قال ممثل حزب مؤتمر البجا للحوار الوطني هاشم محمد إنه إذا تقاطعت العملية الانتخابية مع الحوار الوطني فهذه كارثة.. وأضاف إن تشكيل الهيئة التشريعية القومية لجنة لدراسة تعديل دستور 2005 فيه تراجع ونقض للعهود والمواثيق، مبيناً أن تعيين الولاة من قبل الرئيس بدلاً من انتخابهم انتكاسة، وعن تقييمه لاتفاق شرق السودان قال إنه نقض للعهود والمواثيق، مبيناً أن الحكومة فشلت في الالتزامات تجاه شرق السودان، وأضاف قائلاً.. مشاركتنا شكلية وانسحابنا وشيك، وأردف قائلاً الوطني سقط في اتفاقية شرق السودان وحققت صفراً. أستاذ هاشم بصفتك ممثل حزب مؤتمر البجا في الحوار الذي دعا له السيد رئيس الجمهورية ما هي الرؤية التي طرحتموها للحوار الوطني؟ نحن في مؤتمر البجا خطنا واضح منذ عام «1958» ونحن دعاة للوحدة، وأيضاً خطنا واضح في سبيل التوصل للوفاق الوطني والتوافق في كل قضايا الشعب السوداني والوسيلة له الحل السياسي الشامل عبر وسيلة الحوار. فاتفاقية شرق السودان جاءت نتيجة للخيار الوطني عبر الحوار والتفاوض، فنحن نفتكر أن المشروع الوطني القومي في السودان فشل في تقديم رؤية واضحة لحل مشكلة السودان، وهذا الفشل تمحور في عدم الاستقرار السياسي وعدم الاستقرار الأمني، فهذه الحالة ظلت ملازمة للحالة السودانية قبل الاستقلال حتى الآن، فنحن رؤيتنا للحوار تتمثل في أنه لا بد من جلوس كل الفرقاء، القوى السياسية بمختلف توجهاتها كذلك الحركات المسلحة، ورؤيتنا تذهب إلى عدم استثناء أحد وعدم إبعاد أحد ولا بد أن تتوافر الإرادة السياسية لتنفيذ مخرجات هذا الحوار. أما الرؤية التفصيلية فإننا نجد أن الموضوعات التي طرحت في خريطة الطريق هي قضايا أساسية وجوهرية تخاطب المشكلة السودانية في كل محاورها. هل لديكم أية تحفظات على الأجندة التي طرحت على طاولة الحوار؟ ليس لنا أية تحفظات. فالأجندة التي طرحت تتحدث عن السلام والهوية والاقتصاد والعلاقات الخارجية، وهذه القضايا في نظرنا جميعها قضايا مهمة ورئيسة. في تقديرك هل يمكن أن ينجح الحوار في ظل التجاذبات التي تشهدها الساحة السياسية الآن؟ هنالك عقبات كبيرة جداً تعترض الحوار الوطني، أولاً توافر الإرادة السياسية لدى المؤتمر الوطني، وتأتي بعد ذلك قضايا إجرائية تتمثل في ما يطرحه إخواننا في الحركات المسلحة، وثالثاً هي مسألة الانتخابات والحكومة الانتقالية، وفي تقديري أن مسألة الانتخابات هي مسألة دستورية ولكن تكتسب أهميتها في أنها تأتي متزامنة مع وقت نحن السودانيين أحوج ما نكون فيه لمسألة استمرار الحوار حتى يحقق أهدافه، فهذه عملية انتخابية، فإذا تقاطعت مع هذا الحوار فإن المسألة سوف تصبح كارثة، ولكن من ناحية أخرى فهي حق دستوري ويجب أن ننظر لها من هذا المنحى، ولكن لا مانع أن يكون هنالك توفيق وتوافق حولها، ولكن أنا أقول إن هنالك عيباً في منهج المؤتمر الوطني في طرح العملية الانتخابية، فهو يطرحها من ناحية أنها ليست حقاً دستورياً وإنما يطرحها من ناحية توحي للشعب السوداني بأنها مسألة قادمة لا محالة وهذا لا يتوافق مع الجو العام الذي نسعى لتحقيقه جميعاً إلى تهيئة المناخ للحوار. نفهم من ذلك أنكم تطالبون بتأجيل الانتخابات؟ نحن نقول لا بد من التأجيل من منطلقات وطنية بحتة وليس من منطلقات حزبية. فالوضع الآن في السودان يتطلب ذلك. وأنا لا أتحدث عن الناحية القانونية فما هو الأهم؟! فهل الأهم أن نصل إلى توافق وطني واستقرار لكل مشكلات السودان عبر إقامة هذه الانتخابات، فهل سوف يتحقق ذلك؟ أم أن الأهم هو تأجيل هذه الانتخابات؟ فهذه هي دوافعنا عندما ننادي بتأجيل الانتخابات. أستاذ هاشم، كيف تنظر إلى خروج زعيم حزب الأمة الصادق المهدي ومقاطعته للحوار؟ السيد الصادق المهدي رجل مفكر، وكان من أكبر الداعمين لهذا الحوار حتى تسبب له ذلك في «تقديس» مواقفه الحزبية والشخصية، وتعرض لكثير من السهام في سبيل دعم هذا الحوار. أما إعلان باريس فقد اشتمل على مبادئ تصلح أن نؤسس عليها، فلماذا لا نأتي بإعلان باريس ونؤسس على إيجابياته من مبادئ ونترك الأخرى ونتحاور معه على هذا الأساس، كما نتحاور مع الحركات المسلحة في دارفور وقطاع الشمال. لذلك يجب إعادة النظر في مواقفنا فيما يتعلق بالصادق المهدي. شكلت الهيئة التشريعية القومية لجنة طارئة لدراسة تعديل دستور «2005» كيف تقرأ ذلك؟ هذا نكوص وتراجع ونقض للعهود والمواثيق، ونحن من جانبنا في مؤتمر البجا اتفقنا مع المؤتمر الوطني على ضرورة مراجعة الحكم الاتحادي في السودان في إطار مؤتمر تدعى له كل القوى السياسية، وتتم مناقشة مسألة الحكم الاتحادي في هذا المؤتمر لأنه إبان توقيع اتفاقية أسمرا كانت مسألة الحكم الاتحادي غير المتوازن مطروحة في دستور نيفاشا الحالي، وهو الدستور الانتقالي، وكنا نجد أن الجنوب يتمتع بحكم كونفدرالي، وكنا نجد المشورة الشعبية في النيل الأزرق وجنوب كردفان ومجلس التنسيق في شرق السودان، وكان هذا الوضع الفيدرالي محل ملاحظة ومحل اعتبار إبان مفاوضات أسمرا، واتفقنا على أن يكون هنالك مؤتمر لمراجعة الحكم الاتحادي يدعى له الجميع، فحزب مؤتمر البجا يؤسس نضالاته على وحدة السودان، ولكن وحدة السودان مشروطة بأن تكون هنالك فيدرالية في ظل حكم اتحادي، وتكون واضحة المعالم فيها تقويم واضح للسلطات، ولكن ما تم تحقيقه في ظل حكومة الإنقاذ كان أقل من هذا الطموح، ومن الملاحظات العامة على اتفاقية نيفاشا الإهمال لقاعدة الحكم الاتحادي لكل من المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، فلم يكن الحكم المحلي موجوداً، لذلك نجد أن تجربة قانون الحكم المحلي في السودان انتكست. أما سياسياً فقيادات القبائل والعشائر فهم يخضعون للخرطوم، وكذلك توجد قبائل في بعض الولايات رأسها ليس مع الوالي، وهذا دليل على أنه لم يكن هنالك نظام تنظيمي سياسي واضح للمؤتمر الوطني في كل ولايات السودان. ما موقفكم من تعيين الولاة من قبل الرئيس بدلاً من انتخابهم؟ هذه انتكاسة أخرى، فإذا كان الولاة في ثماني عشرة ولاية يتبعون للمؤتمر الوطني، فالصراع كان بين الولاة والمركز صراعاً تنظيمياً ولم يكن صراعاً فكرياً، وأنا أتحدث عن تجربة الولايات الشرقية في إطار الحكم الاتحادي المدعى بفشله، في شرق السودان فقد كان فشلاً في التخطيط والتطبيق والإشراف، وكان فشلاً سياسياً، فهذه التجربة لم يمارسها الشعب السوداني إنما مارسها حزب المؤتمر الوطني وفشل فيها، فمثلاً إذا تحدثنا عن الفيدرالية الحالية ففي إطار الحكم الاتحادي هنالك مفوضية تقسيم وتخصيص الإيرادات، فكل الرسوم والجبايات التي كانت تجمع من المشروعات والولايات تصفى هذا الصندوق، ولكن أين نصيب الولايات، وكيف نريد للحكم الاتحادي أن ينجح ولا يوفر له الدعم المادي المناسب، إذاً هنالك خلل في التخطيط وخلل في التنفيذ والتطبيق وخلل سياسي في إطار المؤتمر الوطني. بوصفك أحد قيادات شرق السودان البارزة، مضت ثمانية أعوام على اتفاقية الشرق وما زالت قضايا الشرق مطروحة، كيف تقيم هذا الاتفاق؟ اتفاق شرق السودان هو اتفاق نقض العهود والمواثيق، وهذا الاتفاق الآن يحتضر، والواقع في شرق السودان ينبئ عن ذلك، والمسؤول الأول في ذلك هو الوطني فهو قد بتر اتفاقية نيفاشا وتبقت له فرصة واحدة أمامه ليقول لكل العالم أنا ناجح ولست فاشلاً وهي اتفاقية شرق السودان، ولكنه سقط وحقق صفراً كبيراً، وهذه الاتفاقية ما نفذ منها خلال ثمانية أعوام يتجاوز كثيراً في الإحباط ما كان متوقعاً من إحباط عندما كنا في أسمرا إبان التوقيع. ونحن نقول إن الحكومة فشلت في تنفيذ الالتزامات تجاه شرق السودان، ونحمل الوطني المسؤولية أمام التاريخ وأمام إنسان شرق السودان، ونحن نطالب بتنفيذ هذه الاتفاقية في ظل أوضاع يتجه فيها السودانيون جميعاً إلى التوافق، وفي ظل توجه سوداني نحو الحركات المسلحة لجذبها للداخل، ولكن من الذي يثق في المؤتمر الوطني مرة أخرى، فهل الحركات تثق فيه واتفاقية شرق السودان »تترنح«، والآن طرحت تعديلات دستورية تتعلق بالحكم الاتحادي ومنها تضمين اتفاقية الدوحة في الدستور بينما اتفاقية شرق السودان التي تنص المادة «53» على ضرورة إدراج هذه الاتفاقية في الدستور لم يتم الحديث عنها بالرغم من أن اتفاقية الدوحة جاءت بعد اتفاقية شرق السودان. نفهم من حديثك أن صندوق إعمار الشرق لا يعمل وفق قانون؟ لقد كونا لجنة برئاسة المؤتمر الوطني لتقييم اتفاق شرق السودان، وفي جزئية تتعلق بالصندوق قدمت توصيات رفعت إلى رئاسة الجمهورية للتنفيذ، ولكن حتى اليوم لم تر النور، وأهم هذه التوصيات ضرورة أن يكون هنالك قانون يدير هذا الصندوق، ولكنا تفاجأنا عندما صرحت الحكومة بأنه لم يكن هنالك نص بهذا المعنى في الاتفاق، وعندما أريناهم النص تفاجأوا كأنهم لم يروا ذلك الاتفاق، وقالوا إنه موجود في الملحق. ومن هنا نقول إن هنالك قصداً من المؤتمر الوطني بألا ينجح ولا يكون له أي إنجاز في شرق السودان. وماذا بشأن ملف المسرحين، أين القصور فيه؟ هنالك معالجات تمت في إطار ولايتي كسلا والقضارف وهذا شيء مهم ويدعم الاستقرار في شرق السودان ويدعم الأمن في شرق السودان، ولكن في ولاية البحر الأحمر لم يتم تنفيذ هذا الملف حتى تاريخ اليوم. يرى بعض المراقبين أن الاتفاق لم يحقق نجاحات على أرض الواقع لأن هنالك قصوراً من الجهة الراعية للاتفاق «إريتريا»، كيف تفسر ذلك؟ نقول إن دولة إريتريا في ظل الواقع الإقليمي والدولي الموجود، انحازت للشعب السوداني، وأكبر انحياز للشعب السوداني هو أنه تم توقيع هذه الاتفاقية في أسمرا وهي لم تكلف الحكومة السودانية سوى أقل من ثلاثة أشهر، بينما التنفيذ الآن يتجاوز المدة التي استغرقها التفاوض. ودولة إريتريا دعمت الاتفاقية دعماً غير محدود ونحن نقول إن الوسيط قام بدوره كاملاً. هدد حزب مؤتمر البجا بفض الشراكة مع الوطني حال عدم تنفيذ ما تبقى من اتفاقية الشرق.. هل حزب مؤتمر البجا الآن ثابت على موقفه؟ بعد انتخابات «2010» جاءت مشاركة الحزب كسيحة وعاجزة عن الوفاء بالتزامات الحزب تجاه إنسان شرق السودان، وأنا اتفق مع الذين يقولون إن مشاركة الحزب ديكورية، وقد شعرنا بذلك عندما وجدنا عدم الإيفاء بالالتزامات تجاه شرق السودان. وأقول للذين ينادون بالانحساب، إنكم على حق. وحتى أكون أكثر صراحة أقول إن حزب مؤتمر البجا درس جدوى المشاركة في السلطة وتوصل إلى عدم جدواها ما لم تكن فاعلة وواسعة وقائمة على سلطات وصلاحيات، وأن تنفيذ مقررات المؤتمر الأخيرة بشأن الانسحاب قادمة لا محالة، ولم يتبق لها الكثير، والتواصل مع الوطني بشأنها لم ينقطع بعد سواء كان ذلك مباشراً أو عبر وسيط صديق للطرفين، وأقول إن الانسحاب بديل آتٍ لا محالة وهي مسألة وقت فقط.