من المظاهر اللافتة للنظر وتطبع على أعمال المجلس التشريعي لولاية الخرطوم ظاهرة غياب البرلمانيين عن حضور الجلسات العامة واجتماعات اللجان، ورسّخت صورة المقاعد الفارغة في قاعة المجلس موقفًا شعبيًا سلبيًا تجاه العمل البرلماني، وهزت مصداقية المؤسسية في العمل العام، ولعل نسبة حضور النواب المنتخبين بالمجلس لتمثيل المواطن في البرلمان لم تبلغ أقصاها حتى الآن منذ بدء دورة الأعمال الحالية على الأقل خاصة وأن المجلس في باكرة أعماله، ويعتبر غياب البرلمانيين إخلالاً بمسؤولياتهم تجاه المواطن خاصة وأنهم متفرغون ويتقاضون في مقابل ذلك تعويضًا ماديًا لأجل تمكينهم من التنقل وتحمل أعباء المعيشة والإقامة إذ لا يبقى لهم مسوغ أو مبرر لغيابهم المتكرر بحسب بعض النواب المداومين على الحضور حتى إن بعضهم وصف غياب زملائه بالتصرف غير المسؤول. وزراء بالعدد منذ بداية أعمال المجلس في دورته الحالية لم تملأ مقاعد الوزارء التي خُصِّصت لهم من قِبل الحكومة خاصة في الجلسات الأولى التي يتم فيها التداول حول خطاب والي الخرطوم الخاص بأداء الولاية في فترة محددة لمعرفة أوجه الخلل والمشكلات والاستماع إلى مقترحات وملاحظات النواب والتي هي بكل حال «لسان حال المواطن» حول الأداء ومدى امكانية تنفيذ المشروعات التي وُضعت لمحاربة الفقر بالولاية والقضاء على مشكلات التعليم والصحة والخدمات، سيما أن الولاية مجابهة بحزمة من التحديات وقد تعرضت لعدد من المطبات على شاكلة أزمة المواصلات وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بشكل مخيف إلا أن الوزارء المعنيين بولاية الخرطوم لا يحرصون على حضور الجلسات بانتظام حتى ولو كان النقاش في الجلسة يخص الوزير المعني المطلوب منه أن يكون حاضرًا لأعمال تلك الجلسة. لوائح للغياب ويرى رئيس المجلس التشريعي محمد الشيخ مدني أن غياب النواب في الغالب لظروف خاصة بالنواب لأسباب مختلفة، وأكد أن لوائح الغياب بالمجلس تنص على فرض عقوبات على النواب حال تكرار الغياب بدون عذر واضح وتصل العقوبة إلى مرحلة فصل النائب من المجلس، وأن حضور النواب منذ بداية المجلس تجاوز 50% خاصة أن المجلس فقد بعض النواب بسبب وفاتهم بجانب إسقاط عضوية النواب الجنوبيين بعد عملية انفصال الجنوب وتعيين أعضاء آخرين في مواقع دستورية أخرى، بينما حثَّ نائب رئيس المجلس الفريق بلية النواب على الحرص على حضور الجلسات والالتزام بذلك سيما وأن النائب يمثل المواطن في دائرته وهو الناقل لهموم ومشكلات ذلك المواطن، وقال إن المجلس في دورات سابقة لجأ إلى اتخاذ إجراءات صارمة تجاه النواب الذين تغيبوا عن الجلسات وصلت حتى عشرة نواب تغيبوا لأكثر من خمس جلسات وتم خصم علاوتهم التي يتلقونها مقابل حضور الجلسات. غياب وسط الحضور ويلاحظ مشاركة نواب محددين في إبداء الملاحظات حول مشروعات القوانين التي تقدم للمجلس لإجازتها وتأخذ الجلسات سخونة الأوضاع التي يعيشها المواطن، وبرزت أسماء بعينها بكثرة إلحاحها على المجلس لتعديل القوانين لتساهم في حل الأزمات، وبالمقابل توجد أسماء لم تشكل أي حضور في المشاركة في نقاش الجلسات وتقديم اقتراحات لصالح المواطن الذي اختارها لتمثيله في البرلمان والمطالبة بالحقوق التي نص عليها الدستور، واكتفى أولئك النواب بتسجيل أسمائهم على دفتر الحضور فقط ورفع أيديهم بالموافقة على إجازة القوانين دون إبداء رأيهم فيما إذا كانت هذه القوانين تستطيع أن توفر للمواطن حقوقه وتصينها له أم لا؟ خروج مبكر وبجانب الغياب المتكرر لبعض النواب بدأت ظاهرة أخرى تطل برأسها داخل المجلس متمثلة في استئذان بعض النواب من رئيس الجلسة ومغادرتهم المجلس قبل انتهاء الوقت المحدد للمداولة والخروج برؤية واضحة حول الموضوع المقدَّم، دون الالتزام بلوائح المجلس. نائب فضل حجب هويته أبدى تحسره على غياب زملائه عن أعمال المجلس، ورهن جدية قيادة المجلس بمحاسبة أولئك النواب وفق اللوائح دون محاباة، وعاد وشكك في إمكانية أن تطول العقوبات بعض النواب الذين وصفهم وبشيء من السخرية بالنواب «السوبر»!! على كلٍّ ظل غياب نواب أهم المجالس التشريعية بالبلاد محل سخرية، وذهب البعض إلى أن الأمر يصب في مصلحة حكومة الولاية التي لا تجد من يحاسبها!! وإن كان الأمر بمثل هذا الفهم هل من علاقة بين حكومة الخضر وغياب النواب؟