إذا كان الترابي يرى أو يريد أن يُري الناس أو بعضهم، أن الحكومة قد أغلقت المراكز الشيعية في السودان لأنها تريد مقابل محاربة الفكر الشيعي في البلاد الحصول على معينات من دول الخليج «العربي»، فإن السؤال «الجدلي» الذي نوجهه للترابي هنا هو: هل تختلف الحكومة السودانية مع حكومات دول الخليج «العربي» في ضرورة محاربة الفكر الشيعي الذي يتناقض مع الكتاب والسنة؟! وهل يتفق الترابي نفسه كمسلم مؤمن بالكتاب والسنة مع الفكر الشيعي الفارسي الذي جاء قبل قرون كرد فعل لتداعيات معركة القادسية على أمجاد الفرس؟! إن الترابي في استطلاع أجرته معه قناة «العالم» الإيرانية التي تدعم نظام السفاح المجرم بشار الأسد، قد وافقت تصريحاته خط القناة السياسي، وكأنه السيستاني أو أحد القيادات الحوثية، وبالطبع مثل هذا التفسير الذي قدمه لقرار خطوة الحكومة السودانية سيقلل كثيراً من أسهمه على الصعيد الإقليمي باعتبار أنه مصنف من «المليار ونصف المليار نسمة» وهم طبعاً السنيون، وليس مصنفاً مع الأقل من مائة مليون الذين هم أتباع العقائد الفارسية الشيعية من الفرس وبعض العرب والباكستانيين. ولو كان الترابي عميقاً لأشار في تفسيره لقرار الحكومة اإلى «الڤيديو» الذي تداولته بعض مواقع التواصل الاجتماعي، وفيه أحد الإيرانيين الناشطين يشتم ويلعن الرئيس عمر البشير المنتمي إلى «المليار ونصف المليار» ويلعن أيضاً من سمى عليه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلّم. يلعن عمر الفاروق الذي قال عنه الرسول صلي الله عليه وسلم إنه أول من يحمل كتابه بيمينه يوم القيامة. وقال عنه «لو سلك عمر فجاً لسلك الشيطان طريقاً آخر». وحينما هم الرسول بطلاق أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب نزل جبريل على الرسول صلى الله عليه وسلم يخبره بأن الله عز وجل أمره بأن يراجع حفصة رحمة بأبيها عمر. إن مشكلة سيدنا عمر عند الفرس هي أن معركة القادسية وفتح بلاد فارس كانت في عهده الذهبي، لكن هذا الفتح العمري كان قد أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم. ومن قبله جاء الوحي من السماء للرسول صلى الله عليه وسلم وكأنه يخبر بالتمهيد لمعركة القادسية، فيقول الله سبحانه وتعالى: «ألم. غلبت الروم. في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيُغلبون. في بضع سنين، لله الأمر من قبل ومن بعد، ويومئذ يفرح المؤمنون، بنصر الله، ينصر من يشاء، وهو العزيز الرحيم. وعد الله لا يخلف الله وعده، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون». صدق الله العظيم. آيات عظيمة تشير في مرحلة استباقية بفتح بلاد فارس والمدائن. وكان الثلاثة الكبار لهذا الفتح هم سيدنا عمر أمير المؤمنين والقائد الأعلى لجيوش المسلمين وسيدنا أبوعبيدة بن الجراح القائد العام للجيوش «رئيس هيئة الأركان» بالمصطلح العصري، وسيدنا سعد بن أبي وقاص والي البلاد المفتوحة حينها. إن هؤلاء الثلاثة الكبار هم أكبر أعداء الفرس باستثناء أهل السنة منهم طبعاً. وعلى رأسهم سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه وأرضاه. إن الترابي يحتاج لقراءة التاريخ جيداً، حتى يستطيع تفسير قرارات إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية بعمق. إن الغيرة على الدين لدى دول الخليج «العربي» هي نفسها لدى الحكومة السودانية، ولا يستقيم ألا يغير رئيس الحكومة الإسلامية في السودان عن الدين ورجاله الأوائل.