مهما كانت قساوة الحكومة فإنها تظل أكثر رحمة بمواطنيها من القطاع الخاص، فالحكومة لا تقسو إلا إذا اضطرتها الظروف، أما القطاع الخاص فلا يهمه سوى مصالحه وأرباحه وإلا فالطوفان. خير نموذج للبكائية أعلاه ما يسمى بشركة الكهر باء وهي شركة خاصة خرجت من رحم الحكومة ممثلة في وزارة الكهرباء والسدود وهذا النسب في حد ذاته يحتاج الدماغ ل «قهوة» لكي يستوعبه أو يجد له تفسيرًا. «ماعلينا» فما يهمنا هو أداؤها الذي أصبح مثار شكوى المواطنين حتى في قلب الخرطوم ناهيك عن الأطراف والولايات، وإذا غضضنا الطرف عن القطوعات المتكررة التي لم يجد «الحاوي» لها تفسيرًا في ظل «الجمرة الخبيثة» التي تعني أن من حق المواطن الاستمتاع بالخدمة لأن قيمتها مدفوعة مقدمًا ولا يجوز انقطاعها إلا حال انتهائها ولكن الشركة لاتهتم لحق المواطن وفي نفس الوقت لا تتهاون في حقها. التذبذب المستمر في التيار الكهربائي ألحق أضرارًا جمة بالأجهزة الكهربائية داخل المنازل، فقد اتصل بي بعض المواطنين في الدروشاب وجبل أولياء وخاصة قرية «أم رباح» يشكون مُر الشكوى من الخسائر الكبيرة التي تعرضوا لها جراء عدم «انضباط» الكهرباء وقد اتصلوا بالشركة وفتحوا بلاغات ولكن الأخيرة ظلت تمارس سياسة سد الأذنين «دي بي طينة ودي بي عجينة»! والسؤال من يتحمل خسائر أولئك القوم؟ وهل في قاموس الشركة ما يسمى بالتعويض ؟ الجدير بالذكر أنه بعد الأعطال المتكررة والبلاغات المتكررة كذلك و«طناش» الشركة لجأ بعض المواطنين ممن لديهم خبرة ولو قليلة بإصلاح الأعطاب وهذا في حد ذاته يشكل خطورة كبيرة فمن يتحمل المسؤولية كذلك لو حدثت خسائر في الأرواح والممتلكات. معلوم أن مكالمات الطوارئ مجانية ولكن بلاغات شركة الكهرباء عن الأعطال عبر الهاتف ب «فلوس» وأي فلوس!! وإليكم هذه القصة .. يتعرض الخط الذي ينقل الكهرباء لمنزلنا وبعض المنازل لعطل فاتصلنا في إحدى المرات بالشركة ولكن لم «يعبِّرنا» أحد.. وفي اليوم الثالث تبرع مواطن بإصلاح العطل! وفي مرة ثانية تعرض الخط لعطل آخر فاتصلت بالرغم« 4848» فجاءني صوت «بت الكمبيوتر» مرحبًا طالبًا مني الانتظار لحين توفر موظف ليرد على مكالمتي ثم وضعتني في الانتظار ولسان حالها يتمنى لي الاستمتاع بالموسيقا المنبعثة عبر سماعة الموبايل «كاني ناقصة حريق أعصاب» وبعد مدة جاءني صوت موظف عرّفته بنفسي وبكوني صحفية رئيس قسم تحقيقات «يعني المشاكل ما بنفتش ليها» وأخبرته عن الخط المتأثر دائمًا فأبلغني أن هناك مشكلة في خط جبل أولياء وهم الآن يعكفون على حلها وبالفعل حضر تيم الكهرباء لإصلاح العطل صبيحة اليوم التالي ولكن أتدرون كم خصمت مني شبكة الاتصالات التي أشترك فيها؟ قرابة الثلاث آلاف جنيه مع أن مدة المكالمة الفعلية لا تتجاوز الدقيقة وإذا أضفنا إليها الزمن الذي استهلكته «بت الكمبيوتر» وزمن الموسيقا الرسمية تصبح حوالى أربع دقائق «يعني مدة المكالمة كووولّها ما فايتة ليها جنيه»! مع العلم أن تلك كانت مكالمة طوارئ وهي مجانية في كل العالم والسؤال كم يدخل لخزينة شركة الاتصالات من مال حرام يدخله عليها الرقم «4848»؟ ثم لماذا تترك شركة الكهرباء زبائنها نهبًا لشركات الاتصالات؟ أما كان من واجبها أن تسوي الأمر مع شركة الاتصالات فتجعلها مجانية أو تتحمل قيمتها تخفيفًا على زبائنها فتعامل الرقم أعلاه معاملة صندوق الشكاوى؟ نحتاج إلى فتوى حول هذا السلوك!