فاجعة مؤلمة أصابت أسرة الطفل محمد المنتصر الذي كان يلهو ويلعب داخل روضة البارون حين قاده القدر إلى مكان موتور موصل به كهرباء تسربت إلى جسده الغض أودت بحياته في الحال. الحادث أثار في الرأي العام مكامن الألم والغضب إلا أن إدارة الروضة نفت مسؤوليتها عن الحادث وأنكرت إرجاع الوفاة بسبب الصعقة الكهربائية. وصاحب الحادثة كثير من التساؤلات التي تحتاج إلى إجابات صريحة من قبل الجهات المسؤولة، وذلك كيف يسمح لمؤسسة تعليمية مثل روضة الأطفال يموت في داخلها طفل صغير، حتى وإن كان قدرياً، أن تواصل عملها وكأن شيئاً لم يكن والتحقيق في الحادث ما زال جارياً؟ تفاصيل الحادث لقي الطفل محمد المنتصر مصرعه إثر صعقة كهربائية خرجت من «موتور مياه» داخل روضة البارون بحي الرياضالخرطوم، وقال مصدر ل«الإنتباهة» إن الموتور كانت حوله مياه في المكان الذي يلعب فيه الأطفال ولم يكن هنالك من يراقب الأطفال فضلاً على أن الموتور لم يكن مسوراً بشبك حديدي رغم وجود الأطفال بالقرب منه، وأضاف أن معلمات الروضة حاولن إنقاذه إلا أن الطفل أصيب بحالة غثيان وتوفي بعدها، وأخبرن المدير الذي هرع به إلى مستشفى جرش إلا أن تقرير الطبيب أفاد أن الطفل توفي قبل حضوره للمستشفى نتيجة لسريان الكهرباء من أخمص قدميه حتى خرجت آثار الكهرباء من أصابع يديه. الإدارة تنفي مسؤوليتها ونفت إدارة الروضة إرجاع الحادث إلى إصابته داخل الروضة، وأفادوا أن الطفل جاء إلى الروضة وهو مريض ويشعر بالغثيان، بعدها قامت أسرة الطفل بنقل الجثمان ل«مشرحة»بشائر. وجاء تقرير الطبيب أن الكهرباء كان مدخلها من الأرجل، وفي ذاك الوقت اتهمت مصادر إدارة الروضة بقطع سلك الموتور بعد الحادث باعتباره معطلاً منذ وقت طويل، علماً أن والدة الطفل كانت في زيارته قبل يوم من الحادث وعرفت أن الموتور يعمل. هذا بجانب أن شقيقته تدرس في ذات الرياض لكنهم لم يحملوها إلى المنزل ومن ثم يخبروا ذوي الطفل بالحادث الذي وقع لابنهم «بل قالت إحدى المدربات نحن لا نعرف عنوان منزلهم فإدارة الترحيل هي المسؤولة». تضارب وغموض وما زالت إدارة الروضة متمثلة في مديرها تنفي أمام والد الطفل وأمام أهله والأطباء والشرطة وأمام جثمان الطفل الصغير الممدد وسطهم داخل المستشفى صلتهم بالحادث، وتكتفي بقولها إن الطفل جاء من منزله مصاباً، كما لم يحضروا إلى المنزل ساعة الحادثة، بل كانوا ينتظرون زمن انتهاء اليوم الدراسي بالروضة ليذهب كل واحد فيهم إلى بيته. وتوقع المصدر من أسرة الطفل التحرك والشروع في فتح بلاغ جنائي في مواجهة إدارة الروضة. اكتمال التحقيق وتحفظت مدير التعليم قبل المدرسي إلهام عثمان عن الإدلاء بإفادات حتى لا يغير سير القضية وتأخذ جوانب سلبية، واكتفت خلال حديثها ل«الإنتباهة» بالتأكيد على اكتمال التحقيق في مواجهة إدارة الروضة، وقالت إنها تشرع لرفع التحقيق إلى الوزارة للفصل فيه ثم التصديق عليه من قبل المحلية، والتزمت بالوقوف على هذه القضية حتى إيقاع العقوبة الرادعة. وقالت إنها تتعامل مع الحادثة بإنسانية قبل المسؤولية لذا لا بد من إظهار الحقيقة، وقالت إنه في الوقت المناسب ستملك الإعلام كل مجريات التحقيق والقرار الوزاري في مواجهة إدارة الروضة، لافتة إلى أنه في الوقت الراهن من مصلحة الوزارة مزاولة إدارة الروضة عملها بشكل طبيعي حتى نتمكن من إتمام مجريات التحقيق وحصر المعلمات والإدارة لأخذ أقوالهم. تدوين بلاغ وأكد عم الطفل مدثر أنور ل«الإنتباهة» اتخاذ إجراءات قانونية ضد إدارة روضة البارون، مشيراً إلى أن الملف على طاولة النيابة ليتم تقييم البلاغ وخطوات التحري فيه، وأضاف أنه تم تدوين البلاغ تحت المادة «51» إجراءات الوفاة في ظروف غامضة، مؤكداً أن النيابة تتحرى في القضية وتجمع البينات تمهيداً لإحالة الملف إلى محكمة الطفل وتوجيه الاتهام تحت طائلة قانون الطفل لعام 2010م الذي اتسم بالصرامة والعقوبات الرادعة في حق كل معتدٍ على الأطفال. وقال إنه حتى اللحظة تم اكتمال التحري القانوني مع مدير الروضة والعاملين وليس أمامنا سوى الانتظار خاصة وأن الملف تحت يد النيابة ويتضمن «التقرير الطبي وإفادات المشرحة وأورنيك «8» الجنائي إضافة إلى محضر التحريات». ولام مدثر إدارة التعليم قبل المدرسي على ضعف الرقابة على الرياض، والقصور الملاحظ في عدم تأهيل المشرفات بالروضة، وشدد على ضرورة أن تكون هناك متابعة لصيقة بين الوزارة والرياض لما تحمله من مسؤولية كبيرة تجاه الأطفال، موضحاً أن حيثيات الحادث وحقيقتها واضحة أمام أعيننا والأجهزة المختصة، فإدارة الروضة تبدي إهمالاً غير مقبول، علماً بأن الروضة بها ما لا يقل عن «150» طفلاً وطفله، ومع هذا كل ما أفادت به إدارة الروضة يشوبه الغموض وعدم المصداقية، وما حدث لمحمد يمكن أن يحدث لأي طفل آخر ما يجعلنا نقدم رسالة لكل إدارة الرياض بالسودان بوضع أهمية السلامة في أولوياتها لتجنب الحوادث والكوارث المؤلمة. شبهة جنائية بينما كشف أحد أقرباء الطفل المهندس مبارك نقد تفاصيل زيارته للروضة عقب الحادث، وقال لا يوجد بالروضة أي نوع من أنواع سلامة الأطفال ولا تهتم الإدارة بتوفيرها ذلك نسبة أن موتور الكهربا يبعد أقل من المتر ونصف من قفص للعصافير يلتف حوله الصغار إضافة إلى أنه خالٍ من الحماية، في الوقت الذي يفترض أن يكون موضوعاً داخل صندوق خشبي يحميه من المياه ويحمي الأطفال من صواعق الكهرباء. وأضاف أنه عقب الحادث قامت إدارة المدرسة بقطع السلك الموصل للكهرباء مع الموتور الأمر الذي يمكن أن نصنفه أن هناك شبهة جنائية في الحادثة بمحاولتهم إخفاء الأدلة. اجراءات قانونية وبصوت مكلوم ودمعات حارقة محبوسة في صدر والدة الطفل المتوفي شمس طرفي تحدثت ل«الإنتباهة» قائلة إني احتسبت محمد عند الله تعالى، وأسلم وآمن بالقضاء والقدر الذي كتب لي فراق طفلي، وأضافت إنني حتى لو عفيت حقنا الخاص حول القضية فهناك حق عام وقانوني لا بد أن يؤخذ، وأعربت عن أملها في إظهار الحقيقة، مشيرة إلى تحريك إجراءات قانونية تمت في شرطة حماية الأسرة والطفل تتابع من قبل أحد أقربائهم. اظهار الحقيقة بدأت خالة الطفل المتوفي حديثها ل«الإنتباهة» بأن مصيبة كبرى أصابت الأسرة، وفاجعة مأساوية تمر بهم. وقالت إن الإيمان بالقدر هو الذي يصبرهم، لكن إهمال إدارة الروضة والتنصل من المسؤولية زاد عمق الجرح ما جعل الأسرة تصر على محاولتهم إظهار الحقيقة إلى النهاية.