هناك حكاية طريفة تحكي عن أحدهم حينما يموت أحد الناس، يقولون له: مات فلان، يسألهم قائلاً: السبب شنو يقولون له: انقلبت عربة في الطريق، ويسخر قائلاً: البوديهو يركب العربة شنو، ثم يقولون: مات فلان غرقاً في البحر، يقول لهم: البوديهو البحر شنو يضيع نفسه، ثم يقولون: مات فلان، ويسألهم عن سبب الموت، يقولون: مات في حفلة عرس ضربته طلقة طائشة، يقول لهم: البوديهو مكان العرس شنو ضيع نفسه. وهكذا وذات مرة جاء أحدهم قائلاً: مات فلان قال له: السبب شنو قال له: بس مات واقف طولوا، قال: هذا هو المحيرني يموت بدون سبب. سيداتي سادتي: نحن نسمع في الإعلام ونطالع في الصحف انقلبت عربة في حادث تصادم أو ضرب لها تنك وهو حادث مؤلم وراح ضحيته عشرات من الناس هكذا حوادث متكررة في طريق مدني الذي أسموه قديماً شارع الموت ثم حادث حركة في طريق التحدي وراح ضحيته كذا وكذا وفي طريق بورتسودان وطريق الأبيض أحداث متكررة يومياً وأحزان كثيرة وفقد أنفس (إنا لله وإنا إليه راجعون). هذه الشوارع المسفلتة التي ربطت البلاد بعضها بعضاً كان لا بد أن نحمد اللَّه سبحانه وتعالى (الذي سخرها لنا وما كنا مقرنين) إننا بحوادث الحركة ندفع الثمن وهو غالٍ بفقد هذه الأرواح إن ذلك مكتوب في اللوح المحفوظ (وما تدري نفس بأي أرض تموت)، وقبل أيام قليلة تعرضنا لابتلاءات عظيمة حيث فقدنا إبننا عبد الواحد في يوم واحد وبعدهم بيوم واحد فقدنا مازن محمد مبارك هذه الأحداث وهذا الرحيل المر المؤلم هجم علينا في ثلاثة أيام. هكذا أيها السادة والسيدات نحن لسنا أول ناس بدأ عندهم حدث الموت هازم اللذات ومفرق الجماعات ونحن بما قضى به اللَّه في رضاء تام والشكر للَّه سبحانه وتعالى الواحد العلام وهكذا كما قيل قديماً. رأيت الدهر مختلفاً يدور فلا حزن يدوم ولا سرور إن هذا الرحيل المر المؤلم لأبنائنا مهيد ومازن سيكون شفاعة للوالدين الأكرمين الذين صبروا وقالوا: (إنا لله وإنا إليه راجعون). أما فقيدنا عبد الواحد الراجل المقيم بيننا والذي يحسب أنه ذهب يحمل زاده من المكرمات من مواساة المرضى ونقلهم للعلاج وإكرام الجيران ومواصلة الأيتام ورضائنا نحن والده ووالدته وعفونا الكامل عنه كل ذلك سوف يجعله من الصديقين والشهداء والذين حضروا للعزاء والذين صلوا عليه صلاة الغائب بالحرم والذين أبرقوا وأهل خلاوي القرآن والطلبة الذين ترحموا عليه وما سجلته الصحف عنه، كل ذلك سوف يكون موضع شكرنا، أما الذين رثوه شعراً وكتبوا نثراً يصدر قريباً تجمع فيه كل هذه المراثي التي قيلت فيه وهكذا حال هذه الدنيا (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام).