فيما شكلت قضية تشغيل الخريجين اهتماماً كبيراً لدى قيادات الدولة ما أدى إلى تكوين مجلس أعلى لتشغيل الخريجين بإقامة مشروعات مختلفة، وضرورة البحث عن وسائل وسبل لتمويل هذه المشروعات، جاءت فكرة الشراكة الذكية مع البنوك في قيام مشروعات لتشغيل الخريجين كواحدة من الحلول التي اتبعتها الجامعات السودانية للمساهمة في حل هذه القضية الشائكة بإقامة مشروعات استثمارية تضم الطلاب الذين لم تستوعبهم الخدمة العامة والمدنية، لجهة أن كثرة الجامعات عقب الثورة التعليمية جعل الجامعات السودانية والمعاهد العليا تقوم بتخريج أعداد كبيرة من الطلاب سنوياً تقدر بأكثر من «80» ألف طالب، فيما تستوعب ميادين العمل بالخدمة العامة القليل جداً من هذا العدد ليصبح التحدي ماثلاً أمام الحكومة في ضرورة إحداث معالجة سريعة لهذا الأمر، الشيء الذي جعل جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا تلتقط القفاز في الفترة الأخيرة لتعلن جاهزيتها لافتتاح مشروعات تشغيلية«حاضنات» تضم خريجي الجامعة من الكليات المختلفة، ويفتتح السيد نائب رئيس الجمهورية الدكتور حسبو محمد عبد الرحمن الثلاثاء القادم مشروعات وحاضنات الخريجين بحلة كوكو بشراكة ذكية مع بنك الأسرة، وتقدر تكلفة المشروع أكثر من ملياري جنيه. وأكد د. عوض الله طيفورعلي نائب وكيل الجامعة في إفادات ل«الإنتباهة» ان الجامعة قامت بإنشاء حاضنات بمجمع كليتي الطب البيطري والإنتاج الحيواني بحلة كوكو، لهذا الغرض تحديداً كما أن هناك حاضنات ما زالت تحت التأسيس، ومن الحاضنات التي أنشئت حاضنة الدواجن الأساس والحاضنة الأسمنتية، بجانب الحاضنة الجلدية، وفي الطريق حاضنة الحاسوب لتصنيع وتجميع اللابتوبات والكمبيوترات، وأيضاً حاضنة الأسماك وحاضنة النحل والعسل، وكذلك تصنيع المواد الغذائية والخضروات واللحوم المجففة، وحاضنة الخزف. مؤكداً أن الجامعة تخرج سنويا أكثر من (11) ألف طالب، وأن العدد يمثل تحدياً كبيراً. وأكد طيفور أن فكرة الحاضنات أتت لأن الوظائف الحكومية لا يمكنها استيعاب هذا العدد الكبير من الخريجين. مضيفاً بأن الأيام القادمة ستشهد تدشين وافتتاح بعض الحاضنات كحاضنة الدواجن التي كانت شراكة مع بنك الأسرة وتتكون من 3 حظائر، فيما تستوعب الواحدة منها 22 خريجاً، وفترة حضانة الخريج من سنتين إلى ثلاث سنوات، ويتم فيها إعداد الخريج لسوق العمل بالتأهيل العملي والإداري والعلمي، من بعد للمجتمع. وقال إن الحاضنات يشرف عليها مجلس إدارة ومدير للحاضنة من أعضاء هيئة التدريس، وأن حاضنة الدواجن الواحدة تنتج الفراخ اللاحم وسعة الحظيرة تصل ل(52) ألف فرخة، وإجمال إنتاج الحاضنات يصل ل(156) ألف فرخة في الدفعة الواحدة. وأضاف طيفور أن المشروع يحقق النهضة الشاملة للاستثمار وإتاحة فرص عمل للخريجين وتحريك الاقتصاد ومحاربة العطالة، وأن الافتتاح سيشرفه قيادات الدولة على مستوى رئاسة الجمهورية والمجلس الوطني ورئاسة مجلس الوزراء والتعليم العالي ووزارة الرعاية الاجتماعية والعمل، وبحضور إدارة الجامعة، كما أن هناك يوما مفتوحاً يتم الوقوف فيه على المشروعات التي اكتملت وتقديم تصور للمشروعات المستقبلية. وقال د. طيفور إن أهم المشكلات التي تواجههم هي مسألة التمويل والتمويل الأصغر، ونحن ندعو ألا يتم التعامل مع الطالب على أساس أنه عميل عادي لأنه ما زال خريجا، وحاولنا في الجامعة أن يكون هناك مدير للمشروع حتى نضمن الجانب المالي وتسييره. فالاستثمار في السودان معدل الخطورة فيه ليس بالرقم الصغير. وأكد د. طيفور أن المشروع شراكة بين بنك الأسرة والجامعة، بوجود ثلاثة أعضاء من كل جانب، إضافة لمدير الحاضنة، وأوضح طيفور ان كل خريجي الجامعة يتم استيعابهم في مشروعات الحاضنات المختلفة، فبينما تستوعب حاضنة الدواجن خريجي الطب البيطري والإنتاج الحيواني إضافة لقسم الإنتاج الحيواني في كليات الدراسات الزراعية، فإن الحاضنة الأسمنتية تستوعب خريجي الهندسة المدنية وهندسة المعمار، كما أن حاضنة الأخشاب تعمل على استيعاب خريجي الغابات، وحاضنة الأساس تستوعب خريجي كلية الفنون الجميلة والتطبيقية، وكذلك كلية العمارة والتخطيط. أما حاضنة الحاسوب فهي تستوعب خريجي هندسة الحاسوب وعلوم الحاسوب وحاضنة الخزف تستوعب خريجي الفنون قسم الخزف، وحاضنة المواد الزراعية كلية الزراعة قسم التغذية. مشيراً إلى أنه وعقب نيل الخريج فترته المحددة يتم استبدالهم بآخرين جدد عقب فترة تدريبية تصل لثلاث سنوات بعد أن اكتسب بعض المال ليعينه على إدارة أعمال خاصة به. وحول شكوى وتذمر جهات ذات صلة بالاختصاص من تدني مستوى خريجي الكليات وتحديداً الهندسة بالجامعات السودانية وأنهم أصبحوا دون المستوى يقول طيفور مدافعاً إننا لا نستطيع أن نحكم بالشكل المطلق بتدني المستوى، ولكن نقول كلما كثرت أعداد الخريجين، كان التحصيل ضعيفاً لأن ما يناله عدد قليل من الطلاب في كلية ما لا يساويه الآخر. بيد أنه يقول إنهم في الجامعة يقدمون تعليماً مستمراً وتوريد أجهزة عالية المستوى وواعين بهذا الأمر مما جعلهم يتميزون عن غيرهم، وأضاف نقوم بتطوير المناهج وتفقد المعامل دورياً بالتأهيل، أما بالنسبة للطلاب فمستواهم أراه متطوراً لأنه حصل تطور في التكنولوجيا، ولدينا طلاب نافسوا في مشروعات عالمية ونالوا جوائز عليا، وأنهم مطمئنون تماماً لما يقدمونه. وأوصى وكيل جامعة السودان الخريجين الذين أتتهم الفرصة بالعمل في الحاضنات بأن يكونوا مثال حسن، ويجودوا عملهم حتى لا تهزم الفكرة، داعياً البنوك باستمرار التمويل.