حينما قررت الولاياتالمتحدةالأمريكية معاقبة السودان بحظره اقتصادياً، لم تجد بداً من إعفاء سلعة الصمغ العربي من دائرة هذا الحظر، واستثناء هذا المحصول النقدي المهم من العقوبات على السودان له الكثير من المعاني والدلالات التي تؤكد أهميته بالنسبة للولايات المتحدة ودول أوربا، حيث يستعمل هذا المحصول الذي يُستخرج من جذوع وأغصان أشجار الطلح والهشاب التي تنتشر على مساحات واسعة خاصة في ولايتي كردفان ودارفور، كمادة مثبتة للنكهات في كثير من المنتجات الغذائية، كما يعتبر مادة رئيسة في صناعة المشروبات الغازية ومستحضرات التجميل، مثل إنتاج العطور ومواد التجميل الأخرى، ولهذا استثنته الولاياتالمتحدة من العقوبات التي فرضتها على السودان قبل أكثر من 17 عاماً. ويمتد حزام الصمغ العربي في السودان في مساحة ربما تزيد عن الخمسمائة ألف كيلو متر. ويعتبر السودان من أكبر الدول المصدرة لهذه السلعة، ويأتي في مقدمة دول العالم إذ ينتج 80% من الإنتاج العالمي، وقد كشف مختصون وأطباء أن الاكتشافات العملية بشأن أهمية وفوائد الصمغ العربي متواصلة، بعد أن أصبح يشكل علاجاً لكثير من الأمراض المزمنة، ويرى عدد من خبراء الاقتصاد ان السودان بإمكانه التربع على عرش الدول المصنع للأدوية من خلال إنتاجه العالي للصمغ العربي. وقالوا إن الدولة مطالبة بالمزيد من الاهتمام بالمنتجين من اجل الاستفادة القصوى من هذا المحصول المهم الذي يعتبر من المحاصيل الإستراتيجية، فيما كشف رئيس اتحاد منتجي الصمغ الغربي بولاية شمال كردفان أحمد بشير شقوري عن إنتاج كبير للصمغ العربي هذا العام بولايته، وقال إنهم متفائلون بذلك بعد أن قطعت عمليات طق الصمغ في عدد من المناطق شوطاً بعيداً في الأسابيع الماضية، وأضاف أن كل المؤشرات تؤكد أن الإنتاج سيكون عالياً خلال هذا الموسم مقارنة بالأعوام السابقة، وأشار شقوري إلى هنالك ترتيبات وخطة محكمة للاهتمام بالإنتاج والمنتج معاً، وذلك للإيفاء بالطلب العالمي المتزايد للصمغ العربي السوداني، مطالباً الدولة والشركات العاملة في مجال الصمغ العربي بإيلاء المنتجين مزيداً من الاهتمام من خلال تذليل المشكلات التي تواجههم وتحديد أسعار مجزية باعتبارهم يمثلون العمود الفقري في عملية إنتاج الصمغ العربي، ويتحملون مشاقاً ومخاطر أحياناً في عملية طق الصمغ. وكانت بعض الشركات الغربية قد أبدت مخاوفها قبل حوالي عامين من تأثير التمرد وهجماته على مناطق إنتاج الصمغ العربي في السودان إثر هجوم الجبهة الثورية على مناطق أم روابة وأبي كرشولا، وطالبت بضرورة حماية المنتج والإنتاج حتى لا يتضرر حزام الصمغ العربي في كردفان والنيل الأزرق. فيما قال بعض المراقبين إن المنتجين يأملون في أن يسترد الصمغ العربي عافيته بعد الاهتمام الحكومي الكبير في الفترة الماضية، مما يحقق الفائدة للاقتصاد الوطني وللمنتجين، وأضافوا أن استرداد هذا المحصول لعافيته من شأنه أن يدعم الاقتصاد القومي ويسهم كثيراً في تخفيف أعباء المعيشة من خلال إتزان موازنة الدولة، وطالب المراقبون الدولة بالمزيد من الحماية لغابات الصمغ العربي من الإهمال والقطع الجائر في بعض المناطق، إلا أن شقوري أبدى تفاؤلاً كبيراً بمستقبل الصمغ العربي، وقال إن السودان سيحافظ على مركزه المتقدم في إنتاج هذا المحصول، متمنياً أن تتم الاستفادة القصوى من المحصول في التصنيع حتى يزداد دخله في الاقتصاد القومي.