قال الحق عز وجل وهو العزيز الغالب في سورة بدر «الأنفال» وسميت بسورة بدر لأنها نزلت يوم موقعة بدر الكبرى بين أئمة التوحيد «محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه» من جهة، وأئمة الشرك «أبو جهل وملأه» من جهة أخرى قال الحق عز وجل في تلك السورة «وأعِدُّوا لهُم ما استطعتُم من قوةٍ ومن رّباط الخَيْل ترهبون به عدُو اللهِ وعُدوّكم وآخرين من دُونِهِم لا تعلمُونَهُمُ اللهُ يعْلَمُهُم وما تُنفقُوا من شيء في سبيل اللهِ يُوفّ إليكم وأنتم لا تُظلموُن» هذه هي الآية الستين من سورة بدر «سورة الأنفال» التي نصر الله بها محمداً صلى الله عليه وسلم وهو في عِصابةِ «جماعة» قليلة من أصحابه، حتى أنه كان يدعو الله تعالى في ذلك اليوم يقول «اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلن تعبد في الأرض»، وكان في المقابل عدو هذه العصابة يفوقها بثلاثة أضعافها ويزيد، وكان مع العصابة القليلة الحق، ومع عدوها الكثير الباطل، فنصر الله الحق على الباطل، وزهق الباطل وجاء الحق.. كان مع الحق الإرهاب إرهاب القوة العادلة، وكان مع الباطل الشرك والكفر والظلم والطغيان الذي يخشى الإرهاب. إن الذي يجب أن يعيه عقل الجيل الإسلامي «جيل الحق القادم» «جيل الصحوة الإسلامية القادم» «جيل الحركة الإسلامية العامة» إخواناً وسلفيين وصوفية»، أن الإرهاب ليس كله شيئاً منبوذاً، بل الحقيقة الصريحة أن الإرهاب شيئاً محموداً إلاّ قليلاً منه، والقليل المنبوذ منه يكون حين يتجه شره إلى إلحاق الضرر بناحية من نواحي الصف الإسلامي، أو يؤذي معاهداً أو مستأمناً أو حليفاً لا يصد الدعوة ويتصيد الدعوة وأهل الدعوة وديار الدعوة.. وجغرافية الدعوة في الإسلام العالم كله، وديمغرافية الدعوة في الإسلام تشمل بني البشر.. بني آدم كلهم. إن مقاصد مدلول ومصطلح الإرهاب في الإسلام لم تأتِ مجرمةً، وإتيان الإرهاب وفق هذه المقاصدية الدِلالية ليس جريمة وجريرة يعاقب عليها القانون والعرف وقبلهما الشرع، وهي حقيقة فكرية وثقافية يلزم أن تدركها الأنظمة السياسية الحاكمة في بلاد الإسلام والعرب والأنظمة المعارضة لها.. وهناك فرق في وجه الدِلالة لمعنى الإرهاب بين مفهومي الإسلام الذي فيه الإرهاب قوة العدل، وعزة الحق، وإرادة دعوة، ونصرة حق، وهزيمة باطل، وبين وجهة نظر الغرب الكافر الذي يراه جريمة!! لماذا لأن الكفر والشرك يكرهان انتصار قوة العدل.. وانتصار عزة الحق.. وانتصار إرادة الدعوة.. وانتصار نصرة المظلوم بالحق.. وانتصار عزيمة هزيمة الباطل بالحق.. هذا هو الفرق، وبهذه المعادلة يصير كل الإسلاميين الآخذين هذه الصفة من الإسلام «الحركة الإسلامية العامة» «إخواناً وسلفيين وصوفية» في نظر الغرب وأمريكا وإسرائيل إرهابيين!! وهذا هو الذي أخرج القاعدة وداعش وسيخرج من هو أشد منهما، لأن طينة هذه الأمة التي تقبل التحدي.. لن يقضي عليها.. ولن يجهز عليها.. ولن تصرع حتى تبلغ المرام.. والمرام ما أخذ منها بالقوة وقانون القوة وليس قوة القانون ينبغي أن يعود بالقوة... القدس والأقصى أُخذا بالقوة وينبغي أن يعودا بالقوة.. العالم الإسلامي والعربي الذي مزق بالقوة.. قوة الاحتلال الباطشة الجائرة إلى دويلات وجغرافيا ومناطق ينبغي أن يتوحد مرة أخرى بالقوة.. قوة الإيمان والإرهاب المشروع الذي يأبى للأعراض والديار والديانة أن تُضام.. والخلافة الإسلامية فُرّق دمها النابض في شريان الأمة بالقوة، فلا سبيل لعودتها إلاّ بالجهاد والدماء وقوة الإرهاب العادلة.. اقتصاد الأمة نهب وسرق بالاحتيال والخداع وينبغي أن يعود إلى ديار الأمة بالقوة. إن تنامي موجة حظر الجماعات الإسلامية السياسية والدعوية التي بدأت تتشكل هنا وهناك بإصدار النشرات والقوائم والبيانات يليها التجريم والملاحقة والاعتقالات وحظر الحسابات ومصادرة الجوازات والتهديد بسحب الجنسيات وحل الجمعيات والأحزاب، هي في الواقع مؤامرة العدو التي بلغت مرحلة التمرير والتطبيق، لحصار الإسلام وإنهاء موروث الشعوب الديني والتاريخي والحضاري.. والتخويف بقطع العلاقات وتوتر العلاقات هدفه الدفع بشأن هذا الاتجاه الخاطل الجديد إلى ساحة التعميم في العالم الإسلامي والعربي متجاوزاً الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي للواقع المعيش، والدفع به نحو العولمة الهالكة.. إن الثور الأسود فقد أخاه الثور الأبيض، وفقد الثور الأسود نفسه ساعة أدرك أنه فقدها يوم فقد أخاه الأبيض ويظل «الإخوان والسلفيون والصوفية» في نظر الغرب الكافر وأمريكا وربيبتهما إسرائيل، و «عمال مناجمهم» المنفذين لسياسة الغرب «حكاماً» وتلاميذ ومغرر بهم.. يظل هذا الثالوث «الأخوان والسلفيون والصوفية» في نظرهم وجهاً واحداً لعملة إرهابية واحدة، لا يفرقون بينهم إلاّ عندما يريدون فك قوى التماسك بينهم، فيبدأون بالأول يقضون عليه بمعاونة الثاني تحت دعاوي الحرب على الإرهاب والإرهاب هو الإسلام رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ثم تأتي مرحلة القضاء على الثاني، فينشدون معاونة الثالث، ثم يقضى على الثالث بسهولة وقد صار وتراً.. تأبى الرماح إن اجتمعن تكسراً.. وإن تفرقن تكسرت أحادا.. إن الحقيقة التي ينبغي أن يتوخاها جيل الإسلام الراشد جيل الدعوة الشاملة.. جيل الحركة الإسلامية العامة.. حركة تحريك شرائح المجتمع كله.. حركة البعث الجديد أن السياسة والدعوة وهموم الاقتصاد والاجتماع والفكر «سبيكة» واحدة يخرج منها المسلم الملتزم الصالح.. والمسلم الملتزم الصالح سياسي بامتياز.. والإسلام كله سياسة وليس جزئية صغيرة مجزأة تسمى الإسلام السياسي، لأنه في المقابل لا يوجد الإسلام الاقتصادي، والإسلام الدعوي، والإسلام التربوي.. ولن يوجد، لأن الإسلام منهج حياة شامل كامل تام، من ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وجعل الهوان والذل على عنقه، والأغلال والقيود على يديه ورجليه، والبلادة والبلاهة على عقله، والغفلة على قلبه، وعاش في ركنٍ قصي على السفح مع بغاث الطير ولم يتسلق جبال العزة والكرامة يوماً في حياته التي لا تعرف سوى حياة الانطواء والذل. إن حظر الجماعات الإسلامية السياسية والفكرية والقوى الاجتماعية والدعوية تحت دعاوى الإسلام السياسي والإرهاب، يأتي اليوم في إطار تنفيذ مرحلة من مراحل التآمر على الأمة، وهو بالتالي خطر.. وأعظم خطر يهدد هوية الأمة ومستقبلها الحضاري.. وهو حظر خطط له أن ينفذه بعض سدنة الحكم الانقلابي والطاغوتي والجبروتي الخارج على معايير الحرية والشورى والعدل والديمقراطية والإصلاح الاجتماعي. إن دعوته تعالى ونداءه في القرآن الكريم للأمة ب «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا».. هي دعوة الإسلام أولاً لتوحيد الجبهة الداخلية للأمة، لتواجه مجتمعة عدوها المشترك، ووحدة صف الأمة الداخلي مقدمة لتجاوز تحدياتها الداخلية في قضايا الاصلاح العقدي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والتربوي والأخلاقي بمنهج واضح المعالم تقره وحدة المصير والوجهة الواحدة.