ليست رائعة شاعرنا التيجاني سعيد، ولا الرحيل عن زولاً نسى الألفة.. بل الرحيل عن بلد نصبح فيه كل يوم في قلق مختلف.. هم مختلف.. وكل قلق يجدد فينا خيار الرحيل؛ الذي أصبح هاجساً وحلماً يصحو وينام عليه الكثيرون.. الرحيل عن الوطن بقدر مافيه من هزيمة الا انه لا بد منه أحياناً حينما تكون رؤيانا لمقبل الايام غير واضحة المعالم وحينما نفقد ركيزة ما في حياتنا.. وحين نفتقد المهارة والقدرة والتدريب على مجابهة مطبات الأيام ومصاعبها ومستجداتها.. حين نفتقد وطنا يقف على احتياجات ابنائه.. وطن يرسم خطوط المستقبل وبرؤية ونظرة مدروسة.. نعلم تماماً ألم الرحيل والبعد، الغربة وما يمكن أن نجابه من مصاعب، لكنه شر لا بد منه لكي لا تتجذر فينا سلبيات البلد.. نبعد لكي نحن ونشتاق لكي نكتسب المهارة والقدرة والقوة لتحريك ساكن ما في الوطن.. من المسؤول عن الإحساس بفقدان القدرة على الاستمرار عن رهق المواطنة الذي يصيبنا داخل الوطن ..؟؟ سؤال نكاد نعرف إجابته..! الإمام الشافعي يقول: سافر تجد عوضا عمن تفارقه وانْصَبْ فإن لذيذ العيش في النَّصب إني رأيت ركود الماء يفسده إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب والمصري حمزة قناوي يقول: قلبي يُراوِدُهُ الرَّحيلُ إلى نِهَايَاتِ الغِياب حُلمي تُرَنِّحُهُ الفُصُولُ فَمن لَهُ في هذه الأرضِ الجديبة ترتوي الأحلامُ فيها من ينابيع السراب قلبي يُراوِدُهُ الرَّحيلُ إلى اتساعاتِ المَدَى هذي المفاوزُ خلفَها لاحَ النَّدَى هذي المدائنُ تستحيلُ إلى خَرَاب! حُلمي يُبَعثَرُ في المرافيء والمَفَارق والدروب.. .. تقاسَمَتهُ الريحُ حيث مضت قدري كما قدرُ السحاب وقتٌ يُلَوِّحُ للرحيل عن الجذورِ إلى الغمام بلا إياب. .. الرحيل بين الحلم الذي يراود والشروع فيه.. حسابات الواقع والمستقبل والطموح والأبناء والوطن والحنين.. معادلة تلزمنا!.