروجه قادة الحزب من أن المؤتمرات كانت ناجحة وان الحضور فيها كان بنسبة كبيرة، غير أن الواقع يقول إن الحضور كان فاتراً مما جعل الحزب يختلق برامج من أجل الحضور الجماهيري والقاعدي، مثل تنظيم كرنفالات التكريم للطلاب والمتفوقين، ومن ثم إقحام الجلسات الإجرائية للمؤتمرات القاعدية وسط هذه «الفبركة». وبالولاية الشمالية فقد جرت رياح المؤتمر العام على غير ما تشتهي سفن قيادة الحزب بالولاية عندما تفوق الوالي الأسبق «ميرغني صالح» المبعد من حكم الولاية في عام «2008م»، بعد تصديه لقرار إدارة السدود بشأن ضم أراضي الولاية الشمالية لادارة السدود، وقد تفوق الوالي الأسبق على الوالي الحالي الدكتور إبراهيم الخضر بحوالى «17» صوتاً عندما أحرز «209» أصوات فيما أحرز الوالي الحالي «192» صوتاً، يليه معتمد دنقلا الأسبق بشرى محمد صالح ب«142» صوتا، ثم معتمد القولد السابق سيد عوض سيد ب «109» أصوات، ثم معتمد دلقو الأسبق شيخ الدين مختار ب «91» صوتاً.. وقد أعاد المؤتمر العام بالشمالية للواجهة من جديد التيارات المتصارعة في حزب المؤتمر الوطني الذي بدأت بذرتها بتنصيب الوالي الأسبق «عادل عوض سلمان» الذي جاء خلفاً لميرغني صالح، حيث أطاح بطاقم الحكم بالولاية بعد توليه إدارة دفة الولاية فتفرقت الولاية علي جناحين جناح يتبع لعادل والآخر لميرغني، ثم شهدت الولاية في عهد عادل عوض تدهوراً مريعاً في الخدمات وانخفاضاً ملحوظاً في تقدم برامج التنمية، وتراجعاً مخيفاً في أداء الخدمة المدنية العامة. وقد أظهر المؤتمر العام بالشمالية حقائق كبيرة كانت خافية على ادارة الحزب بالولاية، من ضمنها أن الحزب لم يكن على قلب رجل واحد كما توهمت القيادة، ثم وضحت بجلاء هشاشة المؤتمرات القاعدية وضعفها، بالإضافة إلى استناد الوالي الأسبق ميرغني صالح على قاعدة جماهيرية وحزبية كبيرة مكنته من التفوق على الوالي الحالي بفارق لم يكن ضئيلاً. ويشير مراقبون إلى أن حزب المؤتمر الوطني بالشمالية يخدمه فقط عدم وجود أحزاب حقيقية تمارس حقها الدستوري ليصبح الحزب «ينافس نفسه»، وإلا لكان حظه ضعيفاً في الفوز بالمناصب في الانتخابات المقبلة بسبب ما يعانيه من خلافات أضرت بمسيره الحزب.. فيما يؤكد احد قيادات الحزب بالولاية والذي فضل حجب اسمه في حديثه ل «الإنتباهة» أن المؤتمر العام بالولاية اظهر شعبية ميرغني صالح وسط قيادات الحزب، مما جعله يتفوق على الوالي الحالي، مشيراً إلى أن الشمالية هي الولاية الثانية التي لم يحرز الوالي فيها اعلى الأصوات بعد ولاية نهر النيل. عموما أُسدل الستار على المؤتمر العام بالولاية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل حدثت حالات إغماء وسط القيادات النسائية بالحزب بعد إعلان نتيجة الفرز بتقدم ميرغي صالح على الوالي الحالي؟؟وهل كانت هناك ضغوطات على المقترعين لإعطاء شخص معين في التصويت؟؟ولماذا ينقسم الحزب على تيارات مختلفة طالما أن لحمة الحزب واحدة؟!