خيَّب الهلال آمال جماهيره وخذلها خذلاناً مبيناً وجعلها تنام حزينة ومحبطة ومكسورة الخاطر بخسارته أمام المريخ بثلاثة أهداف مقابل هدف ليفوز الأحمر ببطولة كأس السودان للعام الثالث على التوالي، بعد مباراة أهدى فيها نجوم الهلال البطولة للمريخ بأخطاء دفاعية قاتلة أكدت ان قدرات اللاعبين الدفاعية تحت الصفر من ناحية التنظيم والتمركز وقراءة اتجاهات الكرة وحركة اللاعبين داخل المنطقة، فالهدف الأول للمريخ نتج عن خطأ مشترك لسيسيه ومالك وحارس الهلال المعز الذي لو كان متابعاً بدقة وتحرك بسرعة لأبعد الكرة من أمام ضفر، ولما استطاع رغم تسلله أن يحرز هذا الهدف الذي أعاد شيئاً من الروح للمريخ الذي كان أقصى ما يطمح فيه هو انتهاء المباراة بالتعادل والاحتكام لضربات الجزاء على أمل الفوز بالبطولة بقدرات الحارس العظيم جمال سالم.. والهدف الثاني أحرزه المصري أيمن سعيد من ضربة جزاء تسبب فيها سيدي بيه بتحويل مجرى الكرة بيده دون أي داعٍ لذلك، لترتد الكرة من المعز ويلعبها أيمن للمرة الثانية بعد أن فشل الحارس في النهوض لأبعادها، ولم يتحرك نجوم الهلال لمضايقة أيمن ومنعه من إعادة الكرة للشباك، أما الهدف الثالث الذي احرزه راجي من ضربة حرة غير مباشرة مررها له ايمن سعيد، فقد كان فضيحة لا تليق بفريق في قامة ومكانة وتاريخ الهلال، حيث شكل أكثر من ثمانية لاعبين ساتراً داخل المنطقة وتركوا راجي دون تغطية في مخالفة لا يمكن ان تلعب في المرمى مباشرة، ولا بد من تمريرها لزميل أو اصطدامها بجسم أحد اللاعبين، ليكون هذا الهدف قاصمة الظهر وآخر هدايا الهلال للمريخ ليفوز ببطولة كانت بالنسبة له أبعد من زحل لفارق المستويات والقدرات في الأسابيع الأربعة الأخيرة للممتاز!! وإذا عدنا لمجريات المباراة بتحليل منطقي نجد أن الهلال قد سيطر على مجرياتها في الشوط الأول من خلال تكثيفه لمنطقة الوسط ولكن دون تشكيل خطورة حقيقية ما عدا عكسية فداسي التي أحرز عن طريقها بكري المدينة الهدف الأول وفرصة الشغيل المنفرد، وغير ذلك لم تكن هناك فعالية للهجوم بخلق الفرص بالتمريرات البينية واستغلال المساحات وسط المدافعين للاستفادة من سرعة بكري الذي لم يفعل شيئاً سوى الهدف الذي أحرزه من ضربة رأسية ثم تاه بعد ذلك، وهو الذي اعتمد عليه الهلال في الفوز بالبطولة. واعتقد انه لو كانت هناك جدية في الأداء وضغط هجومي متواصل وزيادة لعدد اللاعبين في المنطقة الأمامية لحسم الهلال المباراة بعدد كبير من الأهداف في الشوط الأول في ظل تراجع المريخ المتواصل داخل منطقته والثغرات الكبيرة في دفاعه التي كان من الممكن ضربه عن طريقها بالاختراقات المباشرة والخد وهات وتسقيط الكرات خلف المدافعين. لقد حذرنا لاعبي الهلال في المقال الذي نشر في هذه الزاوية صباح يوم المباراة من الثقة المفرطة والاطمئنان لنتيجة المباراة، وقلنا بالحرف ان احترام الخصم واللعب بجدية والتحلي بروح الاصرار والحماس هو الطريق لهزيمة المريخ والفوز بالبطولة، ولكن يبدو أننا كنا نؤذن في مالطا، حيث دخل اللاعبون المباراة وهم في منتهى الغرور والاطمئنان للدرجة التي أعطوا فيها الجماهير داخل وخارج الاستاد الإحساس بأنهم يلعبون مباراة ودية أو تقسيمة داخلية يستعرضون فيها مهاراتهم في الاستلام والتمرير والمراوغة، وليست مباراة نهائية يفترض أن يقاتلوا فيها بقوة وشراسة لانتزاع البطولة من المريخ عنوة واقتداراً، ولكنهم مع الأسف خذلوا الجماهير في الشوط الثاني بسلبيتهم واستهتارهم وعدم اعطائهم أية اشارات تؤكد استعدادهم لتقديم كل ما عندهم من أجل بطولة كان الأنصار يعتقدون انها أقرب لهم من حبل الوريد!! ويتحمل الجهاز الفني قدراً كبيراً من مسؤولية الهزيمة أمام المريخ وضياع فرصة الفوز بالبطولة بالتشكيلة الخاطئة التي ضمت مالك في وجود أتير توماس، والذي كان ثغرة كبيرة استغلها المريخ في تحقيق هذا الفوز، كما أبعد من التشكيلة المهاجم الشاب محمد عبد الرحمن الممتلئ رغبةً وحماساً في خلق اسمه وبناء شهرته من اللعب منذ بداية المباراة، اضافة لعدم إشراك بشة ومهند في مكان نزار وسيدي بيه العائدين من الاصابة واللذين افتقدا الفريق سرعة الايقاع وفعالية الهجوم بالبطء في التصرف والاحتفاظ بالكرة كثيراً، وحتى في شوط المدربين لم يحسن فوزي قراءة الملعب وتأخر كثيراً في إجراء التغييرات لتحسين الأداء وتغيير النتيجة، ليخرج الهلال مهزوماً بأخطاء جهازه الفني ولاعبيه!! وبعيداً عن المجاملة والعواطف فإن الحقيقة الكبرى التي أكدتها الخسارة أمام المريخ أن محترفي الهلال سيدي بيه وسيسيه ونيلسون وسيمبو يجب أن يغادروا الكشوفات في الشهر القادم، لأنه ليس بينهم اللاعب الذي يغير النتيجة ويصنع الفارق بقدراته الكبيرة ومهاراته العالية في الدفاع والوسط، ولم يتمكنوا من اضافة أي شيء للهلال أو يحققوا له إنجازاً، بل خرج الفريق في وجودهم من كل بطولات العام الماضي، وفقد فرصة التأهل لدور الأربعة، وتجرع مرارة الهزيمة أمام المريخ لضعف مستواهم وسوء أدائهم، أما بالنسبة للنجوم المحليين فيجب إبعاد اي لاعب فقد القدرة على العطاء ولم يعد لديه ما يقدمه، لأن التغيير سنة الحياة، ومصلحة النادي ينبغي أن تكون فوق كل اعتبار بعيداً عن الصداقات والشلليات والأمزجة الخاصة التي أوصلت الهلال لهذه المرحلة من تراجع المستوى وفقدان الروح!! حكم المباراة الفاتح وديدي أدار المباراة بكفاءة عالية، وكان يقظاً ومتابعاً وحاسماً في قراراته وخاصة ضربتي الجزاء الصحيحتين.. وحتى لا نظلم هذا الحكم الذي أدار المباراة بشجاعة وطبق القانون بعدالة فإنه لا يُسأل عن حالة التسلل التي نتج عنها هدف التعادل المريخي التي يتحمل مسؤوليتها رجل الخط الذي أخذ الحالة وأصر على صحتها!! الهلال لم يحترم المريخ فخسر المباراة والبطولة.. والمريخ الذي احترم الهلال ولعب برجولة وجدية كسب الجولة وفاز بالكأس. افتقد الهلال القيادة داخل الملعب، وهو الدور الذي كان يقوم به هيثم مصطفى بوصفه كابتناً وموجهاً في معالجة كل الأخطاء أولاً بأول، ليقود الهلال لكل الانتصارات والبطولات خلال السبعة عشر عاماً الماضية، وتأكيداً لأهمية القيادة ودورها في تحقيق الإنجازات قال البروفيسور عبد الله الطيب «أسد قايدلو مية نعامة قتلوا نعامة قايدالها مية أسد»!